انشغال سياسي وشعبي صاخب تشهده إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، وتحديدا مدينة أولناي التي شهدت حادث اغتصاب واعتداء على مواطن فرنسي أسود من عناصر الشرطة يوم الخميس الماضي.
وأكد النائب عن منطقة "سين-سان- دونيه"، الاشتراكي دانييل غولدبيرغ قبل قليل، أن الغضب والتقزز حاضران لدى عائلة المواطن ثيو والسكان، بعد تعرض الشاب للاغتصاب والضرب والشتم والإهانة على أيدي أربعة عناصر من الشرطة.
وخاطب غولدبيرغ وزير الداخلية الفرنسي برونو لورو بضرورة تغيير العلاقات الصعبة بين المواطنين والشرطة. لكنه امتدح في المقابل سرعة التحقيقات الداخلية.
ورد وزير الداخلية بالقول: "إني أتعاطف مع ثيو ومع عائلته وأقربائه"، مؤكدا أن "وزارته سلمت كل العناصر والمعلومات المتوفرة لديها للعدالة. وأن القضاء مستقل، ويشتغل وفق توقيته الخاص به". كما أشار إلى السرعة التي تعاملت بها وزارته بتوقيف أفراد الشرطة المتهمين.
وشدّد على مرتكزات "العقد الجمهوري" ومنها العلاقاتُ الوثيقة بين الشعب والشرطة. ورأى أن فرنسا "في حاجة للأمن والاستقرار، ومن هنا لا يجب التشكيك في الشرطة وفي السلطة".
أما رئيس الحكومة، برنار كازينوف فأكد على "التشدد في التعامل مع من ينتهك أخلاقيات المهنة". وأضاف "أنا أعرف ظروف الشرطة الصعبة في مواجهة الإرهاب، ولكن عليهم أن يكونوا نموذجيين".
وبرز الموقف النشاز الوحيد والصريح الذي صدر عن مارين لوبين، مرشحة اليمين المتطرف، التي قالت: "لا يجب انتقاد الشرطة بعنف وعلنية أمام الجمهور".
— L'Obs (@lobs) ٦ فبراير، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
الجدير بالذكر أنّ هذه القضية بدأت بعد ظهر الخميس الماضي، حين باشر أربعة أفراد من الشرطة يراقبون الحي بمساءلة بعض الشباب والتحقق من هوياتهم. وحضر الشاب ثيو (الذي يجمع سكان الحي على طيبته وخدمته للصالح العام) بمحض الصدفة، ووجد نفسَه بين من طُلِب منهم أن يصطفوا إلى الحائط.
وأشار ثيو إلى تلقيه ضربة من شرطي، موضحا أنه تحرّك حتى أصبح في مرمى الكاميرات، وأنه لم يفكر قطّ في الهرب، وأن اللكمات والضربات من أفراد الشرطة انهالت عليه.
— Salem (@Ibn_Sayyid) ٦ فبراير، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
كما أقدم أحد أفراد الشرطة على إيلاج هراوته في شرج ثيو، مسببا له تمزقات وجراحاً مؤلمة، قد تكون لها عواقب مستقبلية، بحسب الأطباء. وأضاف ثيو في تصريحاته لإحدى القنوات التلفزيونية أنه رغم الدماء التي كانت تسيل منه، فقد استمروا في ضربه داخل سيارة الشرطة والسخرية منه.
— Le Parisien | 93 (@LeParisien_93) ٦ فبراير، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ونشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر صفحة خاصة بعنوان "العدالة لثيو" الدعوة للتجمع الليلة دفاعا عن الشاب المعتدى عليه وعن سكان أولناي.
وأمس انطلق موكب ضمّ المئات من شباب الحي، نحو مركز الشرطة في جو هادئ، لكن سرعان ما تحوّل إلى انتفاضة شهدت اشتباكات استخدمت فيها الحجارة والمولوتوف من قبل الشباب، والرصاص الحي من قبل الشرطة، نتج عنها تحطيم واجهات مَطعَمَين. واستمرت المناوشات من العاشرة ليلا إلى الثانية صباحا، اعتقلت الشرطة على إثرها 26 شخصا.
— Zoé Véricel (@ZoEveryday) ٧ فبراير، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وبادرت وزارة الداخلية الفرنسية بسرعة، إلى إيقاف هؤلاء الشرطيين عن عملهم، وتوجيه الاتهام بالاغتصاب إلى أحدهم، إلا أن أفراد الدورية لا يزالون يتمسكون بروايتهم القائلة بأن ما حدث كان "بدون قصد".
والحقيقة أن ما حدث في هذه المنطقة الفقيرة ليس جديدا، فالعنف البوليسي واقع في فرنسا، وكثيرا ما تُدان فرنسا بسببه، من قبل جهات دولية منها منظمة العفو الدولية. كما أن المَحاكم الفرنسية غالبا ما تنظر في قضايا من هذا النوع ولكنها نادرا ما تُصدرُ أحكاما ضد رجال الشرطة.
— Toufik de Planoise Ⓐ (@Toufik2Planoise) ٧ فبراير، ٢٠١٧ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
لكن الجديد هذه المرة أن هذه الأحداث جرت على وقع الحملة الانتخابية. لذلك بادر برونو ديشيزّا، عمدة البلدة، وهو شرطي سابق ويمثل حزب "الجمهوريون"، إلى إطلاق خطاب نادر،
عبّر فيه عبر "فيسبوك" عن دعمه اللامشروط لعائلة الضحية ثيو.
أما المرشح الاشتراكي الرسمي لرئاسيات 2017، بونوا هامون، فبادر إلى التنديد بالعنف البوليسي، مؤكدا وقوفه مع عائلة الضحية. وأشار إلى تردي العلاقات بين السكّان والشرطة، وامتدح قرار وزير الداخلية السريع في إيقاف رجال الشرطة المتهمين.
كما أن رئيس الجمهورية الفرنسية، فرانسوا هولاند، بادر إلى التعليق على الأحداث، مؤكِّداً أن "العدالة والقاضي يحميان المواطنين، حتى حين يكون رجال الشرطة موضع اتهام".
وأكّدت مؤسسة "المدافع عن القانون"، التي يترأسها جاك توبون، أنها تحقق في هذه القضية. ومعلوم أن هذه المنظمة المستقلة غالبا ما تدين العنف البوليسي، كما تدين ارتكاز رجال الشرطة على بشرة الوجه حين تقوم بتحقيقاتها وتحرياتها.