06 نوفمبر 2024
غطاء عربي لتوحّش الاحتلال
لدى الإعداد لكتابة هذا المقال، طالعتنا صحيفة هآرتس بتقرير عن تصريحات أدلى بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في لقاء مغلق لـ"نادي التناخ"، أقيم في منزله أخيرًا، ذكر في سياقها أن أكثر ما يشغل باله هو توفير الأدوات التي في وسعها أن تتيح لدولة الاحتلال إمكان الاحتفال بذكرى مرور مئة عام على تأسيسها، بخلاف ما حدث لمملكة الحشمونائيين التي لم تعمّر أكثر من ثمانين عامًا زالت بعدها من الوجود.
ووفقًا للشخص الذي سرّب جوهر هذه التصريحات إلى الصحيفة، لم ينطو ما قاله نتنياهو على خشيةٍ من إمكانية زوال إسرائيل قبل مرور مئة عام على إنشائها، بقدر ما انطوى على تكرار لازمةٍ تفيد بوجوب أن تبقى قوية عسكريًا، وأن تكون أي تسوية سياسية تنخرط فيها في المستقبل مستندة إلى ما من شأنه توفير أمن الاحتلال الإسرائيلي فلسطين. ويشكل هذا الأمن العنصر الرئيسي الذي تقرّ دراسات عدّة بأن نتنياهو كانت له بصمة خاصة في تكريسه أولوية أولى ضمن الخطاب السياسي الإسرائيلي، منذ اعتلائه سدّة رئاسة الحكومة، أو على وجه الدقّة العنصر الذي يتغطى به لتزيين مفارقته مع كل رؤساء الحكومة السابقين، فيما يتعلق بـ"عملية التسوية"، من طريق التلميح، الذي يجب القول إنه افترائي، بأن أسلافه لم يولوا الاهتمام الكافي له منذ انطلاق عملية أوسلو قبل نحو ربع قرن.
في الوقت عينه، عاد نتنياهو، خلال اللقاء ذاته، وشدّد على أن "كتاب التناخ" يعتبر الأساس الأول والأسمى لدولة الاحتلال. وسبق له أن أشار، في أثناء مراسم إدخال منظومة الدفاع الجوي "مقلاع داود" للخدمة العملانية أقيمت في أبريل/ نيسان الفائت، إلى أنه بصفته زعيم شعب قديم يحب الحياة "يواصل المشي على درب الملك داود؛ فحربته في يدنا ومقلاعه في سمائنا ونجمته مرسومة على علمنا، ونضيف القوة إلى الروح فنضمن بقاء إسرائيل إلى الأبد".
لعلّ أول ما يتبادر إلى الذهن: ما هي رسالة نتنياهو من هذه الأقوال، فيما يتعلق باحتمالات تسوية القضية الفلسطينية؟ ليس مبالغة القول إنها الرسالة نفسها التي بثّها في اجتماع مغلق، عقده مع رؤساء حكومات دول منطقة فيسيغراد، هنغاريا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا، في بودابست في يوليو/ تموز الفائت، وتمت إذاعة محتواها خطأ للصحافيين خارج الغرفة. ومما قاله نتنياهو آنذاك إن الحفاظ على أمن أوروبا ومستقبلها الاقتصادي يتطلب سياسة مغايرة تجاه إسرائيل، وحث قادة تلك الدول على إغلاق حدود بلادهم أمام اللاجئين من أفريقيا والعالم العربي. وأشاد بموقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي هو المنظمة الدولية الوحيدة في العالم التي تشترط في علاقاتها مع إسرائيل التي تنتج التكنولوجيا في كل المجالات، إحراز تقدم في العملية السلمية مع الفلسطينيين، ووصف ذلك بالجنون.
والأهم من ذلك تأكيده أنه ليس في حاجة إلى أوروبا الليبرالية المدافعة عن حقوق الإنسان والواعظة الأخلاقية، نظرًا إلى أنه وجد بدائل عنها: أولًا في روسيا والصين والهند التي تربطها علاقات خاصة مع إسرائيل، لا تتوقف على تقدّم العملية السياسية. وأوضح في هذا الشأن أنه أجرى محادثات مع قادة هذه الدول، قالوا فيها إنهم معنيون بما لدى إسرائيل لتقدمه لهم، متجاهلين القضية العالقة مع الفلسطينيين، وثانيًا في الدول العربيّة، وبالأساس مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدّة.
في ما يخصّ الأخيرة، قال محللون إسرائيليون إنهم في هذه البلدان يحترمون القوة فقط، وليس العدالة. ولذا لا يجد زعماؤها أدنى غضاضة في تزويد التوحش الإسرائيلي بالغطاء اللازم. وزاد غيرهم أن رسالة نتنياهو فحواها ما يلي: على من يريد تأييد إسرائيل أن يقبلها كما هي، مع الاحتلال والمستوطنات. ومن يقبل بإسرائيل فقط ضمن حدود الخط الأخضر مثل الاتحاد الأوروبي، فهو "مجنون" وغير مرغوب فيه، وثمة بديل له أقرب جغرافيًا وفكريًا.
ووفقًا للشخص الذي سرّب جوهر هذه التصريحات إلى الصحيفة، لم ينطو ما قاله نتنياهو على خشيةٍ من إمكانية زوال إسرائيل قبل مرور مئة عام على إنشائها، بقدر ما انطوى على تكرار لازمةٍ تفيد بوجوب أن تبقى قوية عسكريًا، وأن تكون أي تسوية سياسية تنخرط فيها في المستقبل مستندة إلى ما من شأنه توفير أمن الاحتلال الإسرائيلي فلسطين. ويشكل هذا الأمن العنصر الرئيسي الذي تقرّ دراسات عدّة بأن نتنياهو كانت له بصمة خاصة في تكريسه أولوية أولى ضمن الخطاب السياسي الإسرائيلي، منذ اعتلائه سدّة رئاسة الحكومة، أو على وجه الدقّة العنصر الذي يتغطى به لتزيين مفارقته مع كل رؤساء الحكومة السابقين، فيما يتعلق بـ"عملية التسوية"، من طريق التلميح، الذي يجب القول إنه افترائي، بأن أسلافه لم يولوا الاهتمام الكافي له منذ انطلاق عملية أوسلو قبل نحو ربع قرن.
في الوقت عينه، عاد نتنياهو، خلال اللقاء ذاته، وشدّد على أن "كتاب التناخ" يعتبر الأساس الأول والأسمى لدولة الاحتلال. وسبق له أن أشار، في أثناء مراسم إدخال منظومة الدفاع الجوي "مقلاع داود" للخدمة العملانية أقيمت في أبريل/ نيسان الفائت، إلى أنه بصفته زعيم شعب قديم يحب الحياة "يواصل المشي على درب الملك داود؛ فحربته في يدنا ومقلاعه في سمائنا ونجمته مرسومة على علمنا، ونضيف القوة إلى الروح فنضمن بقاء إسرائيل إلى الأبد".
لعلّ أول ما يتبادر إلى الذهن: ما هي رسالة نتنياهو من هذه الأقوال، فيما يتعلق باحتمالات تسوية القضية الفلسطينية؟ ليس مبالغة القول إنها الرسالة نفسها التي بثّها في اجتماع مغلق، عقده مع رؤساء حكومات دول منطقة فيسيغراد، هنغاريا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا، في بودابست في يوليو/ تموز الفائت، وتمت إذاعة محتواها خطأ للصحافيين خارج الغرفة. ومما قاله نتنياهو آنذاك إن الحفاظ على أمن أوروبا ومستقبلها الاقتصادي يتطلب سياسة مغايرة تجاه إسرائيل، وحث قادة تلك الدول على إغلاق حدود بلادهم أمام اللاجئين من أفريقيا والعالم العربي. وأشاد بموقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأضاف أن الاتحاد الأوروبي هو المنظمة الدولية الوحيدة في العالم التي تشترط في علاقاتها مع إسرائيل التي تنتج التكنولوجيا في كل المجالات، إحراز تقدم في العملية السلمية مع الفلسطينيين، ووصف ذلك بالجنون.
والأهم من ذلك تأكيده أنه ليس في حاجة إلى أوروبا الليبرالية المدافعة عن حقوق الإنسان والواعظة الأخلاقية، نظرًا إلى أنه وجد بدائل عنها: أولًا في روسيا والصين والهند التي تربطها علاقات خاصة مع إسرائيل، لا تتوقف على تقدّم العملية السياسية. وأوضح في هذا الشأن أنه أجرى محادثات مع قادة هذه الدول، قالوا فيها إنهم معنيون بما لدى إسرائيل لتقدمه لهم، متجاهلين القضية العالقة مع الفلسطينيين، وثانيًا في الدول العربيّة، وبالأساس مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدّة.
في ما يخصّ الأخيرة، قال محللون إسرائيليون إنهم في هذه البلدان يحترمون القوة فقط، وليس العدالة. ولذا لا يجد زعماؤها أدنى غضاضة في تزويد التوحش الإسرائيلي بالغطاء اللازم. وزاد غيرهم أن رسالة نتنياهو فحواها ما يلي: على من يريد تأييد إسرائيل أن يقبلها كما هي، مع الاحتلال والمستوطنات. ومن يقبل بإسرائيل فقط ضمن حدود الخط الأخضر مثل الاتحاد الأوروبي، فهو "مجنون" وغير مرغوب فيه، وثمة بديل له أقرب جغرافيًا وفكريًا.