"هي أجمل سنوات حياتي، وأنتم، يا جماهير يوفنتوس، أصحاب الفضل في ذلك. سأفتقدكم كثيراً، وشكراً على كل ما قدمتموه من أجلي". هكذا كتب التشيلي، أرتورو فيدال، عبر حسابه الرسمي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، ليكتب النهاية الرومانسية لرحلته في إيطاليا مع يوفنتوس، ويتجه إلى مناخ جديد مع ناد آخر، حيث التحدي القوي رفقة بايرن غوارديولا.
رحيل المحبوب
بعد سنوات طويلة من الإنجازات والبطولات، قرر باستيان شفاينشتايغر الرحيل عن صفوف بايرن ميونخ، واختيار مانشستر يونايتد كوجهة قادمة للدولي الألماني. قرار القائد الثاني للبافاري قوبل بعاصفة من الأحزان داخل ملعب الأليانز أرينا، بسبب التاريخ الطويل لنجم الوسط، وارتباطه الشديد بأنصار الفريق، ونال الثنائي غوارديولا ورومينيغيه هجوماً لاذعاً من قبل بعض الجماهير، بسبب السماح لأسطورة البايرن بشد الرحال إلى الملاعب البريطانية.
شفايني مايسترو بالمنتصف، لاعب يجيد التغطية بعرض الملعب، مع الاختراق العمودي تجاه المرمى، ويمتاز بدقة تمرير محكمة، تجعله من أكثر النجوم الذين يشتهرون بصفة "الممرر" في المباريات الكبيرة، لكن بسبب الإصابات المتكررة والغيابات الطويلة، وبالطبع عامل السن وأحكامه، أصبح اللاعب بطيئاً بعض الشيء في تدوير الكرة. إنه لا يملك قدماً سريعة كتياجو، لام، تشافي وإنيستا، كما يقول التكتيكي ويلسون حينما تحدث في مقابلة سابقة عن باستيان.
تسبب وجود ألونسو وشفاينشتايغر في نفس التشكيلة في متاعب جمة لغوارديولا، بسبب الصعوبة في نقل الهجمة أثناء التحولات، مع استحالة التغطية السريعة في حالة وجود مرتدات للخصم، وبالتالي التضحية بأحدهما من التشكيلة الأساسية كانت أمراً واجب النفاذ. ربما بيب اختار مواطنه تشابي، ومن الممكن أن تكون رغبة شفايني هي الفيصل. في النهاية أصبح التايغر لاعباً جديداً في صفوف اليونايتد، واختار بايرن لاعب وسط جديداً.
فيدال
لماذا وافق بيب غوارديولا على جلب فيدال؟ الأمر غريب بعض الشيء بسبب افتقار النجم اللاتيني لنقطة عشق المدرب الكاتلوني، ألا وهي خاصية التمرير الدقي والمتتالي. يملك أرتورو نسبة تمرير مميزة تصل إلى 84.6 في الكالتشو (وهو رقم جيد)، لكنه يمرر أقل من 50 تمريرة في المباراة الواحدة، وهذا الرقم يعتبر قليلاً بالنسبة لطريقة لعب المدير الفني لبايرن ميونخ!
"لماذا لم تفز هولندا بألقاب رغم أجيال كرويف وفان باستن وصولا لك؟" تم توجيه هذا السؤال للهولندي الرائع، دينيس بيركامب، فكانت إجابته على النحو التالي، "لأننا جميعاً من نوعية واحدة، كل لاعب في هولندا هو موهوب صاحب تقنية عالية، لكن التنوع قليل داخل الفريق، مثال على ذلك، العرقلة باتت مهمة في كرة القدم، ونحن لا نفعل ذلك!".
إجابات بيركامب تعتبر دليلاً حقيقيّاً أمام تساؤلات الجميع حول قيمة صفقة فيدال، الرجل الذي سيضيف لوسط بايرن ما يفتقده، على مستوى القوة الدفاعية أثناء المرتدات، والقدرة على أداء العرقلة المشروعة والافتكاك السريع في منتصف ملعب الخصم. تتواجد المهارة بين قدمي تياجو، اللمسة عند ألونسو، السرعة مع لام، التغطية عند مارتينيز، لكن الضغط القاتل بمجرد فقدان الكرة، سيوفره النجم القادم من يوفنتوس، تورينو.
القيمة المضافة
يقوم فيدال بـ 3.1 عرقلات دفاعية في كل مباراة بالدوري الإيطالي، ويساهم كثيراً في إعادة الكرة من جديد لفريقه. صحيح أن بيب يعتمد على التمركز بشكل محوري، لكنه يهدف أيضاً إلى الحصول على الكرة باستمرار، من خلال الضغط الراديكالي على المنافس. ولاعب بقدرات الوافد الجديد سيقدم له هذه القيمة المطلوبة.
لا يتعلق الأمر بهذه الميزة التكتيكية فقط، بل يعتبر فيدال بمثابة اللاعب "الجوكر"، القادر على اللعب في كل مراكز الوسط تقريباً، من الارتكاز الدفاعي إلى اللاعب المساند، مروراً بالوسط المهاجم بالثلث الأخير من الملعب. بالإضافة إلى قدرته على أداء دور الظهير والجناح على الخط، بسبب سرعته واندفاعه البدني. أسلوب لعب يحترمه المدرب غوارديولا كثيراً.
بيب مدرب غير تقليدي، يُغيّر من خططه وتكتيكه أكثر من مرة خلال المباراة الواحدة، ويحاول دائماً الإتيان بكل ما هو جديد، ورغم أن هذه الأفكار تمثل عنصر مفاجأة للمنافسين، إلا أنها أيضاً تتسبب في مزيد من الإرهاق الذهني للاعبيه، لذلك يرغب المدرب في الاعتماد على مجموعة تجيد اللعب في أكثر من مكان، من أجل مرونة تكتيكية أكبر خلال موسمه الثالث والأخير في ألمانيا. من الصعب توقع خطة بايرن، لكن يجب القول إن الفترة المقبلة ستكون حاسمة في كل شيء!