مع اقتراب شهر رمضان من نهايته، تتفاقم أزمة الأسر المصرية، التي تواجه كابوس شراء مستلزمات عيد الفطر لأبنائها. فقد مر هذا الشهر على المصريين ثقيلاً بإجراءات وقرارات اقتصادية هضمت نسبة غير قليلة من رواتبهم الزهيدة، وتزامنت هذه الإجراءات مع شهر يتطلب المزيد من الإنفاق، خصوصاً في عيد الفطر الذي يترافق كل عام مع تقاليد شراء ثياب جديدة وألعاب للأطفال.
ولعل المرور السريع في أسواق القاهرة يعبر عن حالة الكساد التجاري بسبب ارتفاع الأسعار... إلا أن حجم التضخم في أسعار الملابس المستعملة في سوق "وكالة البلح"، أثار سخط الفقراء، خصوصاً أن هذه السوق تعتبر لـ "الغلابة"، لكن الأسعار فيها لم تعد تتناسب مع أوضاع ذوي الدخل المحدود.
ارتفاع 20 في المائة
الزحام المعتاد في نهاية رمضان في سوق "وكالة البلح" الشهيرة في وسط القاهرة، اختفى هذا العام. كثير من أصحاب المحال التي تبيع الملابس والأحذية المستعملة، والعاملون في المحال يجلسون في حالة وجوم، تعبر عن مشكلاتهم.
إذ تأتي الملابس المستعملة من الدول الأوروبية إلى ميناء بورسعيد، في شكل "بالات" كبيرة، تباع بالمزاد ثم تنقل إلى المشترين من أصحاب المحلات.
يقول صاحب أحد المحلات ويدعى جمعة إبراهيم: "ارتفعت أسعار الملابس المستعملة بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي"، متوقعا أن ترتفع أكثر خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة فعلت ما لم تفعله أي حكومة بقراراتها التي رفعت أسعار كل شيء، ولم ترحم الناس مع بداية شهر رمضان، الذي استنفد ميزانية معظم الأسر.
ويستعرض صاحب محل آخر يدعى سمير المحمدي التغيرات في الأسعار، موضحاً أن القميص ارتفع سعره إلى سبعة وستين جنيهاً، وكان يتراوح سعره بين خمسين وستين جنيهاً العام الماضي، والبنطلون مائة وعشرة جنيهات، مقابل تسعين جنيهاً في العام الماضي، و"التيشيرت" 35 جنيهاً مقابل 20 جنيهاً العام الماضي، وبدلة الأطفال بثمانين جنيهاً مقابل خمسين جنيهاً العام الماضي.
الاستغناء عن العمالة
يقول أحمد خفاجي، الحاصل على بكالوريوس في التجارة، وهو يعمل في أحد المحلات: الإقبال ضعيف وحركة البيع متراجعة جداً مقارنة بالعام الماضي، والقوة الشرائية للمستهلك انخفضت بسبب الارتفاع الرهيب في أسعار السلع والخدمات الأساسية. وللأسف حتى سوق "وكالة البلح" المناسبة لمحدودي الدخل تأثر جداً، وهو أمر محزن لأرباب الأسر، كما أنه محزن لنا كعاملين، لأن أصحاب المحلات يضطرون للاستغناء عن بعضنا، بسبب الركود".
وأمام هذا الواقع، يقف المستهلك حائراً، ويقول أحمد عبد المعطي: "تعودت أن أدخل الفرحة إلى قلوب أولادي كل عيد من خلال هذا السوق، لكني فوجئت بارتفاع الأسعار، الأمر الذى سيؤثر على حجم المشتريات، سأضطر مثلاً أن أكتفي لكل ولد بقميص أو "تيشيرت" واحد لكل واحد من أبنائي الثلاثة، وسأدخل في مفاوضات معهم لإقناعهم بعدم أهمية شراء بنطلون جديد، بصراحة أنا في دوامة!".
أما الحاجة أم محمد، فرفضت التعليق واكتفت بالقول: "حتى سوق الغلابة مش عايزينا نتهنى بيه... الناس دي مش عايزينا نفرح ليه؟".