وطالبت نقابة "سي.جي.تي" بالزيادة في المرتبات و"المزيد من العدالة الضريبية".
وقد مست هذه التظاهرات قطاعات الوظيفة العمومية والتربية الوطنية، والميترو والقطارات والموانئ.
وقد حظيت مبادرة "سي.جي.تي" بدعم نقابتي "صوليدير" و"قوة عمالية"، وحركة "فرنسا غير الخاضعة"، كما حضر فيها العديد من متظاهري "السترات الصفراء".
ودعمت بعض فروع "فورس أوفريار"، وكذلك منظمة "أتاك"، وأحزاب يسارية مثل "الحزب الشيوعي الفرنسي" و"الحزب الجديد المعادي للرأسمالية"، التظاهرات.
ونشر أشخاص يعلنون انتماءهم إلى "السترات الصفراء"، وبينهم إريك درويه، أحد أبرز وجوه المعارضين، دعوات في الأيام الماضية على "تويتر" للانضمام إلى تحرك النقابة.
وكان الأمين العام للنقابة فيليب مارتينيز قد أعلن، في وقت سابق، عما وصفها بـ"تظاهرات صفراء وحمراء".
وقد شهدت مدن فرنسية أخرى تظاهرات مهمة، مثل مدينتي تولوز وكان، التي شهدت خروج 2500 متظاهر، وستراسبورغ، حيث تظاهرت "السترات الصفراء" إلى جانب مناضلي "سي.جي.تي"، متوعدة بالتظاهر السبت المقبل.
كما انطلقت تظاهرة بوردو كبيرة، والشيء نفسه بالنسبة لتظاهرة مارسيليا، التي اعترفت الشرطة بحضور 5200 شخص فيها. كما شهدت مدينة كليرمون-فران تظاهرة حاشدة وغير مسبوقة. وفي مدينة ليون انضاف 500 من السترات الصفراء إلى 4000 متظاهر آخرين.
"سي.جي.تي" و"السترات الصفراء"
وقد اعتبر الأمين العام لنقابة "سي.جي.تي" تظاهرات اليوم "ناجحةً جدا، وهو ما يَعدُ بنضالات أخرى قادمة".
وإذا كان فيليب مارتينيز رأى في إغلاق برج إيفيل، الثلاثاء، أبوابَه أمام السياح رمزاً لـ"يوم نضالي ناجح"، إلا أن كثيرين رأوا أن "النجاح الحقيقي يكمُن في انفتاحه أخيراً على حركة "السترات الصفراء""، وهو ما كان يَحْذَر منه فيليب مارتينيز كثيرا، رغم أنه تسبب في توترات كبيرة من قاعدة نقابية كانت ترى ضرورة الالتحام مع السترات الأولى من البداية.
وأشار مارتيز إلى تقارُب حذِر من كلا الطرفين، وإن كانت حركة السترات الصفراء نفسها غير متجانسة ولا تستقر على موقف واحد.
في المقابل، رفضت "الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل" (سي.إف.دي.تي)، التي تشكل مع الكونفدرالية العامة للعمل، أكبر نقابتين في فرنسا، الانضمام إلى هذه التعبئة وقال أمينها العام لوران بيرجيه "لم يكن هذا هدفنا"، مفضلا المشاركة في النقاش الكبير التي تقيمه الحكومة.
من جهتها، ترفض الكونفدرالية العامة للعمل و"صوليدير" الانضمام إلى النقاش، معتبرة أنه "منحاز".
التصويت على قانون "مكافحة المشاغبين"
ويصادف الإضراب في يوم التصويت في البرلمان على قانون "مكافحة المشاغبين" الذي يعطي مسؤولي الإدارات المحلية إمكانية منع تظاهرات، وهو قانون يثير انتقادات حادة من قبل النقابات.
وأقر البرلمان الفرنسي، قبل نحو أسبوع، قانوناً يتضمن بنوداً تحظر التظاهرات في بعض الحالات والمواقف، وسيتم التصويت الأولي عليه اليوم بعد إنهاء قراءته الأولى.
ومنح البند الثاني في القانون الجديد وُلاة الأمن في فرنسا الحقّ في اتخاذ قرارات بحظر التظاهُر. ويتعلق الأمر بصلاحية الولاة في منع بعض المواطنين من المشاركة في تظاهرات. وكان القضاة وحدهم، في السابق، من يحق لهم، اتخاد هذا الإجراء كقرار مُكمِّل للإدانة.
ويعتبر هذا البند بالغ التشدد، بالرغم من أن حظر التظاهُر لا يشمل سوى "بضع مئات"، باعتراف وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير نفسه، الذي شدد على أن هذا البند "يَضمن حق التظاهر".
وتجدر الإشارة إلى أن البند الجديد، أي بند الحظر الإداري للتظاهر، تضمَّنَه مشروع القانون الذي صوّتت عليه الأغلبية اليمينية في مجلس الشيوخ. وإذا كانت الطبعة الأولى من هذا البند، أي طبعة اليمين في مجلس الشيوخ، أكثر زجرية، فإن الأغلبية الرئاسية استطاعت تضمينه "إضافات قانونية وعملياتية"، إذ حسب البند الجديد "وحدهم الأفراد الذين يمثلون تهديداً بالغ الخطورة على النظام العمومي"، هم مَن سَيتم مستقبلاً حظر مشاركتهم في تظاهرات. وفي حالة ارتكابهم لمخالفة، فالعقوبة تصل إلى ستة أشهر سجناً، و7500 يورو غرامة.
وفي محاولة من نواب الأغلبية لإبعاد شبهة حظر التظاهر، وهو حق دستوري، تمت إضافة "معايير موضوعية"، فالشخص الذي ينطبق عليه هذا القانون هو المتهم بـ"الاعتداء على سلامة الأشخاص الجسدية وإلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات"، أو "ممارسة عنف"، أثناء تظاهرات سابقة.
وفي حالة وجود مخاطر من مشاركة هؤلاء الأشخاص في تظاهرات وتجمعات أخرى، يستطيع القاضي حظر وجودهم في أي تظاهرة على المستوى الوطني في غضون شهر. لكن هؤلاء الأشخاص الذين يتعرضون للحظر، وبفضل تعديلٍ تقدم به نائب من الأغلبية الرئاسية، يستطيعون رفع دعوى عاجلة أمام القضاء الإداري.
وقد تم إقرار هذا القانون، رغم معارضة شرسة من طرف المعارضة اليسارية. وقد رأت فيها حركة "فرنسا غير الخاضعة" التي يقودها جان لوك ميلانشون "هجوماً على الحريات الأساسية لعموم الشعب"، كما رأت في هذا البند من القانون الجديد إدخالاً لإجراء لا يُسمَح به سوى في إطار حالة الطوارئ، ورأى فيه الشيوعيون "قانونا ظرفيا"، من أجل مواجهة السترات الصفراء.
من جهته، اعتبر اليمين المتطرف أن هذا القانون، الذي يَحدّ من حرية التظاهر، يذكّر بقوانين نظام "فيشي" العميل، في حين أن حزب "الجمهوريين" اعتبره دون المستوى المطلوب، منتقداً الإضافات والتعديلات التي مسّت نص وروح القانون، كما صوَّت عليه مجلس الشيوخ.