17 سبتمبر 2019
فنان للإيجار
الفن تعبير عن حالة داخلية غامضة داخل الإنسان، تجعل نفسه تهتز مع الفن طرباً وشوقاً وشجناً وضحكاً وبكاءً، فإن استطعت الإحاطة بتعريف الروح فيمكنك حينها الإحاطة بتعريف الفن.
الفن في أرفع درجاته إلهام وإبداع، وسموه بقدر تعبيره عن روح الإنسان. والناس يسمون المبدع الراحل، سيد درويش، فنان الشعب، لأنه قدم فناً وجدوا فيه أنفسهم، غنى لثورتهم ضد المحتل، وغنى للعامل الكادح والصنايعي والحمَّال، والعربجي...
هذا الفن الذي تسمو قيمته بقدر تعبيره عن روح الإنسان، يفقد قيمته إذا تحول إلى أداة لخدمة شخص أو نظام، يفقد قيمته إذا تحول إلى مادة لإثارة الغرائز طمعاً في الربح السريع.
حاولت النظم الديكتاتورية في كل العصور توظيف الفن لتثبيت أركانها. فالاتحاد السوفيتي في عهد، جوزيف ستالين، حدّد دور الفن تحديداً صريحاً في خدمة النظام، حيث أعلنت السلطة أن الواقعية الاشتراكية هي المنهج الصحيح الوحيد للفن السوفيتي. أما، أدولف هتلر، فقد قرّر شكل الفن المسموح به في بلاده في خطاب له عام 1937، إذ قال: "إن الفن الحديث (الانطباعية، التكعيبية..) لا علاقة لها بشعبنا الألماني، وهي مجرد خربشات أناس حرمهم الله الموهبة، وإنني توصلت إلى قرار بتطهير الوطن من ذلك تماماً كما فعلتُ بالفوضى السياسية، ومن الآن فصاعداً سوف أخلي الحياة الفنية الألمانية من هذا الابتذال".
وَضْع يد الدولة على الفن وتحويل الفنانين إلى أُجرَاء للسلطة، هو الوضع الطبيعي في ظل الأنظمة الديكتاتورية، ومع هذا الوضع ينضب معين الفن، وتنحدر الثقافة العامة للمجتمع، وتَسفُل القِيَم، ويَفسَد الذوق، وتطفو الطفيلات على السطح.
ولكن؛ كما مضى الزمن بهتلر والفنانين الذين داروا في فلكه، ومضى بستالين، والفنانين الذين سَخَّروا مواهبهم لمدحه وإنشاء تماثيله، سيمضي كل فن تمّ تسخيره للسلطة الزمنية غير مأسوف عليه مع سلطته الزائلة.
ستمضي إلى زوايا النسيان والسخرية واللعنة أغاني "هز الوسط" التي يسمونها أغاني وطنية، وستمضي أغاني وأَشْعار بَثْ الكراهية، ورَفْع جدران التمييز بين أبناء الشعب الواحد، وسيمضى كل فن رخيص، قدّم، باسم الواقعية وباسم شباك التذاكر، أسوأ صورة ممكن أن تُقدم للمجتمع. وهؤلاء الذين فقدوا روح الفنان وسَخَّروا مواهبهم لخدمة شخص أو نظام أو للمتاجرة بإثارة الغرائز، هؤلاء جميعاً وما يقدمونه: لا هو فن، ولا هم فنانون.
الفن في أرفع درجاته إلهام وإبداع، وسموه بقدر تعبيره عن روح الإنسان. والناس يسمون المبدع الراحل، سيد درويش، فنان الشعب، لأنه قدم فناً وجدوا فيه أنفسهم، غنى لثورتهم ضد المحتل، وغنى للعامل الكادح والصنايعي والحمَّال، والعربجي...
هذا الفن الذي تسمو قيمته بقدر تعبيره عن روح الإنسان، يفقد قيمته إذا تحول إلى أداة لخدمة شخص أو نظام، يفقد قيمته إذا تحول إلى مادة لإثارة الغرائز طمعاً في الربح السريع.
حاولت النظم الديكتاتورية في كل العصور توظيف الفن لتثبيت أركانها. فالاتحاد السوفيتي في عهد، جوزيف ستالين، حدّد دور الفن تحديداً صريحاً في خدمة النظام، حيث أعلنت السلطة أن الواقعية الاشتراكية هي المنهج الصحيح الوحيد للفن السوفيتي. أما، أدولف هتلر، فقد قرّر شكل الفن المسموح به في بلاده في خطاب له عام 1937، إذ قال: "إن الفن الحديث (الانطباعية، التكعيبية..) لا علاقة لها بشعبنا الألماني، وهي مجرد خربشات أناس حرمهم الله الموهبة، وإنني توصلت إلى قرار بتطهير الوطن من ذلك تماماً كما فعلتُ بالفوضى السياسية، ومن الآن فصاعداً سوف أخلي الحياة الفنية الألمانية من هذا الابتذال".
وَضْع يد الدولة على الفن وتحويل الفنانين إلى أُجرَاء للسلطة، هو الوضع الطبيعي في ظل الأنظمة الديكتاتورية، ومع هذا الوضع ينضب معين الفن، وتنحدر الثقافة العامة للمجتمع، وتَسفُل القِيَم، ويَفسَد الذوق، وتطفو الطفيلات على السطح.
ولكن؛ كما مضى الزمن بهتلر والفنانين الذين داروا في فلكه، ومضى بستالين، والفنانين الذين سَخَّروا مواهبهم لمدحه وإنشاء تماثيله، سيمضي كل فن تمّ تسخيره للسلطة الزمنية غير مأسوف عليه مع سلطته الزائلة.
ستمضي إلى زوايا النسيان والسخرية واللعنة أغاني "هز الوسط" التي يسمونها أغاني وطنية، وستمضي أغاني وأَشْعار بَثْ الكراهية، ورَفْع جدران التمييز بين أبناء الشعب الواحد، وسيمضى كل فن رخيص، قدّم، باسم الواقعية وباسم شباك التذاكر، أسوأ صورة ممكن أن تُقدم للمجتمع. وهؤلاء الذين فقدوا روح الفنان وسَخَّروا مواهبهم لخدمة شخص أو نظام أو للمتاجرة بإثارة الغرائز، هؤلاء جميعاً وما يقدمونه: لا هو فن، ولا هم فنانون.