تضرب الأراضي الفلسطينية والمنطقة عاصفة قوية، تأتي على سكان غزة وهم في أصعب أحوالهم، وما زاد محنتهم أنها تتزامن مع أزمة الكهرباء الخانقة التي باتت "تزور" الغزيين، أربع ساعات يوميا على أحسن تقدير.
وتجمعت أشكال الألم والبؤس على أصحاب البيوت المدمرة في قطاع غزة، نتيجة البرد القارس وتدهور أزمة الكهرباء إلى أصعب مراحلها، في مراكز اللجوء، وعلى أنقاض المنازل التي دمرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة، التي استمرت 51 يوما.
مدارس اللجوء وأماكن تواجد عشرات آلاف أصحاب البيوت المدمرة من شمال قطاع غزة حتى جنوبه بدت قاتمة السواد، نتيجة المنخفض الجوي القاسي الذي يضرب القطاع، إلى جانب الانقطاع المتواصل للكهرباء.
متربعا على أنقاض منزله المدمر في حيّ الزيتون، جنوبي مدينة غزة، جلس المواطن أبو محمد المتربيعي (58 عاما)، وحوله عدد من أحفاده، بعد أن أوقد لهم الحطب للتدفئة، بعد أن فقدوا منزلهم المكون من ثلاث طبقات، وقد بدت أجسادهم الصغيرة ترتعش من المطر والبرد الشديد.
ويوضح المتربيعي لـ"العربي الجديد"، أن وضعهم المأساوي يتدهور منذ أربعة شهور، بعد أن استهدفت الطائرات الحربية الاسرائيلية منزلهم في منتصف شهر أغسطس الماضي، مبينا أنه بات يشعر أنه ضيف ثقيل على أقاربه، الذي استضافوه خلال تلك الفترة.
ويبين أن دخول فصل الشتاء وتدهور أوضاع التيار الكهربائي زاد من معاناته ومعاناة عائلته التي تعاني أصلا جراء النزوح، وقال: "زادت تلك المستجدات الطين بلة، وضاعفت معاناتنا، وبتنا لا نعرف من أين نتلقى الهموم والصعاب".
المتربيعي توجه بالنداء الى أصحاب القلوب الرحيمة وصناع القرار من حكومة وفصائل، للتحرك الفوري من أجل إيواء من فقدوا منازلهم، وتوفير الحياة الكريمة لهم، وقال: "نحن في خطر شديد، ونتعرض للموت البطيء، أنقذونا من مصيبتنا".
ويقول الشاب هاني كرم من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، والذي فقد بيته خلال المجزرة الإسرائيلية في حي الشجاعية والتي راح ضحيتها أكثر من مائة شهيد، إنه لم يعد يطيق المبيت في مدارس اللجوء نتيجة البرد الشديد، والانقطاع المتواصل للكهرباء.
ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن أوضاع أصحاب البيوت المدمرة غير إنسانية، وأن أحوالهم يمكن وصفها بأصعب الصفات، ويضيف متسائلا: "كيف يمكن للمسؤولين النوم في منازلهم، تحت أغطيتهم السميكة وأمام مكيفاتهم الدافئة، ونحن نموت بهذا الشكل المخزي".
أما صديقه محمد السدودي، والذي بدا حانقا على الوضع الذي يمر به، فقال: "أطالب جميع المسؤولين ومن يملك قلبا حيا أن يأتي ليشاهد البيوت المدمرة وأوضاع أصحابها في هذا البرد المخيف، عليهم جميعا أن يتحركوا فأوضاع عائلاتنا لا يمكن السكوت عنها".
ويوضح السدودي، وهو أب لثلاثة أولاد وطفلة، أنه يخشى أن يفقد أولاده في هذه الأجواء، خاصة مع انقطاع التيار الكهربائي وعدم توافر الكهرباء إلا ثلاث ساعات يوميا، مستذكرا حوادث الحرق التي راح ضحيتها أطفال في غزة نتيجة أزمة الكهرباء.