محاولات عديدة يقوم بها بعض الفنانين من أجل الصعود إلى عالم السياسة، واللحاق بالنافذين، وذلك من طريق استجداء المواقف المؤيدة لهذه الأنظمة، والترويج لها من خلال المقابلات التلفزيونية، أو عبر المواقع البديلة. ويتنافس اليوم ثلة من الفنانين أو الإعلاميين، مستذكرين الرؤساء والأنظمة الظالمة، ويتحدثون عنها بلطف و"جرأة" أو بالأحرى وقاحة.
تحدثت قبل يومين الممثلة المصرية، إلهام شاهين، عن لقائها برئيس النظام السوري بشار الأسد عام 2017 في دمشق، وقالت شاهين في مقابلة لمحطة مصرية إنها شعرت بالرهبة عندما قابلته لأكثر من ساعة، عندما زارت ومجموعة من الفنانين العاصمة السورية قبل ثلاث سنوات. وتناست شاهين كل الانتقادات التي حصدتها بسبب تصريحها يومذاك، إذ قالت إنها "لم تجد أي آثار للحرب في سورية أو دمار أو خراب، بل وجدت سورية كما هي مثلما شاهدتها من قبل"، وتابعت بأنها تتمنى عودة الأمن والاستقرار إلى سورية، إضافة إلى عودة مهرجان السينما. قد لا يقف حال إلهام شاهين أو يختلف عن أحوال معظم الفنانين الذين ما زالوا يناصرون الأنظمة الاستبدادية. ففي سورية ترتفع بين الحين والآخر الأصوات المؤيدة لحكم بشار الأسد، وثبت ذلك أخيراً في القمع الذي حصل إبان نتائج انتخابات نقابة المهن الفنية وفوز الممثل زهير رمضان، رغم كل الهجوم الذي لقيه خبر فوزه من مؤيدين ومعارضين للنظام السوري، وهذا ما يثبت، بما لا يقبل الشك، أن السلطة السياسية الحاكمة هي التي تقرر اسم الفائز، والأهم أن يسعى إلى تبييض صفحتها أمام الإعلام، والتطبيل أو الترويج من نافذة "الفن" وتأثر الناس بذلك.
مقدمة البرامج والممثلة الكويتية، حليمة بولند، وصفت في مقابلة متلفزة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، بـ"ملك ملوك أفريقيا"، وقالت: "بعيداً من السياسة والخيمة التي أُقيمت لحياكة المؤامرات ضد الخليج، فإنه على الصعيد الشخصي ومن الناحية الإنسانية، كان رائعاً بكل ما للكلمة من معنى"، مشيرة إلى أنه كان يناقشها في الفوازير التي كانت تقدمها ويتابعها يومياً في رمضان، وأنه كرّمها كأفضل إعلامية عربية. ردود فعل مستهجنة لكلام حليمة بولند ولهذا الاعتراف، وخصوصاً بعد اتهامها من قبل الليبيين بأنها تقاضت مبالغ ضخمة من القذافي، في أثناء زيارتها ليبيا في عام 2009، وطالبها البعض بعد سقوط حكم القذافي بأن تعيد المال إلى خزينة الدولة في ليبيا، لكنها لم تفعل، ونفت كل ما وصفته بالشائعات المتعلقة بالمبالغ المالية التي قيل إنها قبضتها.
لا توفق حليمة بولند بين ميولها إلى أصحاب النفوذ، والفكر المدمر للطغاة، وليست حليمة وحدها من يسعى إلى ذلك، فعدد كبير من الفنانين في العالم العربي يناصرون منظومة الحكام العرب، لا بل يسعون إلى استرضائهم بكل ما أوتوا من قوة وفرص، يذكرونهم في المقابلات من باب "التطبيل"، ويعددون مآثر الحاكم بفخر، رغم ماضي الحاكم وسجله الأسود