غزيّون هجّرهم الاحتلال من بيوتهم.. ليحوّلها ركاماً

غزة

يامن سلمان

avata
يامن سلمان
06 اغسطس 2014
D2AB8617-B11E-4F60-9033-7C83CE5F6821
+ الخط -

بدأت الهدنة التي حُدّدت باثنتَين وسبعين ساعة في غزّة. فتوجّه عبد الله سهمود (40 عاماً) إلى منطقته ليستطلع الأحوال. لم يجد منزله. فراح يبحث عنه، أو حتى عن علامة تدلّه على موقع بيته المهدّم. فالمنطقة مدمّرة بالكامل في حارة بغداد في حيّ الشجاعيّة حيث كان يعيش، وما من آثار تدلّ أصحاب البيوت على ما كان لهم.

ويفكّر بالمكان الذي سيلجأ إليه. هو فقد منزله بعدما هُجّر منه، وما زال في الشارع مجهول المصير. فعائلته ما زالت تفترش أرض أحد المنتزهات، في حين تقيها أغطية مهترئة من أشعّة الشمس.

ويسأل سهمود عن مصيره ومصير عائلته والكثير من العائلات الأخرى التي لم تجد حتى مأوى يحميها بعد أن فاضت جميع المدارس بالنازحين. ويبحث عن جهة قد تبني له خيمة أقلّه في الوقت الحالي، مناشداً المؤسسات الدوليّة أن تعينه.

ويروي أنه وعائلته "في الشارع منذ نحو ثمانية أيام. وقد طلبت من الصليب الأحمر (الدولي) أن يدلني على مؤسّسة تؤمّن لي ولو خيمة صغيرة. فبناتي الستّ كبيرات وأريد سترهنّ في خيمة". يضيف "والآن في ظل الهدنة، لا أعلم ما هو مصيرنا".


حالات غير استثنائيّة

لا يختلف حال مؤمن الجمال كثيراً عن حال عبد الله سهمود. فهو لجأ خلال العدوان الأخير على غزّة إلى إحدى المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا)، وبقي فيها عشرة أيام. وحين أعلن عن اتفاقيّة هدنة قبل أيام من عيد الفطر، ذهب ليتفقّد بيته فوجده مهدماً. وعندما عاد وعائلته إلى المدرسة، كانت عائلة نازحة أخرى قد حلّت مكانهم. ولم يجد غير الشارع يأويه.

في الشارع الذي التجأ إليه الجمال وعائلته، لم يجدوا سوى زاوية تعلوها مظلّة لـ"يستقروا" فيها. ويخبر أنه وبعدما وجد منزله ركاماً "واتخذنا من الشارع مأوى لنا، رحنا نستنجد بالمنظمات المعنيّة. لكننا لم نلقَ أي جواب". يضيف "واليوم في ظل الهدنة، لا نعلم ما هو مصيرنا وإذا كانت قضيتنا نحن ومئات من العائلات ستحلّ سريعاً".


ويفكّر الجمال بالعودة إلى بيته والعيش تحت سقف واحد سلم من القصف. فهو يرى أن حاله لن يتحسّن، وخصوصاً أن عائلات كثيرة تعاني المشكلة نفسها. لكن رفض زوجته وأبنائه العودة خوفاً من احتمال وجود قنابل غير منفجرة في المكان، يمنعه من ذلك.

من جهته، خسر رأفت الشوالي منزله مرّتَين. الأولى في العام 2009 عندما اجتاحت القوات الإسرائيليّة المنطقة حيث يعيش ودمرته. وفي العدوان الأخير، عندما سقط صاروخ على منزله في بيت لاهيا، فلم يبقَ منه أي جدار سليم.

ويروي أنه في العام 2009، أقام وعائلته لمدّة أربعة أشهر في خيمة، أمّنتها لهم الأونروا. وأعاد بناء منزله. لكنه لم يصمد أكثر من خمس سنوات. ودمّر من جديد. ويقول "عندما خصّصت لنا الأونروا خيماً في ذاك الوقت، لم تكن الحرب قاسية مثل هذه الحرب. فاليوم، مئات العائلات مشرّدة. فكيف للوكالة أن تغطّي حاجات كل هذه الأعداد؟".

ويرى الشوالي إمكانيّة أن تكرّر الأونروا ما فعلته في الحرب الأولى. فتعمد إلى نصب خيام بالقرب من كل منزل مدّمر، إلى حين إعادة إعماره مرة أخرى.


قرارات صعبة

لكن الأونروا تكتفي اليوم بتوزيع المساعدات المتاحة على النازحين في المدارس والشوارع والمستشفيات وتقوم بدراسة أوضاع العائلات، بحسب ما يوضح المتحدث باسم الوكالة في غزّة عدنان أبو حسنة لـ"العربي الجديد".

يقول إن دوائر الإحصاء في الوكالة تعمل حالياً على تعداد البيوت المدمّرة والعائلات والأفراد. فتبيّن لها أن عدد النازحين في المدارس بلغ 260 ألف نازح يضاف إليهم مئة ألف نازح في الشوارع والمستشفيات وغيرها من الأماكن.

ويجد أبو حسنة أنه من الصعب اتخاذ قرارات في الوقت الحالي واستيعاب هذه الأعداد في المدارس. فلم يتبقّ الكثير من الوقت لبدء العام الدراسي المقبل، والعائلات لن تترك المدارس إلا في حال توفير بدائل لها.

من جهته، قام مركز الميزان لحقوق الإنسان برصد عدد المنشآت المدمّرة من جرّاء العدوان على غزّة، سواء كانت سكنيّة أو صحيّة أو غيرها. فتبيّن أن الاحتلال دمّر 871 منزلاً من خلال الاستهداف المباشر، وقد بلغ عدد المنازل المدمّرة بشكل كلي ألفاً و526 منزلاً. أما المنازل المدمّرة بشكل جزئي، فبلغ عددها ستّة آلاف و143 منزلاً.


لكن وفقاً لتقرير صادر عن المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان، فإن حصيلة البيوت المهدّمة منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة في السابع من يوليو/تموز المنصرم، بلغت عشرة آلاف و604 آلاف منزل، ألف و724 منزلاً منها تمّ تدميرها بشكل كلّي في حين دمّر ثمانية آلاف و880 منزلاً بشكل جزئي.

وعن مصير العائلات المهجّرة، يقول وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الوطني مفيد الحساينة لـ"العربي الجديد" إن "اقتراحات عدّة طرحت أمامها، وهي ناشدت الجهات المعنيّة التوصّل إلى حلّ وأبدت استعدادها للعيش في الخيام بدلاً من أن تجد نفسها في الشارع أو في المدارس".

يضيف الحساينة أن "اجتماعاً طارئاً عقد، أمس الثلاثاء، ضمّ ممثلين عن وكالة الأونروا وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واتحاد المقاولين، للبحث عن الحلول الممكنة لبناء منشآت سكنيّة للعائلات النازحة بشكل أساسي. وقد توصّلنا إلى قرار تأمين بيوت متحركة لها مؤقتاً، إلى حين تعيد بناء منازلها".

لكن الحساينة يشير إلى صعوبة إحضار تلك البيوت بسبب إقفال المعابر. ويقول إن مناقشة ذلك ستتمّ من قبل حكومة الوفاق الوطني، بعد توقيع اتفاقيّة مع الجانب الإسرائيلي.

إلى ذلك، أوضح أن الخسائر التي نتجت من العدوان الأخير، تتراوح ما بين أربعة مليارات ونصف مليار وخمسة مليارات دولار أميركي، حتى الساعة.

ذات صلة

الصورة
مسيرة في شوارع واشنطن بالأكفان من أجل النساء في غزة - 17 - 10 - 2024

مجتمع

شهدت واشنطن موكباً جنائزياً ومسيرة تضامنية مع النساء في غزة، جابت شوارع العاصمة وصولاً إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية
الصورة
وفد أممي في مخيم نازحين سوريين في إدلب - سورية - 14 أكتوبر 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

زار وفد من الأمم المتحدة مدينة إدلب السورية، للاطلاع على أوضاع مواطنين سوريين وصلوا أخيراً بعد مغادرتهم لبنان وسط العدوان الإسرائيلي المتصاعد هناك.
الصورة
تخشى النساء على أجنتهن ومواليدهن الجدد (كارل كورت/ Getty)

مجتمع

تواجه النساء الحوامل النازحات إلى مراكز الإيواء المختلفة في لبنان خوفاً كبيراً في ظل غياب الفحوصات الدورية والاستشارات الطبية، ويقلقن على صحتهن وصحة أجنتهن.
الصورة
تجمّع عسكري إسرائيلي على حدود لبنان، 30 سبتمبر 2024 (إريك مارمور/Getty)

سياسة

بعد عام على فتح الجبهة اللبنانية تحوّل لبنان من معركة إسناد غزة، إلى الحرب الشاملة، بفعل الاعتداءات الإسرائيلية المتلاحقة، التي بدأت في 23 سبتمبر الماضي.