لا تخلو يوميات الناس من الحديث عن فيروس كورونا الجديد، وسط خوف من الإصابة به، وتساؤلات حول أسباب الموت ومدى احتمالات الشفاء. "العربي الجديد" تجيب على هذه الهواجس من خلال متخصّصين. والأمر يتعلق بجهاز المناعة.
يطرح فيروس كورونا الجديد، منذ بدء انتشاره، تساؤلات عدة حول سبل الوقاية والعلاج وإمكانية الشفاء منه من عدمها. الفيروس الذي أثار مخاوف وهواجس غالبيّة سكان العالم، بات الشغل الشاغل للمختبرات العالمية والباحثين والأطباء السّاعين للتوصّل إلى لقاح أو دواء يحد من المدّ السريع للفيروس ويطمئن المصابين، قبل أن يتفشى أكثر فأكثر. كما أصبح حديث الساعة لدى العامّة الذين يخشون الإصابة بالعدوى، ويعلّقون آمالهم على أيّ وصفة غذائية طبيعية، تماماً كما يتهافتون على شراء المكمّلات الغذائية (الفيتامينات)، ظنّاً منهم أنّها تعزّز جهاز مناعتهم وتقيهم شرّ كورونا.
خطورة العدوى؟
يقول رئيس الجمعية اللبنانية والعربية لأمراض الحساسيّة والمناعة الدكتور فارس زيتون، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الإصابة بفيروس كورونا الجديد ليست بالضرورة نتيجة ضعف أو نقص المناعة، بل ترتبط أحياناً بحجم الفيروس الذي دخل الجسم عبر اللّمس أو التنفّس، وهنا تكمن خطورة العدوى. ثمّ يأتي دور جهاز المناعة في محاربة الفيروسات والميكروبات".
يضيف: "لا يتجاوب جهاز المناعة مع حجم الفيروس، في حال كانت المناعة متدنيّة أو ضعيفة، إذ إن الوفاة ترتبط بوجود خللٍ في الجهاز بحدّ ذاته. أمّا بالنسبة لأسباب الوفاة نتيجة هذا الفيروس، فالمنطق نفسه ينطبق على الأمر، إذ إن الوفاة ترتبط بالمناعة الذاتية وسرعة التشخيص والعلاج ومدى تجاوب المريض مع هذا العلاج، إضافة إلى ما يعانيه من أمراض مزمنة أو غير ذلك. المسنّون على سبيل المثال لا يموتون فقط بسبب ضعف مناعتهم، إنّما بسبب أمراض أخرى تفاقم خطر المضاعفات، كداء السكري وأمراض القلب والأمراض الصدرية والربو.
ويميّز زيتون بين ثلاثة أنواع من نقص المناعة عند البشر. هناك مَن يعانون من نقص المناعة الأولي الذي يرتبط بعامل وراثي منذ الولادة علماً أن هذه الحالات قليلة. وهناك نقص المناعة المرتبط بالأشخاص الذين يتناولون الكثير من الأدوية مثل الكورتيزون وأدوية أمراض الروماتيزم، وتلك المستعصية التي تضعف جهاز المناعة، وتجعلهم عرضة لمضاعفات إضافية في حال الإصابة بالفيروسات والميكروبات. أمّا النوع الثالث، فهو نقص المناعة غير المسيطر عليها إذا ما كان الأشخاص يعانون من أمراض الجهاز التنفسي أو القلب أو السكري أو الفشل الكلوي أو الربو أو الحساسية، وهذه الأمراض لا تنحصر فقط بالمسنّين. لذلك نوصي دائماً بأخذ الاحتياطات اللازمة".
الوقاية بالرياضة
ويؤكّد زيتون عدم صوابيّة ما يتمّ تداوله من وصفاتٍ لتعزيز جهاز المناعة، مؤكداً أنّ "سبل تعزيز هذا الجهاز تكمن في الوسائل الثلاث الآتية: "الأولى في غذاءٍ أكثر تنوّعاً واعتدالاً، غنيّ بالألياف، وهذا لا يعني عدم تناول اللّحوم، لكن المفضّل هذه الفترة تناول الحبوب والخضار والفاكهة. ويجب تناول أربع حصص من الفاكهة أو الخضار يوميّاً للحصول على الفيتامينات الكافية والضرورية للجسم وجهاز المناعة، عوضاً عن شراء المكمّلات الغذائية أي الفيتامينات من الصيدليات، إذ لا فائدة من تناولها بكميات كبيرة. كما أنّه من الضروري الإكثار من المأكولات والمشروبات الساخنة وشرب المياه باستمرار للحفاظ على رطوبة الجسم، والابتعاد عن المثلّجات والبوظة والسوائل الباردة"، مشيراً إلى أنّ "النظام الغذائي المذكور يساعد على الوقاية من الفيروسات، ليس فقط فيروس كورونا".
ويُتابع زيتون: "أمّا الوسيلة الثانية فهي ممارسة الرياضة أو أيّ نوع من النشاط الجسدي والتمارين البسيطة بمعدّل أقلّه 100 دقيقة أسبوعيّاً، أو نحو ربع ساعة يومياً، كالمشي أو ركوب الدراجة الهوائية، وربما القيام ببعض الأعمال الزراعية إذا كان هناك حديقة في المنزل. كل هذا يعزّز اللياقة البدنية وبالتالي جهاز المناعة، حتّى أنّنا نجد عدداً من المسنّين الذين يتمتّعون بلياقة بدنية ومناعة أقوى من الشباب".
غسل الأنف بالمياه والملح يومياً
كما يكشف زيتون أنّ "النوم السليم هو الوسيلة الثالثة لتعزيز المناعة الذاتية، لما له من تأثير إيجابي في تعزيز الحركة الدموية"، مشدّداً على "أهمية النظافة الشخصية والتعقيم هذه الفترة، وغسل الأنف بالمياه والملح يومياً، كون فيروس كورونا الجديد ينتقل عبر اللّمس، على عكس غالبية الفيروسات التي تنتقل عبر الهواء، بحسب بعض الدراسات العلمية. لكن من الضروري معرفة أنّ الوسواس بالنظافة بشكل عام لا يعزّز المناعة أبداً على المدى الطويل"، داعياً إلى "الابتعاد عن الزيارات والاحتفالات هذه الفترة".
اقــرأ أيضاً
ويلفت زيتون إلى أنّ "جهاز المناعة معقّد وقوي، وتلعب خلايا الدم البيضاء دوراً مهمّاً في منع الجراثيم من دخول الجسم، وبالتالي تفادي الأمراض، لكنّه غير كافٍ بحدّ ذاته. لذلك ننصح بالوقاية".
قوّة المناعة لا تُحدّد بفحص
في هذا السياق، يكشف رئيس قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى جبل لبنان البروفيسور فادي نصر لـ "العربي الجديد"، أنّه "ليس معروفاً حتى تاريخه كيف يكون جهاز المناعة لدى البعض قادراً على القضاء على الفيروسات، فيما يفشل لدى البعض الآخر، ولو عرفنا لكانت حُلّت كل هذه المشاكل. لكن ما يمكن تأكيده أنّ أصحاب المناعة الضعيفة معرّضون أكثر للإصابة والوفاة. وتكشف بعض الإحصائيات العلمية في الصين أخيراً أنّ أول ضحايا فيروس كورونا الجديد هم مرضى القلب والضغط، ومن ثمّ مرضى السكري. وفي المرحلة الثالثة، يأتي مرضى السرطان. لذلك، نوصي هؤلاء المرضى بتوخّي الحذر، واتّخاذ احتياطات إضافية هي نفسها الاحتياطات العادية المفروضة هذه الفترة على الجميع، لكن الانتباه إلى ضرورة عدم الاختلاط مع مرضى آخرين خلال زيارتهم المستشفى لتلقّي علاجهم المزمن".
ويلفت إلى أنّ "مستشفى جبل لبنان على سبيل المثال، بادر إلى نقل قسم الأمراض السرطانية إلى مبنى جديد مع ممرّ خاص بهم، لتفادي احتكاكهم بالآخرين وبالتالي منع إصابتهم بالفيروس".
المناعة لا تُعزَّز بالمكمّلات
ويذكر نصر أن بعض الدراسات العلمية خلصت إلى أنّ "80 في المائة من المصابين بالفيروس يتماثلون إلى الشفاء، في حين أنّ 20 في المائة يعانون مشاكل حادّة ومنهم خمسة في المائة (تقريباً) يلقون حتفهم"، مشيراً إلى أنّه "ما من مؤشّر لمعرفة قوّة المناعة من عدمها، وما من فحصٍ لذلك، إنّما يتمّ التعرف على قوة الجهاز فقط من خلال المراقبة. إذ إنّ فحص الدم لبعض المصابين بالفيروس أظهر نتائج مماثلة لأولئك غير المصابين، كما لم يتبيّن تدنّي مناعتهم أو ضعفها". ويقول إن "المناعة تولد مع الشخص، وتتغيّر بحسب الأمراض التي يعانيها خلال حياته، غير أنّ تناول المكمّلات الغذائية (الفيتامينات) من الصيدليات لا يعزّز جهاز المناعة، بل يخدم المنحى التجاري فقط".
ويشرح نصر "كيفية تكاثر الفيروس داخل خلايا الجسم وعبرها، ما يحفّز جهاز المناعة على مقاومته. وفي حال فشل الجهاز يتسبّب هذا الفيروس بمشاكل في الرئة، والحال نفسه إذا استجاب الجهاز بطريقة مُبالغ بها، عندها تقتلنا مناعتنا بحدّ ذاتها".
بلازما الدم قد تكون الحلّ
ويشير نصر إلى أنّ "الاختبارات جارية في الولايات المتحدة الأميركية لمحاولة نقل بلازما الدم (Plasma) من المصابين الذين تماثلوا للشفاء كونها تحتوي مضادات حيوية أفرزتها أجسادهم، إلى مرضى الفيروس الذين يعانون من مضاعفاتٍ خطيرة، وقد ثبت نجاح هذه التجارب".
وعن الوصفات الغذائيّة، يقول نصر: "كلّ ما يتمّ تداوله يقع في خانة التنظير الذي لا معنى له، سواء لناحية الحديث عن تناول الثوم أو الفليفلة أو شرب اليانسون، إذ ما من تأكيدات علمية تبرهن ذلك، إنّما من الضروري تناول الكثير من المياه والسوائل الساخنة، من دون أن يكون لتناول اللحوم أو الدجاج أو السمك أي علاقة. كما أنّه ما من سببٍ مباشر للتدخين في التأثير على احتمال الإصابة بالفيروس، غير أنّنا طبعاً ننصح بعدم التدخين حفاظاً على الصحة. لكن للنرجيلة خطورتها، خصوصاً مع تفاقم احتمال لمس "نبريش" النرجيلة من قبل أكثر من شخص، والأخطر هو تشارك النرجيلة الواحدة أو تدخينها في المقاهي والمطاعم، علماً أنّ التدخين والنرجيلة يشكّلان تهديداً لمرضى الرئة الذين هم من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا".
ملازمة المنازل ضرورة قصوى
ويوضح الطبيب المتخصّص في أمراض الجهاز التنفّسي والعناية الفائقة الدكتور رالف نعمة، أنّ "جهاز المناعة يقاوم فيروس كورونا كما يقاوم غيره من الفيروسات والبكتيريا، غير أنّ الفرق يكمن في مدى قوّة هذا الجهاز أو ضعفه وفي مدى تقدّم عمر الإنسان، أو الأمراض التي يعاني منها والأدوية التي يتناولها، وكذلك بحسب حجم الفيروس".
اقــرأ أيضاً
ويقول لـ "العربي الجديد" إن "ما نشهده من انتشارٍ سريع للفيروس يدعو إلى القلق، حتّى لو أنّ الوفيات لم تتجاوز 2 إلى 3 في المائة، لكنّها مرجّحة للارتفاع مع ارتفاع حالات الوفيات في إيطاليا"، لافتاً إلى أنّ "20 في المائة من المصابين سيحتاجون إلى دخول المستشفى و10 في المائة إلى العناية الفائقة، ما يعني استحالة علاج المضاعفات مع ارتفاع عدد المصابين، إذ إنّ إيطاليا المعروفة بتقدّمها الطبي والعلمي أثبتت عجزها عن تقديم الرعاية الطبية لجميع المصابين الذين هم في حاجة إليها، ما اضطرّهم إلى الاختيار بين المرضى، فيعالجون البعض ويتركون البعض الآخر لملاقاة حتفه".
ويشدّد نعمة على "ضرورة ملازمة المنازل في هذه الفترة وعدم الاختلاط بالآخرين قدر الإمكان، للحدّ من عدد المصابين وتفادي كارثة حقيقية. فإذا أخذنا لبنان على سبيل المثال، من الطبيعي أنّ إصابة 3 ملايين شخص في غضون شهر واحد تختلف تماماً عن إصابتهم في غضون 6 أشهر، لا سيّما في ظلّ النقص الحاد في المستلزمات الطبية والوضع الاقتصادي الراهن".
ويؤكد أنّه "ما من غذاء أو شراب أو فيتامينات محدّدة للوقاية من الفيروس، ولا علاقة للّحوم والدجاج وغيرهما بخفض المناعة ضد فيروس كورونا، لكن قوة المناعة تتحدّد بحسب سلامة الجسد، لناحية اتّباع الأفراد نمط حياة يقوم على الطعام الصحي وممارسة الرياضة والامتناع عن التدخين والنرجيلة تحديداً، إذ إنّ الأخيرة قادرة على نشر الفيروس بطريقة سريعة عبر انتقاله من فم إلى فم ومن شخص إلى آخر".
خطورة العدوى؟
يقول رئيس الجمعية اللبنانية والعربية لأمراض الحساسيّة والمناعة الدكتور فارس زيتون، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الإصابة بفيروس كورونا الجديد ليست بالضرورة نتيجة ضعف أو نقص المناعة، بل ترتبط أحياناً بحجم الفيروس الذي دخل الجسم عبر اللّمس أو التنفّس، وهنا تكمن خطورة العدوى. ثمّ يأتي دور جهاز المناعة في محاربة الفيروسات والميكروبات".
يضيف: "لا يتجاوب جهاز المناعة مع حجم الفيروس، في حال كانت المناعة متدنيّة أو ضعيفة، إذ إن الوفاة ترتبط بوجود خللٍ في الجهاز بحدّ ذاته. أمّا بالنسبة لأسباب الوفاة نتيجة هذا الفيروس، فالمنطق نفسه ينطبق على الأمر، إذ إن الوفاة ترتبط بالمناعة الذاتية وسرعة التشخيص والعلاج ومدى تجاوب المريض مع هذا العلاج، إضافة إلى ما يعانيه من أمراض مزمنة أو غير ذلك. المسنّون على سبيل المثال لا يموتون فقط بسبب ضعف مناعتهم، إنّما بسبب أمراض أخرى تفاقم خطر المضاعفات، كداء السكري وأمراض القلب والأمراض الصدرية والربو.
ويميّز زيتون بين ثلاثة أنواع من نقص المناعة عند البشر. هناك مَن يعانون من نقص المناعة الأولي الذي يرتبط بعامل وراثي منذ الولادة علماً أن هذه الحالات قليلة. وهناك نقص المناعة المرتبط بالأشخاص الذين يتناولون الكثير من الأدوية مثل الكورتيزون وأدوية أمراض الروماتيزم، وتلك المستعصية التي تضعف جهاز المناعة، وتجعلهم عرضة لمضاعفات إضافية في حال الإصابة بالفيروسات والميكروبات. أمّا النوع الثالث، فهو نقص المناعة غير المسيطر عليها إذا ما كان الأشخاص يعانون من أمراض الجهاز التنفسي أو القلب أو السكري أو الفشل الكلوي أو الربو أو الحساسية، وهذه الأمراض لا تنحصر فقط بالمسنّين. لذلك نوصي دائماً بأخذ الاحتياطات اللازمة".
الوقاية بالرياضة
ويؤكّد زيتون عدم صوابيّة ما يتمّ تداوله من وصفاتٍ لتعزيز جهاز المناعة، مؤكداً أنّ "سبل تعزيز هذا الجهاز تكمن في الوسائل الثلاث الآتية: "الأولى في غذاءٍ أكثر تنوّعاً واعتدالاً، غنيّ بالألياف، وهذا لا يعني عدم تناول اللّحوم، لكن المفضّل هذه الفترة تناول الحبوب والخضار والفاكهة. ويجب تناول أربع حصص من الفاكهة أو الخضار يوميّاً للحصول على الفيتامينات الكافية والضرورية للجسم وجهاز المناعة، عوضاً عن شراء المكمّلات الغذائية أي الفيتامينات من الصيدليات، إذ لا فائدة من تناولها بكميات كبيرة. كما أنّه من الضروري الإكثار من المأكولات والمشروبات الساخنة وشرب المياه باستمرار للحفاظ على رطوبة الجسم، والابتعاد عن المثلّجات والبوظة والسوائل الباردة"، مشيراً إلى أنّ "النظام الغذائي المذكور يساعد على الوقاية من الفيروسات، ليس فقط فيروس كورونا".
ويُتابع زيتون: "أمّا الوسيلة الثانية فهي ممارسة الرياضة أو أيّ نوع من النشاط الجسدي والتمارين البسيطة بمعدّل أقلّه 100 دقيقة أسبوعيّاً، أو نحو ربع ساعة يومياً، كالمشي أو ركوب الدراجة الهوائية، وربما القيام ببعض الأعمال الزراعية إذا كان هناك حديقة في المنزل. كل هذا يعزّز اللياقة البدنية وبالتالي جهاز المناعة، حتّى أنّنا نجد عدداً من المسنّين الذين يتمتّعون بلياقة بدنية ومناعة أقوى من الشباب".
غسل الأنف بالمياه والملح يومياً
كما يكشف زيتون أنّ "النوم السليم هو الوسيلة الثالثة لتعزيز المناعة الذاتية، لما له من تأثير إيجابي في تعزيز الحركة الدموية"، مشدّداً على "أهمية النظافة الشخصية والتعقيم هذه الفترة، وغسل الأنف بالمياه والملح يومياً، كون فيروس كورونا الجديد ينتقل عبر اللّمس، على عكس غالبية الفيروسات التي تنتقل عبر الهواء، بحسب بعض الدراسات العلمية. لكن من الضروري معرفة أنّ الوسواس بالنظافة بشكل عام لا يعزّز المناعة أبداً على المدى الطويل"، داعياً إلى "الابتعاد عن الزيارات والاحتفالات هذه الفترة".
ويلفت زيتون إلى أنّ "جهاز المناعة معقّد وقوي، وتلعب خلايا الدم البيضاء دوراً مهمّاً في منع الجراثيم من دخول الجسم، وبالتالي تفادي الأمراض، لكنّه غير كافٍ بحدّ ذاته. لذلك ننصح بالوقاية".
قوّة المناعة لا تُحدّد بفحص
في هذا السياق، يكشف رئيس قسم أمراض الدم والأورام في مستشفى جبل لبنان البروفيسور فادي نصر لـ "العربي الجديد"، أنّه "ليس معروفاً حتى تاريخه كيف يكون جهاز المناعة لدى البعض قادراً على القضاء على الفيروسات، فيما يفشل لدى البعض الآخر، ولو عرفنا لكانت حُلّت كل هذه المشاكل. لكن ما يمكن تأكيده أنّ أصحاب المناعة الضعيفة معرّضون أكثر للإصابة والوفاة. وتكشف بعض الإحصائيات العلمية في الصين أخيراً أنّ أول ضحايا فيروس كورونا الجديد هم مرضى القلب والضغط، ومن ثمّ مرضى السكري. وفي المرحلة الثالثة، يأتي مرضى السرطان. لذلك، نوصي هؤلاء المرضى بتوخّي الحذر، واتّخاذ احتياطات إضافية هي نفسها الاحتياطات العادية المفروضة هذه الفترة على الجميع، لكن الانتباه إلى ضرورة عدم الاختلاط مع مرضى آخرين خلال زيارتهم المستشفى لتلقّي علاجهم المزمن".
ويلفت إلى أنّ "مستشفى جبل لبنان على سبيل المثال، بادر إلى نقل قسم الأمراض السرطانية إلى مبنى جديد مع ممرّ خاص بهم، لتفادي احتكاكهم بالآخرين وبالتالي منع إصابتهم بالفيروس".
المناعة لا تُعزَّز بالمكمّلات
ويذكر نصر أن بعض الدراسات العلمية خلصت إلى أنّ "80 في المائة من المصابين بالفيروس يتماثلون إلى الشفاء، في حين أنّ 20 في المائة يعانون مشاكل حادّة ومنهم خمسة في المائة (تقريباً) يلقون حتفهم"، مشيراً إلى أنّه "ما من مؤشّر لمعرفة قوّة المناعة من عدمها، وما من فحصٍ لذلك، إنّما يتمّ التعرف على قوة الجهاز فقط من خلال المراقبة. إذ إنّ فحص الدم لبعض المصابين بالفيروس أظهر نتائج مماثلة لأولئك غير المصابين، كما لم يتبيّن تدنّي مناعتهم أو ضعفها". ويقول إن "المناعة تولد مع الشخص، وتتغيّر بحسب الأمراض التي يعانيها خلال حياته، غير أنّ تناول المكمّلات الغذائية (الفيتامينات) من الصيدليات لا يعزّز جهاز المناعة، بل يخدم المنحى التجاري فقط".
ويشرح نصر "كيفية تكاثر الفيروس داخل خلايا الجسم وعبرها، ما يحفّز جهاز المناعة على مقاومته. وفي حال فشل الجهاز يتسبّب هذا الفيروس بمشاكل في الرئة، والحال نفسه إذا استجاب الجهاز بطريقة مُبالغ بها، عندها تقتلنا مناعتنا بحدّ ذاتها".
بلازما الدم قد تكون الحلّ
ويشير نصر إلى أنّ "الاختبارات جارية في الولايات المتحدة الأميركية لمحاولة نقل بلازما الدم (Plasma) من المصابين الذين تماثلوا للشفاء كونها تحتوي مضادات حيوية أفرزتها أجسادهم، إلى مرضى الفيروس الذين يعانون من مضاعفاتٍ خطيرة، وقد ثبت نجاح هذه التجارب".
وعن الوصفات الغذائيّة، يقول نصر: "كلّ ما يتمّ تداوله يقع في خانة التنظير الذي لا معنى له، سواء لناحية الحديث عن تناول الثوم أو الفليفلة أو شرب اليانسون، إذ ما من تأكيدات علمية تبرهن ذلك، إنّما من الضروري تناول الكثير من المياه والسوائل الساخنة، من دون أن يكون لتناول اللحوم أو الدجاج أو السمك أي علاقة. كما أنّه ما من سببٍ مباشر للتدخين في التأثير على احتمال الإصابة بالفيروس، غير أنّنا طبعاً ننصح بعدم التدخين حفاظاً على الصحة. لكن للنرجيلة خطورتها، خصوصاً مع تفاقم احتمال لمس "نبريش" النرجيلة من قبل أكثر من شخص، والأخطر هو تشارك النرجيلة الواحدة أو تدخينها في المقاهي والمطاعم، علماً أنّ التدخين والنرجيلة يشكّلان تهديداً لمرضى الرئة الذين هم من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا".
ملازمة المنازل ضرورة قصوى
ويوضح الطبيب المتخصّص في أمراض الجهاز التنفّسي والعناية الفائقة الدكتور رالف نعمة، أنّ "جهاز المناعة يقاوم فيروس كورونا كما يقاوم غيره من الفيروسات والبكتيريا، غير أنّ الفرق يكمن في مدى قوّة هذا الجهاز أو ضعفه وفي مدى تقدّم عمر الإنسان، أو الأمراض التي يعاني منها والأدوية التي يتناولها، وكذلك بحسب حجم الفيروس".
ويقول لـ "العربي الجديد" إن "ما نشهده من انتشارٍ سريع للفيروس يدعو إلى القلق، حتّى لو أنّ الوفيات لم تتجاوز 2 إلى 3 في المائة، لكنّها مرجّحة للارتفاع مع ارتفاع حالات الوفيات في إيطاليا"، لافتاً إلى أنّ "20 في المائة من المصابين سيحتاجون إلى دخول المستشفى و10 في المائة إلى العناية الفائقة، ما يعني استحالة علاج المضاعفات مع ارتفاع عدد المصابين، إذ إنّ إيطاليا المعروفة بتقدّمها الطبي والعلمي أثبتت عجزها عن تقديم الرعاية الطبية لجميع المصابين الذين هم في حاجة إليها، ما اضطرّهم إلى الاختيار بين المرضى، فيعالجون البعض ويتركون البعض الآخر لملاقاة حتفه".
ويشدّد نعمة على "ضرورة ملازمة المنازل في هذه الفترة وعدم الاختلاط بالآخرين قدر الإمكان، للحدّ من عدد المصابين وتفادي كارثة حقيقية. فإذا أخذنا لبنان على سبيل المثال، من الطبيعي أنّ إصابة 3 ملايين شخص في غضون شهر واحد تختلف تماماً عن إصابتهم في غضون 6 أشهر، لا سيّما في ظلّ النقص الحاد في المستلزمات الطبية والوضع الاقتصادي الراهن".
ويؤكد أنّه "ما من غذاء أو شراب أو فيتامينات محدّدة للوقاية من الفيروس، ولا علاقة للّحوم والدجاج وغيرهما بخفض المناعة ضد فيروس كورونا، لكن قوة المناعة تتحدّد بحسب سلامة الجسد، لناحية اتّباع الأفراد نمط حياة يقوم على الطعام الصحي وممارسة الرياضة والامتناع عن التدخين والنرجيلة تحديداً، إذ إنّ الأخيرة قادرة على نشر الفيروس بطريقة سريعة عبر انتقاله من فم إلى فم ومن شخص إلى آخر".