31 أكتوبر 2017
فلسطين: المقاومة الشعبية هي الحل
لم يكن من سبيل المصادفة أن ثورة الشيخ عز الدين القسام 1935 كانت الحدث التأسيسي الأبرز في تاريخ المقاومة الفلسطينية، فقد مثلت نقطة تحول فارقة، أفضت إلى انتقال هذه المقاومة من طور العشوائية إلى طور التنظيم. فلأول مرة، منذ بدأ النضال الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني الإحلالي عام 1920، فطن الفلسطينيون، بفضل الشيخ السوري المعمم، إلى أهمية وجود قيادة توجه العمل المقاوم، وتبلور أهدافه، وتضع منظومات العمل، ووسائل النضال الهادفة لتحقيقها؛ وهذا ما جعل ثورة القسام تحقق، لأول مرة، الأثر التراكمي للعمل المقاوم، وتضمن استمراريته. صحيح أن ثورة القسام، والثورة الفلسطينية الكبرى التي تبعتها مباشرة لم تنجحا في إفشال المشروع الصهيوني، بسبب ظروفٍ ومتغيراتٍ كثيرة؛ إلا أنهما كرستا مفهوم التنظيم متطلباً رئيسياً لضمان تواصل الفعل المقاوم، وبقاء القضية الوطنية حية.
استدعاء عبر ثورة عز الدين القسام حالياً مهم جداً في ظل تواصل عمليات المقاومة الفردية، التي يطلق عليها "انتفاضة القدس"، والتي تشكل نموذجاً للعمل المقاوم غير المنظم، فجميع عمليات المقاومة التي نفذت، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 تقريباً، كانت عمليات فردية، نفذها أطفال وشباب وشابات بشكل فردي، من دون الارتباط بإطار تنظيمي. صحيح أن انتفاضة القدس حققت، حتى الآن، إنجازات آنية نوعية، تمثلت في لسع الوعي الجمعي للصهاينة؛ حيث دللت على أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يتطبّع مع الحياة تحت نير الاحتلال، إلى جانب إسهام المقاومة في جباية ثمن باهظ من الإسرائيليين، بسبب تواصل الاحتلال، تمثل في تقليص مستوى الشعور بالأمن الشخصي، والعصف بأنماط الحياة في المجتمع الإسرائيلي ورتابتها.
وصحيح أيضاً أن انتفاضة القدس أحرجت نخب اليمين الحاكمة، وهزّت مرتكزات الخطاب اليميني، بشقيه الديني والعلماني؛ ومسّت بثقة الجمهور الإسرائيلي بقيادة نتنياهو الذي عجز، حتى الآن، عن بلورة آلية عملٍ، تضمن وقف العمل المقاوم. لكن، في المقابل، استمرار نمط العمليات الفردية غير المنظمة سيفقد انتفاضة القدس، مع مرور الوقت، تأثيرها التراكمي، وسيسمح للمؤسسة الصهيونية، العاجزة حالياً عن بلورة وصفة لمواجهتها بشكل فعال، باستعادة زمام المبادرة، وسيمنحها هامش مناورة كبيراً، ليس فقط لتقليص تأثيرها، بل لتوظيفها في تنفيذ مخططات موجودة في أدراج القيادة الإسرائيلية. ففي مواجهة العمليات الفردية غير المنظمة، يقف كيان يملك مؤسسات عسكرية وأمنية واستخبارية، ذات تجربة طويلة في مواجهة المقاومة الفلسطينية، لن تتردّد في توظيف الظروف الإقليمية والدولية المريحة لإسرائيل، من أجل استعادة زمام المبادرة، ومحاولة العمل على وأد المقاومة، من خلال التوسع في إجراءات أمنية، تشمل عقوبات جماعيةٍ، تهدف إلى المس، بشكل جوهري، بالحاضنة الاجتماعية للمقاومة. ويمكن أن تقدم إسرائيل على استغلال الأحداث لتبرير ضم الضفة الغربية، أو أجزاء واسعة منها لإسرائيل.
من هنا، ثمة حاجة لترجّل قيادة فلسطينية، تنظم العمل المقاوم، وتضع سقفاً من الأهداف التي لا
يمكن للمجتمع الدولي الاعتراض عليها، وتدفع نحو أنماط عمل مقاوم لا تساعد إسرائيل على نزع الشرعية عن هذه المقاومة. فمن المؤكد أن أحداً في المجتمع الدولي لن يعترض على مطالبة الفلسطينيين بإنهاء الوجود الإسرائيلي على المناطق التي يفترض أن تقوم عليها "الدولة الفلسطينية" التي حظيت باعتراف عشرات الدول. ومن الواضح أن نمط عمل المقاومة الأنسب، بعد التوافق على هذا الهدف، هو المقاومة الشعبية الفعالة التي تشكل تحدياً للاحتلال، وليست التي تنظم لمجرد ذر الرماد في العيون. تسيير مسيرات جماهيرية ضخمة صوب المستوطنات القائمة في أرجاء الضفة الغربية للمطالبة بإخلائها سيشكل تحدياً أمنياً وسياسياً هائلاً لإسرائيل، وسيحظى بدعم دولي. صحيح أن هذا النمط من العمل سيكون مرتبطاً بكلفة في الأرواح، لكنها ستكون أقل من الكلفة التي يدفعها الشعب الفلسطيني حالياً، وستكون ذات جدوى أكبر. هذا النمط من العمل وأنماط أخرى من المقاومة الشعبية الفاعلة سيفضي إلى مزيد من التدهور في مكانة إسرائيل الشعبية، وسيقلص هامش المناورة أمام دول الغرب التي تنتقد الاستيطان، ولا تقدم على خطوات عملية ضد إسرائيل. في الوقت نفسه، ستفرض هذه المقاومة واقعاً ستستفيد منه حركة المقاطعة الدولية ضد إسرائيل (BDS). وفي الوقت نفسه، أيضاً، ستوفر ردة فعل إسرائيل الهستيرية على هذا النمط من العمل المقاوم شرعية لعمليات المقاومة التي تستهدف جنود الاحتلال والمستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية في وقت لاحق.
من الواضح أن نجاح ما تقدّم يتطلب تخلي جميع الفصائل عن مواقفها المسبقة وتصوراتها للعمل المقاوم والانخراط في المقاومة الشعبية، لتحقيق أكبر قدر من الإنجازات، مع الحرص على عدم السماح لإسرائيل بتوظيف أية اجتهادات حزبية قاصرة.
تحرك الأبطال من شباب فلسطينيين ترجلوا لتنفيذ عمليات المقاومة الفردية، لتغطية الفراغ الكبير الذي أفضى إليه سلوك السلطة الفلسطينية وقيادتها التي لم توصد الأبواب فقط أمام المقاومة المسلحة، بل حرصت على إجهاض المقاومة الشعبية الفاعلة؛ وهذا ما يفسر قمعها المسيرات الشعبية التي توجهت، أخيراً، إلى عدد من المستوطنات في أرجاء الضفة، ومواصلتها التعاون الأمني الذي تعاظم تحديداً في هذه الأيام (هآرتس،7-1). يتوجب عدم التسليم بالقواعد التي تحاول قيادة السلطة فرضها على الشعب الفلسطيني، من خلال تحديها عبر استغلال توظيف حماس الشباب الفلسطيني، وإحباط الجماهير من عوائد برنامجها البائس، وفي الوقت نفسه، لقطع الطريق على إسرائيل، لتوظيف عمليات المقاومة غير المنظمة في تحقيق أهدافها.
استدعاء عبر ثورة عز الدين القسام حالياً مهم جداً في ظل تواصل عمليات المقاومة الفردية، التي يطلق عليها "انتفاضة القدس"، والتي تشكل نموذجاً للعمل المقاوم غير المنظم، فجميع عمليات المقاومة التي نفذت، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2015 تقريباً، كانت عمليات فردية، نفذها أطفال وشباب وشابات بشكل فردي، من دون الارتباط بإطار تنظيمي. صحيح أن انتفاضة القدس حققت، حتى الآن، إنجازات آنية نوعية، تمثلت في لسع الوعي الجمعي للصهاينة؛ حيث دللت على أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أن يتطبّع مع الحياة تحت نير الاحتلال، إلى جانب إسهام المقاومة في جباية ثمن باهظ من الإسرائيليين، بسبب تواصل الاحتلال، تمثل في تقليص مستوى الشعور بالأمن الشخصي، والعصف بأنماط الحياة في المجتمع الإسرائيلي ورتابتها.
وصحيح أيضاً أن انتفاضة القدس أحرجت نخب اليمين الحاكمة، وهزّت مرتكزات الخطاب اليميني، بشقيه الديني والعلماني؛ ومسّت بثقة الجمهور الإسرائيلي بقيادة نتنياهو الذي عجز، حتى الآن، عن بلورة آلية عملٍ، تضمن وقف العمل المقاوم. لكن، في المقابل، استمرار نمط العمليات الفردية غير المنظمة سيفقد انتفاضة القدس، مع مرور الوقت، تأثيرها التراكمي، وسيسمح للمؤسسة الصهيونية، العاجزة حالياً عن بلورة وصفة لمواجهتها بشكل فعال، باستعادة زمام المبادرة، وسيمنحها هامش مناورة كبيراً، ليس فقط لتقليص تأثيرها، بل لتوظيفها في تنفيذ مخططات موجودة في أدراج القيادة الإسرائيلية. ففي مواجهة العمليات الفردية غير المنظمة، يقف كيان يملك مؤسسات عسكرية وأمنية واستخبارية، ذات تجربة طويلة في مواجهة المقاومة الفلسطينية، لن تتردّد في توظيف الظروف الإقليمية والدولية المريحة لإسرائيل، من أجل استعادة زمام المبادرة، ومحاولة العمل على وأد المقاومة، من خلال التوسع في إجراءات أمنية، تشمل عقوبات جماعيةٍ، تهدف إلى المس، بشكل جوهري، بالحاضنة الاجتماعية للمقاومة. ويمكن أن تقدم إسرائيل على استغلال الأحداث لتبرير ضم الضفة الغربية، أو أجزاء واسعة منها لإسرائيل.
من هنا، ثمة حاجة لترجّل قيادة فلسطينية، تنظم العمل المقاوم، وتضع سقفاً من الأهداف التي لا
من الواضح أن نجاح ما تقدّم يتطلب تخلي جميع الفصائل عن مواقفها المسبقة وتصوراتها للعمل المقاوم والانخراط في المقاومة الشعبية، لتحقيق أكبر قدر من الإنجازات، مع الحرص على عدم السماح لإسرائيل بتوظيف أية اجتهادات حزبية قاصرة.
تحرك الأبطال من شباب فلسطينيين ترجلوا لتنفيذ عمليات المقاومة الفردية، لتغطية الفراغ الكبير الذي أفضى إليه سلوك السلطة الفلسطينية وقيادتها التي لم توصد الأبواب فقط أمام المقاومة المسلحة، بل حرصت على إجهاض المقاومة الشعبية الفاعلة؛ وهذا ما يفسر قمعها المسيرات الشعبية التي توجهت، أخيراً، إلى عدد من المستوطنات في أرجاء الضفة، ومواصلتها التعاون الأمني الذي تعاظم تحديداً في هذه الأيام (هآرتس،7-1). يتوجب عدم التسليم بالقواعد التي تحاول قيادة السلطة فرضها على الشعب الفلسطيني، من خلال تحديها عبر استغلال توظيف حماس الشباب الفلسطيني، وإحباط الجماهير من عوائد برنامجها البائس، وفي الوقت نفسه، لقطع الطريق على إسرائيل، لتوظيف عمليات المقاومة غير المنظمة في تحقيق أهدافها.