صادقت الحكومة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، على مشروع "قانون الجرائم الإلكترونية" المثير للجدل، وقوبل قرار الحكومة بغضب من قبل مؤسسات المجتمع المدني التي تفاجأت بالمصادقة على القانون من دون الرجوع إليها.
وقال نقيب الصحافيين الفلسطينيين، ناصر أبوبكر، لـ "العربي الجديد"، إن "القانون المصادق عليه المتعلق بالجرائم الإلكترونية المعدل لم يعرض علينا كنقابة قبل إقراره. نحن موعودون بأن تصلنا اليوم نسخة عنه".
وأضاف أبوبكر: "سندرس التعديلات التي أُجريت، إن كانت تتناسب مع التعديلات التي طلبنا إجراءها على هذا القانون، وعندها سنتشاور مع منظمات المجتمع المدني حول ما اتفقنا عليه من مجموعة التعديلات ونعلن موقفنا بناء عليه".
بدوره، قال المستشار القانوني في "مؤسسة الحق الفلسطينية"، عصام عابدين، لـ "العربي الجديد"، إن "مصادقة الحكومة على قرار قانون الجرائم الإلكترونية هي امتداد للنهج الذي تسير عليه الحكومة بتجاهل مؤسسات المجتمع المدني بالتشريعات التي تصدر عنها، وهذا يخالف أجندة السياسات الوطنية (2017-2022) التي أقرتها الحكومة، كما يخالف الخطة التشريعية التي أكدت أهمية مشاركة المجتمع المدني في العمليات التشريعية".
ولفت عابدين إلى أن التشريعات باتت أقرب إلى الأسرار وتنفرد الحكومة بالتشريع والتنفيذ، وهناك تغييب للبرلمان وتجاهل لدور المجتمع المدني، معلقاً: "نحن لسنا ضد وجود قانون لجرائم إلكترونية، ولكن يجب أن يكون منسجماً بالكامل مع الاتفاقيات والحقوق الدولية وحقوق الإنسان، كانت لدينا ملاحظات جوهرية ولم نصل إلى نتيجة".
وأشار عابدين: "نحن كمؤسسات حقوق إنسان خضنا حملة مناصرة واسعة النطاق، بهدف تعديل هذا القانون بما ينسجم بشكل كامل مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين، في ثلاث جولات من الحوار مع الحكومة، منها برعاية (منظمة التحرير) ومنها ما كان في مقر وزارة العدل ومنها ما كان في مجلس الوزراء، لكن تلك الحوارات فشلت".
وأكّد عابدين أن أحد الحوارات كان في نوفمبر/ تشرين ثاني عام 2017، واستغرق 4 أيام، وقدمت المؤسسات ملاحظاتها بمذكرات للحكومة والوزارات المختصة، لكن "للأسف لجنة مواءمة التشريعات صوتت ضد كل ملاحظاتنا وأسقطتها".
وقال عابدين: "بعدما أسقطت لجنة مواءمة التشريعات ملاحظاتنا، فإننا لن نشارك إلا إن تم اختيار أعضاء اللجنة ضمن أسس ومعايير موضوعية ومهنية، وأن يكون تمثيل اللجنة متوازناً ولديها صلاحيات التصويت".
وأضاف: "اللجنة رفعت المشروع إلى مجلس الوزراء، حينها بعثت مؤسسات المجتمع المدني لرئيس الوزراء وأجريت حوارات، وأبلغناه بوجود ملاحظات جوهرية على قرار بقانون الجرائم الإلكترونية ولم يأخذ رأينا باللجنة، وأنه يجب وقف المصادقة على القانون ويجب عرضه للنقاش، وفعلاً تم إيقافه، لكننا اليوم تفاجأنا بالمصادقة على القانون، ونطالب بعدم التوقيع عليه وعدم نشره في الجريدة الرسمية قبل الحصول على نسخة منه".
وقال عابدين: "كمؤسسات مجتمع مدني، نتعهد بحملة مناصرة واسعة النطاق في حال لم يعرض علينا، لكننا نأمل بألا يصادق على القانون وينشر قبل عرضه على نقاش مجتمعي، سنقيم الأمور بعد ذلك وإن كانت توجد أي مشكلة سنطلق حملة بما يتعلق بالجرائم الإلكترونية، وسبق وأطلقنا الحملة الوطنية لحماية حرية الصحافة والرأي في فلسطين وفيها فصل خاص بموضوع قانون الجرائم الإلكترونية".
وأشار إلى عرض "مؤسسة الحق" بلاغين للمقرر الخاص في الأمم المتحدة، ديفد كاي، الذي بعث بدوره مذكرة واضحة للحكومة طلب منها أن يكون القانون منسجماً بالكامل مع الاتفاقيات الدولية بخاصة العهد بالحقوق المدنية والسياسية، وطلب منها مراجعة قضية إغلاق 30 موقعاً إعلامياً كونها تنتهك الاتفاقات الدولية، وأنه أجريت اعتقالات على أساس مصطلحات فضفاضة وقدح مقامات عليا وأن هذا الأمر مخالف للاتفاقات الدولية، ما يتطلب مراجعة ذلك.
وأفاد بأن "الحكومة بعثت رداً خطياً من خلال وزارة العدل قالت في البند 15 من ردها، أنه (هناك تعهد من قبل الرئيس ورئيس الوزراء بتعديل أي نص بقرار بقانون الجرائم الإلكترونية يتعارض مع الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين)".
ووفق بيان صادر عن الحكومة الفلسطينية عقب جلستها الأسبوعية، اليوم، في مدينة رام الله برئاسة رامي الحمدالله، إن القانون حدد واجبات مزودي الخدمة لمساعدة جهات الاختصاص في الكشف عن هذه الجرائم، ونظم دور النيابة العامة والمحاكم في الكشف عن هذه الجرائم والمعاقبة عليها.
وكذلك نظم القانون، وفق بيان الحكومة الفلسطينية، دور أجهزة الدولة ومؤسساتها في تطبيق هذا القانون والتعاون مع الجهات النظيرة في الدول الأخرى للمساهمة الفعالة في مكافحة الجرائم الإلكترونية وما ينجم عنها.
بالتزامن مع إصدار القانون، أكدت الحكومة الفلسطينية حرصها على صون الحريات ضمن اللوائح والأنظمة القانونية ورفضها المطلق أي مساس بحرية الرأي والتعبير التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد أحالت، في شهر ديسمبر/ كانون الأول عام 2017، مشروع "قانون الجرائم الإلكترونية" لإقراره والمصادقة عليه من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسبقت ذلك محاولة محاكمة صحافيين وناشطين بناء على القانون.
ونفذت مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني وناشطون فلسطينيون سلسلة فعاليات رافضة القانون بصيغته الحالية، علاوة على الدخول في حوارات ونقاشات مع الحكومة الفلسطينية حول هذا القانون.