ازدادت حدّة الاضطرابات في فنزويلا التي تعصف بها أزمة اقتصادية طاحنة، حيث لقي طالب وطالبة مصرعهما بالرصاص، خلال احتجاجات تندّد بالرئيس نيكولاس مادورو، في حين قُتل عسكري ينتمي إلى الحرس الوطني، اتهمت السلطات متظاهرين من المعارضة، بالوقوف وراء مقتله.
وخرج مؤيدو المعارضة في احتجاجات في كراكاس ومدن أخرى، أمس الأربعاء، أطلقوا عليها "أمّ المسيرات"، وندّدوا بالرئيس الذي اتهموه بتقويض الديمقراطية وإغراق البلاد في حالة من الفوضى.
في المقابل، خرج مئات الآلاف من المؤيدين لمادورو في مظاهرة مضادة في العاصمة، بناء على طلب الرئيس. ووردت أنباء عن حدوث اشتباكات في مناطق متفرقة من البلاد، خلال أطول احتجاجات منذ عام 2014.
بدوره، قال مادورو إنّ الاحتجاجات لا تعدو كونها مساعي من جانب المعارضة لإحداث انقلاب ينهي الاشتراكية في البلاد، في حين تعتبره المعارضة أنه أصبح ديكتاتوراً، وتتهم حكومته بالاستعانة بمدنيين مسلّحين لنشر العنف وبثّ الخوف.
وأعادت المسيرات المعارضة والمؤيدة إلى الأذهان ما حدث عام 2002، حين اشتبك محتجون مناهضون للحكومة مع مؤيدين لها، مما مهّد لانقلاب قصير على الرئيس الراحل هوغو شافيز.
وقال شهود، بحسب "رويترز"، إنّ الطالب الذي لقي حتفه يدعى كارلوس مورينو (18 عاماً) وكان قد خرج من بيته للعب مباراة لكرة القدم في كراكاس، عندما اقترب مسلحون مؤيدون للحكومة من تجمّع معارض قريب، وأطلقوا أعيرة نارية مما أدى إلى إصابته في الرأس. وقال ثلاثة من مسؤولي الأمن إنّه لفظ أنفاسه في مركز طبي بعد أن خضع لجراحة.
أما الضحية الثانية فهي الطالبة الجامعية باولا راميريز، التي أصيبت برصاص أطلقه رجال كانوا يتعقبونها هي وصديقها، في سان كريستوبال معقل المعارضة قرب الحدود مع كولومبيا.
وقال صديقها لـ"رويترز": "كنا على دراجة نارية وكانوا يتعقبوننا ويطلقون النار... تركتها عند مبنى حيث كانت ستلتقي بأختها وذهبت لأخفي الدراجة. سمعت أصداء طلقات وحين وصلت وجدتها على الأرض. حاولت أن أسعفها قدر استطاعتي".
واتهمت المعارضة مجموعات من مؤيدي الحكومة بقتل الطالب والطالبة، في حين قال مكتب المدعي العام إنّه يحقّق في الواقعتين.
وتتهم المعارضة تلك المجموعات المؤيدة للحكومة التي تطلق على نفسها اسم "اللجان الشعبية" بأنّها أجنحة مسلحة تابعة للحزب الاشتراكي الحاكم.
وبهذا يكون سبعة أشخاص قد لقوا مصرعهم خلال احتجاجات في فنزويلا هذا الشهر، تتهم المعارضة قوات الأمن والجماعات الأهلية المسلحة بقتلهم.
في المقابل، أعلن أحد كبار المسؤولين في السلطة، أمس الأربعاء، أنّ عسكرياً ينتمي إلى الحرس الوطني في فنزويلا قتل على أيدي متظاهرين من المعارضة.
وقال ديوسدادو كابيلو، بحسب "فرانس برس"، إنّ "المتظاهرين اغتالوا للتو أحد عناصر الحرس الوطني في سان انطونيو دي لوس التوس"، متهماً المعارضة بقتل الجندي في المنطقة المتاخمة للعاصمة كراكاس.
ولم يوضح كابيلو ملابسات مقتل الجندي، لكنّه اتهم زعيم المعارضة إنريكي تابريليس وأنصاره. وقال "عليهم أن يكونوا متأكدين من أنّه سيتمّ إحقاق العدل".
وأغلق المتظاهرون جزءاً من الطريق الرئيسي في كراكاس، رافعين العلم الفنزويلي، ومردّدين "لا ديكتاتورية بعد اليوم" و"ارحل يا مادورو".
وأطلقت القوات الغاز المسيل للدموع في أحياء كراكاس وسان كريستوبال ومدينة بويرتو أورداز الصناعية الفقيرة، ومدينة بونتو فيجو الشمالية القاحلة.
وجاءت المسيرات بعد احتجاجات اتسمت بالعنف على مدى أسبوعين، بعد قرار أصدرته المحكمة العليا في مارس/آذار، بالاضطلاع بصلاحيات البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة، وهو ما دفع المحكمة إلى العدول سريعاً عن قرارها تحت ضغوط دولية. إلا أنّ الخطوة التي أقدمت عليها المحكمة أثارت غضباً يضطرم منذ فترة، بسبب أسلوب إدارة الحزب الاشتراكي الحاكم للاقتصاد.
وتطالب المعارضة بانتخابات مبكرة، وبالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبمعونات إنسانية، واحترام استقلالية الهيئة التشريعية التي تغلب عليها المعارضة.
(العربي الجديد)