لا يُصدق سكان منطقة المالح والمضارب البدويّة في غور الأردن، أن عام 2015 حلّ وهم ما زالوا يعيشون من دون كهرباء كما في العصور البدائيّة. لا يصدّقون أنه فيما يحتفل العالم بإضاءة أشجار العيد، يفرحون هم لو طلع القمر ليضيء ليلهم الحالك. يسأل رئيس المجلس القروي لمنطقة المالح والمضارب الرعوية عارف دراغمة: "كيف ينام المسؤول الفلسطيني الذي ينعم أولاده بالضوء، فيما يغفو أولادنا في العتمة؟".
وكان مجلس المالح قد نجح في إضاءة خيم تعود إلى 36 عائلة من أصل 470 بالطاقة الشمسيّة. وهي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها توفير الكهرباء للناس هنا. فالمنطقة تصنّف "ج" وفقاً لاتفاق أوسلو، وتخضع بذلك لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يسمح للناس بالبناء أصلاً ويهدم خيمهم باستمرار.
تشكّل منطقة المالح والمضارب وقراها، ثلثَي مساحة الأغوار الفلسطينيّة التي يسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 95% منها، وتشمل 26 قرية فلسطينيّة دمرها الاحتلال عام 1967. وتسكنها اليوم 470 عائلة من ثلاثة آلاف فلسطيني يعيشون في خيم وبيوت جاهزة أو بركسات في ظروف مزرية. ويروي مختار خربة حمصة الفوقا في منطقة البقيعة علي أبو الكباش: "أربع سنوات ونحن نركض من مكتب إلى آخر، للحصول على طاقة شمسيّة تساعد العائلات الست المتبقية في قرانا على الصمود. في النهاية يئسنا".
وقرى منطقة المالح والمضارب تضيء عتمتها بقناديل الكاز. وفي أفضل الأحوال يستخدمون مصابيح كهربائية صغيرة تعمل على بطاريات، يشغلون بها في النهار أجهزة الراديو الصغيرة.
ويقول أبو الكباش: "نحلب أغنامنا في العتمة، وأولادنا يقرأون على ضوء القنديل. لو اقتربت مني أفعى في الليل، لن أراها. لن أدرك وجودها إلا عندما تلسعني وأموت".
أما دراغمة فيشدّد: "نحن جزء من الوطن الفلسطيني. من يوفر الضوء لنابلس ورام الله والخليل، عليه أن يضيء مضارب الأغوار التي ملأتها إسرائيل بالمعسكرات والمستوطنات"، لافتا إلى أن "ثمة طاقة شمسية بديلة".
في عمليّة حسابيّة سريعة وبسيطة، يتبيّن أن كل عائلة في منطقة المالح والمضارب البدويّة المحتلة، تحتاج إلى وحدة طاقة شمسيّة تكلّف ما يقارب 800 دولار أميركي، في حين أنه بالإمكان إنارة القرى كلها بما يقارب 350 ألف دولار. ويلفت دراغمة إلى أنه "لو تبرّع كل خمسة مواطنين فلسطينيّين بنصف دولار فقط، كان ذلك سيكفي لإضاءة قرى المضارب، ويزيد".