كما هي العادة وسنبقى على هذه العادة حتى تنتهي هذه الحياة الجميلة التي يثير حولها الكثير من القصص الغريبة والعجيبة، بسبب أفعال العديد من الشخصيات الكبيرة، وهذه المرة أصبح للسياسة دور كبير في كرة القدم.
لطالما كانت كرة القدم الإيطالية محط أنظار الجميع، بسبب الجدل الكبير الذي يسيطر على هذه البلاد، لوجود الكثير من الشخصيات التي تصور الأمور بطريقة غريبة.
ومن بين تلك الشخصيات زعيم الحكومة الإيطالية وصاحب العديد من المناصب الأخرى، ما بين عامي 1922 إلى 1943 بينيتو موسوليني، الرجل الذي كان يتّبع السياسة الفاشية، والتي كانت تسيطر على إيطاليا والشعب الإيطالي.
إيطاليا استطاعت في عام 1934 الفوز بشرف استضافة كأس العالم، والذي أحدث الكثير من الجدل حوله، بسبب تدخلات موسوليني في فوز إيطاليا في هذا الشرف، دخول موسوليني في كرة القدم كان أداة للدعاية القومية القوية.
كأس العالم لعب من 27 مايو/أيار إلى 10 يونيو/حزيران 1934 في ثمانية مدن إيطالية وهي روما وميلانو وبولونيا وفلورنسا وجنوى ونابولي وتورينو وتريستا، تلك البطولة التي فازت فيها إيطاليا على تشيكوسلوفاكيا في النهائي بنتيجة هدفين مقابل هدف، المهاجم التشيكي أنتونين بوتش تقدم في الدقيقة 71 من زمن الشوط الثاني، ولكن عادت إيطاليا في الدقيقة 81 عن طريق رايماندو أورسي قبل أن تحقق إيطاليا النجمة الأولى في تاريخها، بهدف أسطورة بولونيا أنجيلو سكيافيو في الدقيقة 95 من الشوط الإضافي الأول.
الجدل الذي حدث في تلك المباراة كان كثيراً جداً، وبعضه كان عن عدم وجود قنوات ناقلة لتلك المباراة، ولكن كانت الأحداث تنقل من قبل الصحافة العالمية، وكان عنوان تلك البطولة: "في الحقيقة، وبرغم كل شيء، لم يكن هنالك سوى القليل من مباريات تلك البطولة".
ولكن الشيء المؤكد في ذلك الوقت هو سيطرة النظام السياسي الفاشي على جميع ما ينشر في الصحافة الإيطالية، كانت من أكثر البطولات قتالا، وخصوصا في الربع النهائي بين إيطاليا وإسبانيا، كانت واحدة من أقوى المباريات البدنية، حيث قال الحكم البلجيكي لويس بايرت للاعبين: "دعوا هذه المباراة تمر من دون أي عقوبات".
العديد من الصحافيين والمحللين، وتحديدا الصحافي الإيطالي جياني بيريرا قال إن الحكام لعبوا لمصلحة إيطاليا، وفي وقت لاحق، قال الصحافي بيريرا عن المباراة: "الحكم يسيّر المباراة كما لو إنه يعلم ما سوف يحدث".
ولكن تلك المباراة انتهت 1-1 في جميع الأشواط الأساسية والإضافية، وتمت إعادة المباراة من جديد، وفاز المنتخب الإيطالي مع حكم آخر من سويسرا رينيه ميركيت بهدف نظيف سجله الأسطورة الإيطالية جيوسيبي مياتزا في الدقيقة 12 من زمن الشوط الأول.
المطالبات التي حدثت مقابل إعادة هذه المباراة أحدثت جدلا كبيرا، ولكن في النهاية تمت الإعادة وفاز المنتخب الإيطالي، ولكن بحسب ما كان يتداوله الجميع في ذلك الوقت، بأن كانت هنالك مجاملات نحو مستضيف البطولة، وهذا الشيء لم يكن شيئا فريدا من نوعه من قبل الفاشيين والاتحاد العالمي لكرة القدم.
في نصف النهائي تحولت إيطاليا من فلورنسا في ملعب أرتيميو فرانكي إلى ميلانو في ملعب السان سيرو بحضور 60 ألف متفرج، ولكن تحت أمطار غزيرة استمرت نصف ساعة، واستطاعت الفوز في تلك المباراة بهدف نظيف سجله إنريكو جوايتا.
بعد ذلك ذهبت إيطاليا إلى أقدم عاصمة في أوروبا في التاريخ، وهي روما على ملعب "المحلي PNA" الملعب الذي يتسع لـ 55 ألف متفرج، وفي النهائي لم يأتِ سوى 50 ألف متفرج، والنهائي كان ضد تشيكوسلوفاكيا.
قبل هذه المباراة كان هنالك خطاب حماسي من موسوليني يحذر فيه بشكل علني الخصم في النهائي قائلا: "إذا لعب المنتخب التشيكوسلوفاكي بنظافة، سوف نقوم بالمثل، ولكن إذا لعبوا بشكل قذر، فستكون إيطاليا أقذر".
إيطاليا أصبحت بطل العالم رغم صعوبة المباراة وخروج جيوسيبي مياتزا بسبب الإصابة والعودة من بعيد إلى المباراة، ولكن بعد الفوز، وقف موسوليني وصفق له الجميع، وأدوا التحية الفاشية. الصحيفة الإيطالية 'Il Popolo d’Italia' كتبت عنوانا:"باسم وحضور الدوتشي، إيطاليا تحقق اللقب العالمي الجديد".
صفحة كأس العالم لم تنتهِ مع موسوليني، بعد 4 سنوات إيطاليا ذهبت إلى كأس العالم مجددا، البطولة أقيمت في فرنسا من 4 يونيو إلى 16 يونيو 1938، حدث فيها الكثير من الأشياء الغريبة، وتحديدا في النهائي، عندما فازت إيطاليا على المجر بنتيجة 2-4، سجلت عن طريق لويجي كولاوسي هدفين وسيلفيو بيولا هدفين.
بعد المباراة خرج حارس المنتخب المجري أنتال زابو، وقال: "لقد سمحت بدخول 4 أهداف في مرماي، ولكن على الأقل، حافظت على حياتهم".
حافظت على حياتهم؟ حسنا قد يكون تصريحا غريبا، ولكنها كانت حقيقة يتداولها الجميع آنذاك، ومع مرور السنوات. وهذا التصريح جاء بعدما علم حارس المجر أنتال زابو، كما علم غيره من الناس، بأن موسوليني أرسل رسالة قبل النهائي إلى بعثة المنتخب الإيطالي من إداريين وفنيين ولاعبين تنص على ما يلي: "الفوز أو العودة إلى المنزل". وبالنسبة إلى الرسالة التي تداولها الجميع والتي كانت تقول: "الفوز أو الموت"، لم تكن سوى مثل شائع بين الشعب الإيطالي.
وفي الوقت نفسه، قد يقول بعضهم هنالك تصريح حارس المجر، ولكنه قد يكون في الوقت نفسه، قد أطلق مجرد نكتة، ولذلك بدأ الجميع بتفسير الرسالة بطريقة أخرى.
لمتابعة الكاتب .. https://twitter.com/SULTANO_91