بعد أن أجمعت استطلاعات الرأي، على تقلّص الفوارق بين المرشحين الثلاثة الأوائل للانتخابات التمهيدية في اليمين، نيكولا ساركوزي وألان جوبيه وفرانسوا فيون، حرص هؤلاء، ليل أمس، خلال آخر مناظرة قبل الدور الأول من هذه الانتخابات، التي تقام بعد غد الأحد، على التمسك بمواقفهم في سجال سياسي حذر، أظهر ضعف المرشحين الأربعة الآخرين.
وبدأت المناظرة بسجال فاتر بين المرشحين السبعة حول السياسة الخارجية، إذ أبدى الجميع رفضه للأداء الاشتراكي، وعزمه التعاون مع موسكو وواشنطن لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، خاصة بعد فوز المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالرئاسة الأميركية، ودعوته إلى التقارب مع موسكو في ما يخص الملف السوري.
كما عكست هذه التدخلات تقارباً في وجهات النظر، عملاً بثوابت اليمين التقليدية في ما يخص الدفاع عن "مسيحيي الشرق" وإسرائيل ضد ما أسموه بـ"النزعة الاستئصالية" لتنظيم "داعش"، كما جسّدت اتفاقاً بدرجات متفاوتة، على ضرورة الحد من الهجرة ومضاعفة القوانين الردعية للحد من تدفق اللاجئين.
وعكَس النقاش اختلافاً طفيفاً بين ساركوزي، الذي يدعو إلى إلغاء قانون لم الشمل العائلي، وجوبيه الذي يرى أن على فرنسا أن تجد حلا لمعضلة الفشل في طرد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلدانهم الأصلية.
وشهدت المناظرة "تألقا نسبيا" في مداخلات رئيس الوزراء السابق، فرانسوا فيون، المصنف ثالثاً في استطلاعات الرأي، والذي يحاول جاهدا أن يجد له موطئ قدم في الدورة الثانية، على حساب ساركوزي أو جوبيه.
وانتقد فيون مذيع القناة الثانية، دافيد بوجداس، الذي اتهمه بعدم منح المرشحين الوقت الكافي للحديث عن قضايا داخلية مهمة، مثل الصحة والتعليم، مدافعاً عن برنامجه الانتخابي، وعزمه القيام بإصلاحات جذرية في عدة مجالات أساسية، في حين أبدى ساركوزي غضبه من المذيع نفسه حين سأله عن اتهامات رجل الأعمال اللبناني، زياد تقي الدين، له بالحصول على تمويل ليبي لحملته الانتخابية عام 2007، واعتبر السؤال "غير أهل" بمستوى القناة التلفزيونية الثانية.
غير أن ساركوزي عاد إلى هدوئه لاحقاً، وركز في مداخلاته على تجربته في الحكم، ومعرفته الدقيقة بالملفات التي تهم المواطن الفرنسي، مثل الضرائب والصحة والتعليم والسكن.
وحرص جوبيه على إظهار "اتزانه" ورغبته في مصالحة الفرنسيين فيما بينهم باختلاف شرائحهم الاجتماعية وأصولهم الدينية والعرقية، مركزاً هو الآخر على تجربته في الحكم، مستحضراً تراث اليمين التقليدي، ممثلاً في الرئيسين اليمينيين السابقين، شارل ديغول وجاك شيراك.
في المقابل، تبيّن بشكل واضح، أن المرشحين الآخرين، جان فرنسوا كوبي، وناتالي تشاوشيكو، وموريزي، وبرنو لومير، وجاك بواسون، باتوا مقتنعين بعدم قدرتهم على منافسة ثلاثي المقدمة، والمرور إلى الدور الثاني بعد اقتراع الأحد المقبل، وقدموا عروضاً باهتة وغير مقنعة خلال مداخلاتهم. وسيتعين على هؤلاء، مباشرة بعد إعلان النتائج مساء الأحد، تحديد تحالفاتهم مع أحد الفائزين بالاقتراع.