بعثت إيران بوفد رسمي إلى بغداد لإبلاغ مسؤولين عراقيين بأنها وضعت فيتو "نهائياً" على وصول رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، إلى رئاسة الحكومة لولاية ثانية، فيما تستعد الإدارة الأميركية لتغيير طاقم سفارتها في بغداد، ليكون أكثر هجوماً في مواجهة طهران.
وكشف مسؤولون عراقيون في بغداد عن وصول وفد إيراني رفيع المستوى، يضم ثلاث شخصيات بارزة في الملف العراقي، إلى العاصمة العراقية، بينهم الضابط في "فيلق القدس" الإيراني، كريم رضائي، الذي بات يعرف أخيراً بأنه أحد مساعدي قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني، في الملف العراقي، وذلك لبحث ملف تشكيل الحكومة العراقية، واللقاء بقيادات سياسية شيعية، ليس بينها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أو رئيس الحكومة، حيدر العبادي. في هذه الأثناء، تتسرّب معلومات من داخل المنطقة الخضراء وسط بغداد عن احتمال إجراء تغيير واسع في طاقم السفارة الأميركية ببغداد، بينهم السفير الأميركي، دوغلاس سيليمان، بسبب ما وصفوه بعدم مناسبتهم للمرحلة الحالية من الصراع مع إيران.
وقال قيادي بارز في "تحالف دولة القانون"، بزعامة المالكي، لـ"العربي الجديد"، إن "إيران تعارض ولاية أخرى للعبادي وأبلغت أطرافاً قيادية شيعية بذلك"، مبيناً أن "السبب لا يقف عند موقفه الأخير من العقوبات، لكن هناك تقارير سيئة وصلت إلى طهران من داخل العراق عن العبادي منذ مدة" على حد وصفه. وأضاف أن "الجمهورية الإسلامية أبلغت رسمياً عدم قبولها بالعبادي" كرئيس للحكومة لولاية جديدة. وتعليقاً على ذلك، قال وزير عراقي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "إيران لم تعد راغبة في التعامل مع العبادي، ولا نظام بشار الأسد ولا حزب الله في لبنان، ويعتبرونه أكثر ميلاً للمعسكر الأميركي"، مبيناً أن "الرفض الإيراني قد يطيل من مدة تشكيل الحكومة أكثر، لكن بكل الأحوال سينتهي ملف الحكومة بصفقة دولية".
في هذه الأثناء، تتسرّب معلومات من أوساط سياسية مقربة من الجانب الأميركي في المنطقة الخضراء عن وجود مؤشرات لتغيير قريب في السفارة الأميركية، تشمل السفير الأميركي في بغداد، دوغلاس سيليمان، ومسؤولين آخرين في الملف العراقي، وسط حديث عن أن التغييرات قد تطاول المبعوث الأميركي لدى التحالف الدولي، بريت ماكغورك. ويدور الحديث عن عدم رضا إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن أداء الطاقم الأميركي في الملف العراقي، مع "تعاظم الهيمنة الإيرانية على البلاد".
في هذه الأثناء، ما زالت الحوارات بين الكتل السياسية مستمرة، في وقت يتفاءل بعضهم بقرب حلحلة بعض المسائل الخلافية، مع وصول الوفد الإيراني إلى بغداد وتجدد اللقاءات بين قادة الكتل السياسية المختلفة. وقال القيادي في التحالف الوطني الحاكم بالعراق وعضو "ائتلاف دولة القانون"، فتاح الشيخ، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم يتم التوصل إلى أي اتفاق بين الكتل حتى الآن، والسبب هو منصب رئيس الوزراء ومن يجب أن يتولّاه". وأضاف "التأخير من الكتل الشيعية تقف خلفه عقدة منصب رئيس الوزراء، وإذا تجاوزتها سيكون هناك تأخير من السنة والأكراد. أعتقد أن ولادة حكومة ستأخذ وقتاً أطول من اللازم". وأضاف "لدينا الآن معسكران شيعيان، الأول مقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي والثاني هادي العامري ونوري المالكي وباقي أطراف التحالف القديم، وهذا سبب كافٍ لتأخذ الحكومة وقتاً أطول بالتشكيل، وأعتقد أن حل عقدة من سيكون رئيساً للوزراء يعني حل الأزمة".
وقال عضو تحالف القوى العراقية، محمد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إن "الكتل السنية الآن تتباحث بشأن مناصبها ومن سيتولاها، والكردية كذلك، والشيعية تبحث موضوع رئاسة الحكومة. أعتقد أن خداع الشارع بالحديث عن مناقشة برنامج الحكومة المقبلة غير أخلاقي، فالنقاش الآن على أسماء من يتولى المناصب الثلاثة، الحكومة والبرلمان والجمهورية". وأضاف "إذا اتفقت الكتل فيما بينها، ستبدأ حينها مفاوضاتها مع الكتل الأخرى، وهذا بطبيعة الحال يعني عودة لمربع المحاصصة الطائفية".