يتأكد من أسبوع لآخر تهاوي زخم تظاهرات "السترات الصفراء"، بعدما شهدت تظاهرات اليوم السبت خروج 10 آلاف و300 متظاهر، حسب وزارة الداخلية الفرنسية، من بينهم 1100 متظاهر في العاصمة، أي بزيادة طفيفة على أعداد الأسبوع الماضي.
وفي ما يخص الإحصاءات التي تقوم بها "السترات الصفراء"، عبر حسابها في "تويتر"، فهي تتحدث عن خروج 19 ألفاً و654 متظاهراً في عموم فرنسا، في الأسبوع الثلاثين.
وشهدت مدينة مونبوليي أكبر تظاهرة، هذا اليوم، بسبب دعوات في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تجمَّع فيها 5000 شخص، وشهدت صدامات بين متظاهرين وبين قوى الأمن، استخدمت فيها الشرطة الغازات المسيلة للدموع وخراطيم المياه، دون اللجوء إلى استخدام قنابل "إل بي دي"، المسؤولة عن فقء عيون كثيرين وبتر أعضائهم وتشويه أجسادهم. وقد جرح في هذه الصدامات 8 أشخاص، نصفهم من قوى الأمن، وانتهت التظاهرة بإيقاف 7 متظاهرين.
مبادرة تأخَّرَ موعدُها
وفجأة تذكر منظّمو احتجاجات "السترات الصفراء" أنه يوجد خزان من المتظاهرين في الضواحي، فنظَّموا تظاهرة اليوم في ضواحي باريس. وانطلقت المسيرة من "سْتاد دي فرانس" في سان-دونيه إلى مدينة بوبيني، وهما تقعان في الضاحية الشعبية التي تضم نسبة كبيرة من المهاجرين، من عرب وأفارقة وآسيويين، وأطلقوا عليها: "السترات الصفراء في الضاحية. الفصل الأول".
وحضر هذه التظاهرة أكثر من ألف شخص، واستحضرت بعض شعاراتها "لا نسيان ولا تسامح 2005-2019"، مأساة موت الفتَيَيْن العربي والأفريقي، زياد وبونا، سنة 2005، صعقاً في مُولّد كهربائي، بعد أن هربا من مطاردة دورية للشرطة، ولم يَقم أفراد الشرطة بتقديم المساعدة لهما. وقد تسبّب مقتلهما في إشعال انتفاضة الضواحي، التي استمرت من 27 أكتوبر/ تشرين الأول إلى 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005.
ويبدو أن ثمة أسباباً كثيرة تفسر برودة العلاقات بين "السترات الصفراء" وأبناء الضواحي والأحياء الشعبية. ولعلّ ما أثارته بعض وسائل الإعلام من وجود تيارات عنصرية ومعادية للسامية بين "السترات الصفراء" كان دافعاً لأبناء الضواحي لاعتبار أن المعركة لا تهمهم. وقد أكّد هذا التوجس بين الطرفين إقدام بعض أفراد "السترات الصفراء" في بداية الحراك على إيقاف بعض المهاجرين السريين وتسليمهم لقوى الدرك.
كذلك يوجد اختلاف في طبيعة مشاكل وهموم الطرفين، فـ"السترات الصفراء" في معظمهم، من الأرياف، ولهم وظائف شغل، ولكن البنزين يرهق ميزانياتهم، بينما أبناء الضواحي ليس لديهم مشكل بخصوص وسائل النقل، والمشكل في تفشي البطالة.
وفيما يخص المدن الفرنسية الأخرى، فقد عرفت خروج أعداد قليلة من المتظاهرين، في بوردو وليل ومارسيليا ونانسي، فيما شهدت مدينة ديجون صدامات بين المتظاهرين والقوى الأمنية، التي أوقفت 13 متظاهراً.
ونشرت وزارة الداخلية تغريدة تنتقد فيها شعاراتٍ وجّهها متظاهرون إلى الشرطة، تحثهم على الانتحار، "انتحروا". وتجدر الإشارة إلى أن قوى الأمن تعاني من موجة انتحارات تسببت منذ بداية سنة 2019 في مقتل 31 شرطياً.
وتعزو نقابات الشرطة ذلك إلى الإرهاق والإنهاك اللذين يعاني منهما هؤلاء الموظفون، خاصة بعد ثلاثين أسبوعاً من تظاهرات "السترات الصفراء"، والذين يعملون في ظروف صعبة للغاية، خطيرة على حياتهم في كثير من الأحيان، وهو ما يطرح تحدياً كبيراً للسلطات الفرنسية، تحاول رفعه، من خلال مقترحات وإجراءات جديدة.