ما إن هبّت رياح الربيع ورطوبتها الملحوظة، حتى انتشت شجرة الفلّ اليمني، وبرعمت نجوماً بيضاء، تفوح عطراً زكياً، يجذب الناس، وأوّلهم المعدمون، الذين يرتزقون في هذا الموسم من بيع هذه الزهور.
الأجر زهيد، والموسم قصير، ولكنّ بيع الفلّ في الشوارع له جانب عطِر، فهو ينعش روح البائع المتجوّل، كما يعوّضه بنظرات سعيدة في عيون المارة، وهم يرون عقود الفلّ بين يديه، حتى لو لم يشتروها.
لكن السوق لا يعدم الزبائن. فالفلّ أفضل هدية للأحبّة والأصحاب، ولترجمة تحية "صباح الخير والفلّ"، إضافة لاستخدام أكاليله أوسمةً على صدور العرسان وخريجي الجامعات والمحتفلين بالأعياد، وأيضاً الراغبين بتعطير مساكنهم وإنعاش حياتهم الأسرية.
ورغم الصراع الدائر في البلاد، إلا أن الفل يبقى رائجا في بعض المناطق، وإن كان الباعة يعانون كثيرا لترويجه بسبب انشغال الناس بالصدام القائم في البلاد.
رحلة الفلّ
من المناطق الحارة في اليمن، وخصوصاً تهامة في الحديدة، والحسيني في لحج، تأتي حكاية زراعة الفلّ، التي بدأت مع رجل يدعى أحمد فضل القمندان، جلب من الهند غرسة فلّ وزرعها في بستان الحسيني بلحج، ثم انتشرت إلى مناطق أخرى.
ما إن تصبح زهرة الفلّ جاهزة للجني، حتى تنطلق أسراب النساء المزارعات لجني الزهور، برقة وحذر الطيور والفراشات التي تسكن حقول الفلّ. تقوم النساء والبنات لاحقاً بحياكة الفلّ، ورصّ زهراته في خيوط، لتشكّل نقشات وعناقيد متنوعة الأشكال والأحجام، ثم يتمّ تصديره بشكل ذاتي من تجار ومزارعين محليين إلى المحافظات اليمنية عموماً، وبعض دول الخليج المجاورة، من دون أي رعاية من الجانب الرسمي بهذه الثروة النباتية الكبيرة.
وما إن تُلبّى طلبات الأسواق، حتى تقوم النساء بجني أفواج أخرى يأخذنها إلى مصانع بسيطة، حيث يقمن بصناعة مادة تسمى "الزباد"، وهي مادة عطرية تستخدمها النساء اليمنيات، لتعطير أجسامهن وملابسهن وأيضاً بيوتهن، ويُعزى إلى هذه الرائحة العطرة جزء من السعادة الزوجية، وفق المعتقدات الشعبية اليمنية، التي قد تكون من أسباب وصف اليمن بالسعيد في زمن غابر.
إضافة إلى فوائده النفسية والعاطفية، كشفت دراسة بحثية حديثة للباحث اليمني، حسن خميس، عن الفوائد الطبيعية لزهور الفلّ اليمني في علاج العديد من الأمراض مثل التهاب المفاصل وعرق النساء والربو وصعوبة التنفس وأمراض أخرى.
يشكو بائعو الفلّ وتجّاره من عدم استقرار أسعاره، وعدم وجود قوانين تنظّم أسواقاً خاصة لهذه الزهرة، لينتظم سعره حيث يقول بائع الفلّ جهاد عمر (25 عاماً) بعد "جولة عصر" في صنعاء إنّ سعر كيلو الفلّ الآن في موسمه يصل إلى 2000 ريال (10 دولارات) ويصل سعر أصغر عقد من الفلّ إلى نصف دولار، بينما يرتفع الثمن أواخر أيام الصيف وبداية الشتاء إلى 6000 ريال (30 دولاراً) بسبب شحّ الفلّ حينها.
ويؤكّد خبراء أنّ الفلّ يتطلّب مناخاً دافئاً، وأنّ أفضل درجة حرارة لنموّه هي 52 درجة مئوية، وهو يتحمّل الحرّ الشديد ولا يتحمّل البرودة، ما يحول دون إنتاجه شتاء. يذكر أنّ الفلّ اليمني يُزرع بمساحات كبيرة، في كلّ من محافظتي لحج والحديدة، تقدّر بنحو 16هكتاراً و33 فداناً، موزّعة على 1200 مزرعة.
الأجر زهيد، والموسم قصير، ولكنّ بيع الفلّ في الشوارع له جانب عطِر، فهو ينعش روح البائع المتجوّل، كما يعوّضه بنظرات سعيدة في عيون المارة، وهم يرون عقود الفلّ بين يديه، حتى لو لم يشتروها.
لكن السوق لا يعدم الزبائن. فالفلّ أفضل هدية للأحبّة والأصحاب، ولترجمة تحية "صباح الخير والفلّ"، إضافة لاستخدام أكاليله أوسمةً على صدور العرسان وخريجي الجامعات والمحتفلين بالأعياد، وأيضاً الراغبين بتعطير مساكنهم وإنعاش حياتهم الأسرية.
ورغم الصراع الدائر في البلاد، إلا أن الفل يبقى رائجا في بعض المناطق، وإن كان الباعة يعانون كثيرا لترويجه بسبب انشغال الناس بالصدام القائم في البلاد.
رحلة الفلّ
من المناطق الحارة في اليمن، وخصوصاً تهامة في الحديدة، والحسيني في لحج، تأتي حكاية زراعة الفلّ، التي بدأت مع رجل يدعى أحمد فضل القمندان، جلب من الهند غرسة فلّ وزرعها في بستان الحسيني بلحج، ثم انتشرت إلى مناطق أخرى.
ما إن تصبح زهرة الفلّ جاهزة للجني، حتى تنطلق أسراب النساء المزارعات لجني الزهور، برقة وحذر الطيور والفراشات التي تسكن حقول الفلّ. تقوم النساء والبنات لاحقاً بحياكة الفلّ، ورصّ زهراته في خيوط، لتشكّل نقشات وعناقيد متنوعة الأشكال والأحجام، ثم يتمّ تصديره بشكل ذاتي من تجار ومزارعين محليين إلى المحافظات اليمنية عموماً، وبعض دول الخليج المجاورة، من دون أي رعاية من الجانب الرسمي بهذه الثروة النباتية الكبيرة.
وما إن تُلبّى طلبات الأسواق، حتى تقوم النساء بجني أفواج أخرى يأخذنها إلى مصانع بسيطة، حيث يقمن بصناعة مادة تسمى "الزباد"، وهي مادة عطرية تستخدمها النساء اليمنيات، لتعطير أجسامهن وملابسهن وأيضاً بيوتهن، ويُعزى إلى هذه الرائحة العطرة جزء من السعادة الزوجية، وفق المعتقدات الشعبية اليمنية، التي قد تكون من أسباب وصف اليمن بالسعيد في زمن غابر.
إضافة إلى فوائده النفسية والعاطفية، كشفت دراسة بحثية حديثة للباحث اليمني، حسن خميس، عن الفوائد الطبيعية لزهور الفلّ اليمني في علاج العديد من الأمراض مثل التهاب المفاصل وعرق النساء والربو وصعوبة التنفس وأمراض أخرى.
يشكو بائعو الفلّ وتجّاره من عدم استقرار أسعاره، وعدم وجود قوانين تنظّم أسواقاً خاصة لهذه الزهرة، لينتظم سعره حيث يقول بائع الفلّ جهاد عمر (25 عاماً) بعد "جولة عصر" في صنعاء إنّ سعر كيلو الفلّ الآن في موسمه يصل إلى 2000 ريال (10 دولارات) ويصل سعر أصغر عقد من الفلّ إلى نصف دولار، بينما يرتفع الثمن أواخر أيام الصيف وبداية الشتاء إلى 6000 ريال (30 دولاراً) بسبب شحّ الفلّ حينها.
ويؤكّد خبراء أنّ الفلّ يتطلّب مناخاً دافئاً، وأنّ أفضل درجة حرارة لنموّه هي 52 درجة مئوية، وهو يتحمّل الحرّ الشديد ولا يتحمّل البرودة، ما يحول دون إنتاجه شتاء. يذكر أنّ الفلّ اليمني يُزرع بمساحات كبيرة، في كلّ من محافظتي لحج والحديدة، تقدّر بنحو 16هكتاراً و33 فداناً، موزّعة على 1200 مزرعة.