لا شيء يبهج قلوب أهالي قطاع غزّة، أكثر من عودة التيار الكهربائي إلى منازلهم بعد أكثر من 12 ساعة متواصلة من الانقطاع يومياً.
في تلك اللحظة تدبّ الحياة من جديد، فتتحوّل البيوت إلى "خليات نحل"، حيث تنهض ربات البيوت على وجه السرعة للقيام بواجباتهنّ التي تتطلب توفّر التيار، من غسيل وغيره. ويتوزّع الأبناء إما أمام التلفاز أو الكمبيوتر، في حين يستغلّ أحدهم الفرصة لإنجاز فروضه المنزليّة. من جهتهم، يتوجه الآباء من دون إبطاء إلى سطوح المنازل لضخّ المياه في الخزانات.
أما في الشوارع والأسواق، فيبدو المشهد كما لو أن "انتفاضة" ما قد قامت. فيسارع أصحاب المعامل إلى تشغيل ماكيناتهم ومعداتهم. بالنسبة إليهم، لحظة العمل الحقيقي قد بدأت. إضافة إلى هؤلاء، يضيء العاملون في الدكاكين والبقالات والمطاعم وغيرها من المحال الأنوار.
على الرغم من الصخب المفاجئ، إلا أن الهدوء والسكينة سرعان ما يعمّان المكان، بفعل إطفاء مولدات الكهرباء التي تعمل على الوقود، والتي يعتمد عليها المقتدرون لإنجاز أعمالهم.
باتت الكهرباء في غزّة عملة نادرة. على مدى أكثر من ثماني سنوات مُرّة، والغزيّون يدفعون ثمن "غيابها" كل يوم من أعصابهم وتفكيرهم. لكن الأمر تحوّل مع مرور الوقت، جزءاً من حياتهم. بالنسبة إليهم، من المستغرب عدم انقطاع التيار.
من يعش في غزّة يشعر أن حياته أصبحت "ربع" حياة، ويومه يمتدّ على ستّ ساعات فقط، هي الفترة التي تصل خلالها الكهرباء إلى الغزيّين. أما ما يتبقّى من اليوم، فمجرّد ساعات تمضي لا قيمة لها.
ثماني سنوات مرّت والحال لم يتغيّر. وفي أفضل الأحوال لم تكن فترة "الوصل" أو التغذية تزيد عن ثماني ساعات.
لا شكّ في أن مرور الوقت كان كفيلاً بأن "يبرمج" الغزيّون حياتهم وفق "جدول الكهرباء"، الذي راح يحدّد مواعيد زياراتهم وأعراسهم وغسل ملابسهم وكيّها... كل تفاصيل الحياة اليوميّة، مهما كانت بسيطة، أصبحت مرتبطة بالتغذية الكهربائيّة وجدولها اليومي.
يحفظ أهالي غزّة مواقيت التغذية بالتيار، ويشعرون بالامتنان أحياناً لشركة الكهرباء التي تزوّدهم في كل فترة بالجدول الجديد لمواعيد الوصل والقطع. ويزيد امتنانهم وشكرهم، حينما تتكرّم عليهم بساعة تغذية إضافيّة. بالنسبة إليهم، من "الخيال" ألا تنقطع الكهرباء في أحد الأيام. وإذا حدث ذلك، لا شكّ في أن أحدهم سيتصل بالشركة مستفسراً عن "الخلل" الحاصل.
حسن مشتهى، مهندس معماريّ من أبناء القطاع، يقول إن الكهرباء بالنسبة إلى الأهالي "أصبحت المأساة المسكوت عنها. وفي أحسن الأحوال، يكون الحديث عن تحسّن طفيف في جدولها اليومي". يضيف: "وذلك، بينما يعجز العالم عن إيجاد حلّ جذري للأزمة في قطاع ضيّق، يكفيه من الكهرباء ما قد يُضيء شارعاً واحداً في إحدى العواصم الخليجيّة!".
من جهته، يشرح نادر شبير ما تعانيه أسرته من عذاب يومي بسبب انقطاع الكهرباء. يقول: "الساعات الستّ التي يتوفّر خلالها التيار، لا تكفي لإنجاز كل ما يحتاجه المنزل". ويشعر بالشفقة على والدته وشقيقته اللتَين تتوزّعان الأدوار وتقتسمان مهام العمل، لضمان استثمار كل دقيقة على الوجه الأمثل.
لكن نادر يجد نفسه محظوظاً، فقد استطاع تأمين ثمن مزوّد الطاقة (يو بي أس) الذي يمكّنه من إضاءة المنزل خلال انقطاع الكهرباء ليلاً. كذلك يقوم بتشغيل المسيّر (راوتر) الخاص بشبكة الإنترنت، فيتمكّن من إنجاز واجباته الدراسيّة.
انقطاع الكهرباء في فصل الشتاء الذي بات على الأبواب، يزيد من مآسي أهل القطاع. كيف لا وعشرات الآلاف منهم تشرّدوا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، وفقدوا منازلهم.
في تلك اللحظة تدبّ الحياة من جديد، فتتحوّل البيوت إلى "خليات نحل"، حيث تنهض ربات البيوت على وجه السرعة للقيام بواجباتهنّ التي تتطلب توفّر التيار، من غسيل وغيره. ويتوزّع الأبناء إما أمام التلفاز أو الكمبيوتر، في حين يستغلّ أحدهم الفرصة لإنجاز فروضه المنزليّة. من جهتهم، يتوجه الآباء من دون إبطاء إلى سطوح المنازل لضخّ المياه في الخزانات.
أما في الشوارع والأسواق، فيبدو المشهد كما لو أن "انتفاضة" ما قد قامت. فيسارع أصحاب المعامل إلى تشغيل ماكيناتهم ومعداتهم. بالنسبة إليهم، لحظة العمل الحقيقي قد بدأت. إضافة إلى هؤلاء، يضيء العاملون في الدكاكين والبقالات والمطاعم وغيرها من المحال الأنوار.
على الرغم من الصخب المفاجئ، إلا أن الهدوء والسكينة سرعان ما يعمّان المكان، بفعل إطفاء مولدات الكهرباء التي تعمل على الوقود، والتي يعتمد عليها المقتدرون لإنجاز أعمالهم.
باتت الكهرباء في غزّة عملة نادرة. على مدى أكثر من ثماني سنوات مُرّة، والغزيّون يدفعون ثمن "غيابها" كل يوم من أعصابهم وتفكيرهم. لكن الأمر تحوّل مع مرور الوقت، جزءاً من حياتهم. بالنسبة إليهم، من المستغرب عدم انقطاع التيار.
من يعش في غزّة يشعر أن حياته أصبحت "ربع" حياة، ويومه يمتدّ على ستّ ساعات فقط، هي الفترة التي تصل خلالها الكهرباء إلى الغزيّين. أما ما يتبقّى من اليوم، فمجرّد ساعات تمضي لا قيمة لها.
ثماني سنوات مرّت والحال لم يتغيّر. وفي أفضل الأحوال لم تكن فترة "الوصل" أو التغذية تزيد عن ثماني ساعات.
لا شكّ في أن مرور الوقت كان كفيلاً بأن "يبرمج" الغزيّون حياتهم وفق "جدول الكهرباء"، الذي راح يحدّد مواعيد زياراتهم وأعراسهم وغسل ملابسهم وكيّها... كل تفاصيل الحياة اليوميّة، مهما كانت بسيطة، أصبحت مرتبطة بالتغذية الكهربائيّة وجدولها اليومي.
يحفظ أهالي غزّة مواقيت التغذية بالتيار، ويشعرون بالامتنان أحياناً لشركة الكهرباء التي تزوّدهم في كل فترة بالجدول الجديد لمواعيد الوصل والقطع. ويزيد امتنانهم وشكرهم، حينما تتكرّم عليهم بساعة تغذية إضافيّة. بالنسبة إليهم، من "الخيال" ألا تنقطع الكهرباء في أحد الأيام. وإذا حدث ذلك، لا شكّ في أن أحدهم سيتصل بالشركة مستفسراً عن "الخلل" الحاصل.
حسن مشتهى، مهندس معماريّ من أبناء القطاع، يقول إن الكهرباء بالنسبة إلى الأهالي "أصبحت المأساة المسكوت عنها. وفي أحسن الأحوال، يكون الحديث عن تحسّن طفيف في جدولها اليومي". يضيف: "وذلك، بينما يعجز العالم عن إيجاد حلّ جذري للأزمة في قطاع ضيّق، يكفيه من الكهرباء ما قد يُضيء شارعاً واحداً في إحدى العواصم الخليجيّة!".
من جهته، يشرح نادر شبير ما تعانيه أسرته من عذاب يومي بسبب انقطاع الكهرباء. يقول: "الساعات الستّ التي يتوفّر خلالها التيار، لا تكفي لإنجاز كل ما يحتاجه المنزل". ويشعر بالشفقة على والدته وشقيقته اللتَين تتوزّعان الأدوار وتقتسمان مهام العمل، لضمان استثمار كل دقيقة على الوجه الأمثل.
لكن نادر يجد نفسه محظوظاً، فقد استطاع تأمين ثمن مزوّد الطاقة (يو بي أس) الذي يمكّنه من إضاءة المنزل خلال انقطاع الكهرباء ليلاً. كذلك يقوم بتشغيل المسيّر (راوتر) الخاص بشبكة الإنترنت، فيتمكّن من إنجاز واجباته الدراسيّة.
انقطاع الكهرباء في فصل الشتاء الذي بات على الأبواب، يزيد من مآسي أهل القطاع. كيف لا وعشرات الآلاف منهم تشرّدوا بعد العدوان الإسرائيلي الأخير، وفقدوا منازلهم.