لم يكترث الشبان المقدسيون لقرارات الاحتلال حول اقتصار المشاركة في تشييع جثمان الشهيد معتز حجازي، على 45 شخصاً من عائلته، إذ فاجأ نحو 250 شاباً مقدسياً الاحتلال وعناصره، الذين انتشروا بكثافة في محيط مقبرة باب الساهرة (مقبرة المجاهدين) بشارع صلاح الدين في القدس المحتلة، وانضموا إلى موكب تشييع معتز، مرددين هتافات تمجّد الشهيد.
واغتالت وحدات خاصة من شرطة الاحتلال الشهيد حجازي، بعد اقتحام منزله بحي الثوري، جنوبي بلدة القدس القديمة، متهمة إياه بوقوفه وراء محاولة اغتيال مهندس عمليات اقتحام المسجد الأقصى، يهود غليك، مساء الأربعاء، والذي أصيب بجروح خطيرة جداً.
وما أن وصل موكب الشهيد، الذي أحضر في مركبة إسعاف إلى بوابة المقبرة، حتى علت صيحات وهتافات التكبير، بينما كان والده، إبراهيم، وشقيقه، عدي، يحاولان حبس دموعهما دون جدوى، فيما كان شقيق الشهيد ينحب وهو يلقي برأسه على كتف أحد أقاربه، بينما شقت والدته وإحدى شقيقاته الطريق وصولاً إلى جثمانه ليقبلا وجهه الندي، كما قال لـ"العربي الجديد"، أحد أقربائه ويدعى عدنان حجازي.
وليس بعيداً عن موكب التشييع، وعلى بعد عشرات الأمتار فقط، كانت أعداد كبيرة من الشبان تحاول عبثاً اختراق حواجز الاحتلال، التي أقامت سلسلة متداخلة لمنع المشاركة الواسعة في التشييع.
واتخذ جنود الاحتلال مواقع قتالية لمواجهة الشبان الذين تكدسوا على أرصفة الطرق عند مدخل باب الساهرة، كما استعانت هذه القوات بمركبة المياه العادمة في انتظار ما بعد التشييع، حيث كانت حناجر الشبان تهتف بحياة الشهيد، وتنادي إخوانهم في الضفة نصرة القدس.
وكما حدث في جنازة الشهيد عبد الرحمن الشلودي، حيث اختبأ العديد من الشبان بين القبور وبعضهم اختار النزول إليها في انتظار الجنازة، حدث الأمر ذاته الليلة، حين خرج العشرات من بين القبور. وقدّرت الأعداد بنحو 300 مشيّع، ليشاركوا في مراسم الدفن وقراءة الفاتحة على روح الشهيد. وسُمعت داخل أسوار المقبرة، المسماة "مقبرة المجاهدين"، هتافات التكبير و"بالروح بالدم نفديك يا شهيد"، و"يا شهيد ويا مجروح، دمك هدر ما بروح".