غزّة توثق جرائم الاحتلال لاستخدامها في المعركة القانونيّة

12 اغسطس 2014
90 عائلة فلسطينية قضت بالكامل (سعيد الخطيب/فرانس برس/Getty)
+ الخط -
جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، هما العنوانان الرئيسيان لما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وخصوصاً خلال حروبها على قطاع غزة، التي تستهدف فيها بالدرجة الأولى المدنيين.

وتتزايد جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، مع العدوان، لكنها في غير الحروب حاضرة أيضاً بشكل شبه يومي، وإن بمستويات مختلفة. وفي عدوان 2008 ــ 2009 على القطاع، نفّذت قوات الاحتلال، وفق تقرير "غولدستون"، جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، لكن أحداً لم يحاسب إسرائيل في حينها.

ولأن حلفاء إسرائيل يمنعون محاسبتها، فإن قوات الاحتلال أمعنت في عدوانها الحالي على القطاع، بارتكاب مزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين، وطالت هذه المرّة أيضاً، المستشفيات والمساجد والمؤسسات المحلية والدولية، علاوة على استهداف محطة الكهرباء الوحيدة التي تغذي القطاع ما تسبب بانقطاع شامل للكهرباء، إضافة إلى استهداف البنى التحتية ومقتضيات الحياة كافة في غزة.
وإلى جانب الدمار الهائل، قتلت صواريخ وقذائف الاحتلال في العدوان المستمر منذ أكثر من شهر، نحو 90 عائلة فلسطينية بشكل كامل، كما لم تستبعد استهداف المدارس التابعة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، والتي كانت تأوي النازحين المهجرين من منازلهم على الحدود، ما أسفر عن استشهاد 60 فلسطينياً، بينهم 11 موظفاً من الأونروا".

ويقول المستشار الإعلامي، لـ"الأونروا"، عدنان أبو حسنة، لـ"العربي الجديد"، إن مكتب "الأونروا" في غزة يقوم بإرسال شكاوى الاعتداءات الإسرائيلية على مقرات وكالة الغوث إلى مكتب الأمانة العامة للأمم المتحدة، والذي يتولى زمام الإجراءات القانونية، بحق الممارسات الإسرائيلية.

ويؤكد أبو حسنة أن "الأونروا" لا علاقة لها بعد ذلك بالإجراءات المتخذة، رافضاً الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، لأنّها "ليست من اختصاصه".

وعلى الأرض، تعمل منظمات حقوقية فلسطينية، وأخرى دولية على توثيق جرائم الحرب، لتسهيل عمليات ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، على الرغم من قناعة الكثير منهم، أنه في ظل الغطاء الدولي للاحتلال، لا يمكن ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الكيان السياسيين والعسكريين.
ويعزو مدير "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"، المحامي راجي الصوراني، عدم محاكمة إسرائيل أو قادة الاحتلال على جرائمهم، لعدة أسباب أهمها "قيام بعض الدول التي أقيمت دعاوى قضائية فيها ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين بتغيير قوانينها بشكل يوفر الحصانة لمجرمي الحرب، بشكل منافٍ لما كانت عليه في السابق".

ويذكّر الصوراني، في حديث لـ"العربي الجديد"، كيف أنه "في تقرير غولدستون، الذي وجد شبهات كثيرة حول ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلية جرائم حرب في قطاع غزة، قامت الولايات المتحدة الأميركية بمنع عرضه على محكمة الجنايات الدولية، على الرغم من ثبوت ارتكاب إسرائيل جرائم حرب".

ويشير إلى أنه من الأسباب التي حالت بين الفلسطينيين ومحاكمة قادة الاحتلال، عدم توجه السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية، على الرغم من الاعتراف بها في التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2012 كدولة مراقب غير عضو، لافتاً إلى أن ارتكاب جرائم الحرب خلال العدوان على غزة، لم يحرك السلطة الفلسطينية تجاه محكمة الجنايات الدولية.

وعن جهود المؤسسات الحقوقية بهدف مقاضاة حكام دولة الاحتلال، يقول المحامي الصوراني، إنّها تقوم بعمل منهجي ومنظم، بحرفية عالية منذ 25 عاماً، وإن كل الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي موثقة في ملفات، موضحاً أنه ومنذ اليوم الأول للعدوان على غزة قامت الطواقم بجمع الشهادات والأدلة والملفات لاستخدامها في المعركة القانونية بعد الحرب على غزة.

ويتابع: "إسرائيل تعلم جيداً أن المعركة القانونية لن تكون أقل شراسة من المعركتين السياسية والعسكرية، وتعلم جيداً أن هناك عدداً من الحقوقيين المحترفين في فلسطين، وأن إسرائيل ستواجه أوقاتا صعبة، ونحن نضغط على الرئيس محمود عباس للمصادقة على ميثاق روما، حتى نتمكن من استخدام ما بحوزتنا من ملفات تفتح أبواب جهنم على الاحتلال الإسرائيلي، وتعود على قادته بالجحيم".

ويؤكد الصوراني أن الإدارة الأميركية توفر غطاءً قانونياً وسياسياً لما تقوم به دولة الاحتلال الإسرائيلي، وتضغط على السلطة كي لا تتوجه للمصادقة على ميثاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، مشدداً على ضرورة توجه السلطة إليه، وخصوصاً أن شرعية أي سلطة تنبع من دفاعها عن شعبها وعذاباته.

وفي ما يتعلق بالمساندة الدولية لمعارك الفلسطينيين الدولية في المحافل الدولية، يوضح الصوراني أن ما يحدث من ظلم بحق الشعب الفلسطيني، أوجد رأياً عاماً دولياً مسانداً للقضية، لافتاً إلى أن "الكثير من أحرار العالم استشهدوا دفاعاً عن القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني".
دلالات
المساهمون