وأكد النائب العام، فرنسوا مولان، في مؤتمر صحافي، أن العروسي، البالغ 25 عاما، بايع تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل ثلاثة أسابيع. وفي وقت سابق الثلاثاء، كشف مصدر في الشرطة، بحسب "فرانس برس"، عن توقيف شخصين على علاقة بالهجوم، فيما تحدث مولان عن اعتقال شخص ثالث في إطار التحقيق في الجريمة المزدوجة.
وأثارت العملية الكثير من التساؤلات والهلع في صفوف الفرنسيين، إذ يشكل الاعتداء الذي نفذه العروسي، من دون إمكانات لوجستية أو سلاح ناري، وبطريقة وحشية، تطورا جديدا في طبيعة الأعمال المسلحة التي تعرضت لها فرنسا في الآونة الأخيرة، ويعكس عجز الأجهزة الأمنية الفرنسية عن مواجهتها وتفاديها.
ويرى مراقبون أن سيناريو اعتداء مانونفيل يعتبر أشدّ ما يخشاه المسؤولون الأمنيون الفرنسيون، إذ يمكن لشخص بمفرده، وبدون مساعدة من أي تنظيم مهيكل، أن يخطط لـ"اعتداء إرهابي" من دون إمكانات كبيرة، بل وقد يستطيع أن يوقع خسائر بشرية ويبث الرعب.
وكان المشتبه به معروفا لدى الأجهزة الأمنية بسبب سلوكه المنحرف وارتكابه جرائم سرقة، ولكن في سنة 2011 لاحظت أنه "بدأ ينحو إلى التطرف"، وحكم عليه القضاء بثلاثة أعوام سجنا بتهمة "التورط في شبكة لنقل مرشحين للجهاد إلى مناطق القتال في باكستان"، وعقب خروجه من السجن لم تجد السلطات مبررا قانونيا لاعتقاله، رغم أنه كان يخضع للتنصت الهاتفي.
وتعالت الأصوات بعد هذا الاعتداء منتقدة أداء المخابرات الفرنسية، التي كانت تعرف حجم خطورة العروسي ولم تقم بمراقبته عن كثب، كما لم تعثر على أدلة تسهل الحكم عليه مجددا بالسجن، لتفادي ارتكابه اعتداءات.
وانتهزت المعارضة اليمينية الفرصة للمطالبة بتطبيق قانون سحب الجنسية عن الضالعين في "قضايا الإرهاب"، وهو القانون الذي تخلى عنه الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بعد أن أثار ضجة سياسية كبرى في صفوف الغالبية الاشتراكية الحاكمة.
وذهب النائب اليميني، إريك سوتي، إلى حد المطالبة بإنشاء معسكرات اعتقال خاصة بالمشتبه في تطرفهم وتعاطفهم مع "الحركات المتشددة".
وحسب إحصاءات وزارتي الداخلية والعدل، يوجد حوالي 3 آلاف شخص من نوع العروسي، وهم مسجلون لدى الأجهزة الأمنية في خانة "سين" الخاصة بالمشتبه في نزوعهم لـ"التطرف الديني"، رغم عدم ارتكابهم "أعمالاً إرهابية" وعدم توجههم لمناطق القتال في العراق أو سورية أو أفغانستان، وبالتالي فإن الأجهزة الأمنية من المفترض أن تخضعهم لمراقبة صارمة، ولو أنها لا تتوفر على دلائل تتيح اعتقالهم.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها رجال الأمن للاغتيال في فرنسا. ففي يناير/كانون الثاني 2015 قام أمادي كوبالي بإطلاق النار على شرطية في شارع بضاحية مونروج وقتلها، قبل أن يلوذ بالفرار ويرتكب اعتداء آخر على متجر يهودي في باريس.
كما أن محمد مراح، وهو شاب فرنسي من أصل جزائري، كان قد خطط لاستهداف جنود فرنسيين في مارس/آذار عام 2012، ونجح في اغتيال ثلاثة من سلاح المظليين بعد استدراجهم لكمائن محكمة في تولوز ومونتوبان في جنوب فرنسا.
واعتبر رئيس نقابة الشرطة الفرنسية، جان كلود دولاج، اليوم الثلاثاء، أن أفراد الشرطة كانوا على علم بأنهم مستهدفون من طرف "العناصر المتطرفة"، وأقر، في الوقت ذاته، بأن استهداف هؤلاء في بيوتهم وهم بالزي المدني لم يكن واردا في الأذهان.