تنشغل اللاجئة الفلسطينية، فايقة الصوص، بالكتابة على مجموعة من الأوراق والمسودّات التي جهّزتها مسبقاً، حكاية جديدة من حكايات مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، خلال حقبة خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
وتوظّف الصوص (64 عاماً)، وهي من سكان مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع، موهبتها في الكتابة، التي اكتسبتها من خبرتها في مجال تدريس اللغة العربية طيلة 41 عاماً للأجيال المختلفة، لتوثيق الحكايات الخاصة بقضايا اللاجئين.
وتتنوع الحكايات التي ترويها عبر صفحة عامة، أنشأتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بين قصص تتحدث فيها عن العادات والتقاليد التي كانت سائدة في تلك الحقبة الزمنية، والمعاناة التي عايشها سكّان المخيمات في القطاع.
ومن بين القصص والحكايات التي دوّنتها الصوص على صفحتها "أفراح المخيم"، التي تحدثت فيها عن العادات الجميلة في الأفراح، بالإضافة إلى "حنفية المخيم" و "مرحاض المخيم" وهي قصص تتحدث فيها عن تجمّع المئات من أهالي المخيم، لتعبئة المياه أو دخول المراحيض العامة البائسة، عدا عن جوانب من معاناة تلاميذ المدارس، و"شتاء المخيم".
ووثّقت الصوص زيارتها الوحيدة إلى بلدتها الأصلية المحتلة عام 1948 "بيت طيما"، والتي رافقت فيها والدها عام 1984، فتحدثت عن بقايا القرية، وأهمّها مسجد القرية الأثري، وأشجار العنب والتين والصبار، التي ما زالت على حالها كما زرعها أجدادها.
وتُرجع الصوص، في حديثها مع "العربي الجديد"، دوافع توثيق حكايات المخيمات وتحديداً مخيم البريج للاجئين، لرغبتها في نقل تفاصيل الحياة والمعاناة التي عايشوها خلال تلك الحقبة، للأجيال الصاعدة وغياب مراجع حقيقة لتلك الفترة.
وتؤكّد أنّ حياة المخيم كانت قاسية للغاية، نظراً للصعوبات التي كانت سائدة وغياب الإمكانات والبنية التحتية، في الوقت الذي كان يسود فيه الترابط في المجتمع، إلى جانب بعض العادات الجميلة التي اندثرت مع مرور الوقت.
وتعتقد الكاتبة الصوص أنّ الحقبة التي تلت النكبة والتي تبدأ من أواخر الخمسينيات إلى ما قبل تأسيس السلطة الفلسطينية، لم توثّق بالشكل المطلوب والحقيقي، خصوصاً حياة المخيمات والأجواء التي كانت سائدة فيها.
ومن العوامل التي ساعدتها على البدء بهذا المشروع تفرّغها الكامل بعد تقاعدها من التدريس قبل أكثر من عامين، ما أسهم في تحوّلها للكتابة في بعض القضايا العامة، قبل أن تقرّر الشروع في توثيق حكايات المخيم المختلفة.
وتستند الصوص في توثيقها لحكايات المخيم إلى ذاكرتها وما عاشته في مراحل طفولتها وبداية الشباب، إلى جانب الاستعانة ببعض كبار السن ومن عايشوا تلك الحقبة، من أجل التأكّد من سلامة المعلومات قبل نشرها للقرّاء.
ويتفاعل متابعو الصفحة التي أنشأتها اللاجئة والكاتبة الفلسطينية على فيسبوك، مع الكتابات والحكايات التي ترويها اللاّجئة الصوص، حيث تتبادل معهم الحديث عبر التعليقات عن تلك الحقبة.
ومن الأسباب التي دفعتها إلى التوثيق عبر فيسبوك هو أنه موقع التواصل الأكثر انتشاراً وتداولاً بين الفلسطينيين، إلى جانب سهولة استخدامه ووصوله إلى الجمهور، والوقت الكثير الذي يقضيه المستخدمين على هذه المنصة مقارنة بالوسائل الأخرى.
وتطرح اللّاجئة الفلسطينية أسبوعياً قصة أو قصتين على صفحتها، فيما تقضي بقية الأسبوع وهي تحضّر لطرح قصص أخرى من خلال مسودّات ورقية أو إلكترونية، عن طريق الكتابة على هاتفها الذكي، قبل أن تقوم بالنشر.
وتطمح الصوص إلى أن تتمكّن من الانتهاء من توثيق كافة الحكايات الخاصة بمخيمات اللاجئين الفلسطينيين، من أجل جمعها في كتاب ورقي يحمل اسم "حكاية لاجئ"، ليكون مرجعاً للأجيال الصاعدة، يوثّق لحقب زمنية مختلفة.