فيرمينو مع كلوب..من الصفقة الأسوأ إلى أحد نجوم الموسم

11 مايو 2016
فيرمينو لاعب مختلف مع كلوب (Getty)
+ الخط -
وضعت صحيفة تليغراف البريطانية تقريراً في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي عن أسوأ الصفقات الكروية خلال الموسم، وجاء روبرتو فيرمينو نجم ليفربول في المركز 11، بعد بداية سيئة ومستوى غير مقبول خلال الدور الأول من الدوري، لكن من يناير/ كانون الثاني إلى مايو/ أيار، يبدو أن كل شيء تغيّر، لأن البرازيلي أصبح النجم الأميز في صفوف "الريدز"، والأيقونة التي يستغلها كلوب بذكاء، في الذهاب بعيدا بالدوري الأوروبي.

بروفايل تكتيكي
فيرمينو نصف مهاجم ونصف لاعب وسط، نجم قادر على اللعب في كل مراكز الهجوم، ويتحرك بجرأة وشجاعة خلال الثلث الهجومي الأخير من المستطيل الأخضر، لا يكتفي بتسجيل الأهداف بل يقوم بدور محوري في صناعتها، بسبب قدرته على التحكم بالكرة على الأطراف وأمام خط الوسط، لذلك ينجح في مراكز خلف المهاجمين، كما فعلها من قبل مع فريقه الألماني السابق هوفينهايم، بالإضافة إلى تحوله المستمر تجاه الخط الجانبي بعيداً عن الرقابة.

خلال فترة تواجده مع المنتخب البرازيلي، يلعب فيرمينو كمهاجم صريح في بعض المباريات، ومهاجم وهمي في مباريات أخرى. ومع قوته بالكرة ومن دونها، بالإضافة إلى حاسته التهديفية العالية، واندفاعه البدني أمام المدافعين، يستطيع القيام بالأدوار التكتيكية التي يريدها المدير الفني، لذلك يعتبر لاعباً محورياً بالنسبة لأي مدرب.

قدرات فيرمينو الدفاعية موفقة أيضا، وبالعودة إلى متوسط أرقامه في فترة ما قبل ليفربول يقوم البرازيلي بعمل أكثر من 2.5 عرقلة مشروعة خلال المباراة الواحدة، مع 2.3 لعبة هوائية. ليكون مناسبا جدا للفرق التي تلعب بضغط مرتفع، وتحتاج إلى مهاجمين قادرين على الدفاع في نصف ملعب المنافس دون تعب.

رودجرز وكلوب
قضى براندن رودجرز فترات متقلبة مع ليفربول، من بداية معقولة مرورا بموسم تاريخي كان فيه قاب قوسين أو أدنى من تحقيق لقب البريميرليغ، إلى نهاية مآساوية بنتائج كارثية وأرقام مبالغ فيها بسوق الانتقالات، وبعيدا عن المقارنات غير المجدية بين رودجرز وكلوب، نستطيع التأكيد على قاعدة أساسية خاصة بقوانين وفنيات اللعبة، ألا وهي بزوغ نجم فيرمينو مع الألماني بشكل أكبر من الإيرلندي الشمالي.

يعود فارق المستوى إلى عاملين، الأول متعلق بطبيعة رودجرز، الرجل المميز تكتيكا، لكنه يعاني من عدم وضوح رؤيته الخططية، لذلك يستخدم رسومات كثيرة، ويقوم بتغيير طريقة لعبه من مباراة إلى أخرى، دون وجود استراتيجية واضحة يستطيع بها تحقيق فلسفته المرجوة، عكس يورغن كلوب المعروف بأسلوبه المائل إلى الضغط واللعب العمودي السريع، مع خطة 4-2-3-1 التي لا يُغيّرها إلا في أضيق الأحوال.

وبالتالي يسهل على أي لاعب جديد الدخول في نظامه الفني، بصورة أوضح من نظيره الذي يعاني من تقلبات مستمرة على هذا الصعيد، دون نسيان صبر جمهور الليفر على يورغن، لأنه جاء بعد هجوم شديد على براندن، وبالتالي وجد اللاعب أريحية أكبر في التعامل، لأنه مرتكز على أرض صلبة يحميها عشاق الأنفيلد.

مراكز اللعب
أما العامل الآخر فيرتبط بفكرة توظيف فيرمينو داخل الملعب، لأنه لعب مع رودجرز في مراكز مختلفة، أكثرها على الإطلاق في الرواق، كجناح على الرواق الجانبي، مما جعله بعيدا كثيرا عن المرمى، ومحاصرا في أضيق الفراغات بعيدا عن مركز الملعب، ليظهر بشكل مغاير مع كلوب، والذي وضعه في مكان قريب من الشباك، على بعد خطوات قليلة من مركز المهاجم رقم 9.

قدم ليفربول مع رودجرز مباريات ضعيفة للغاية في الفترة الأولى، أشهرها ضد ويستهام يونايتد عندما خسر الفريق بالثلاثة على أرضه ووسط جماهيره. وقتها لعب فيرمينو كجناح حقيقي في خطة لعب 4-3-3، لتنقطع كل عوامل الاتصال بينه وبين بنتيكي المهاجم الأساسي، ويفشل تماما في صنع أي خطورة على الخصم.

بينما مع كلوب، تحولت الخطة إلى ما يشبه 4-2-3-1 أو 4-4-1-1، ولعب فيرمينو في المركز 10 بالملعب، كصانع لعب حر ومهاجم متأخر في آن واحد، قريبا من أوريجي أو ستوريدج، وأمام ميلنر وكان في ثنائية المحور بالمنتصف، ليجد نفسه في وضعية أفضل لتبادل المراكز مع اللاعب المتقدم، والقيام بدوره على أكمل وجه في ما يخص التسجيل والصناعة.

تحول مبهر
تحول فيرمينو في أقل من خمسة أشهر، من لاعب سيئ يوضع ضمن أسوأ الصفقات، إلى أحد أفضل لاعبي النصف الثاني من الدوري الإنجليزي، نتيجة العوامل التكتيكية التي تحدثنا عنها، دون نسيان نقطة التكيف مع النادي الجديد، فأي لاعب مهما كانت قوته يحتاج إلى وقت كافٍ من أجل التأقلم، لذلك يكون الحكم المبكر على أي صفقة أمراً غاية في الخطورة، لأن عامل الوقت مهم جدا في الحكم بالنهاية.

رقميا، سجل فيرمينو 10 أهداف وصنع 7، مع 46 فرصة للتسجيل، إحصاءات تؤكد تطوره مع زعيم ميرسيسايد، مع قدرة فائقة على الجمع بين الشقين الدفاعي والهجومي، من خلال نجاحه في قطع كرات عديدة عن طريق مهارة العرقلة، رفقة المراوغات فائقة الجمال، لسابق أصوله الكروية اللاتينية في البرازيل.

أكدت تجربة فيرمينو هذا الموسم أن الصبر طريق للنجاح، لأن العملية طويلة وتحتاج إلى مزيد من الوقت، حتى يرى الجمهور نتائج مبهرة في النهاية، فهل يفعلها البرازيلي ويقود فريقه إلى لقب أوروبي في بازل؟

دلالات
المساهمون