"آراء شخصية، مقطوعات شعرية، إنشاء مجموعات"، مجرّد نشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه أصبح الآن سببًا لفصل صاحبه عن العمل وإحالته على التحقيق وربّما القبض عليه وصدور أحكام ضدّه.
مراقبة الحسابات
في 3 يوليو/ تموز 2017 تسلّم دكتور الجيولوجيا بجامعة حلوان، يحيي القزاز، خطابًا بإحالته على التحقيق بالجامعة على خلفية آرائه على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بتهمة إهانة الرئيس، إلا أنه رفض الخضوع لذلك التحقيق.
اعتبر القزاز أن التحقيق جاء بناءً على تعليمات أمنية بسبب آرائه السياسية، بعد تقديم عميد الكلية بلاغا ضدّه لرئيس الجامعة، مؤكدًا أن ذلك ليس من اختصاص الجامعة، لافتًا إلى أن التحقيق في تهمة إهانة الرئيس يجب أن يتمّ في النيابة العامة.
لم تكن تلك هي الواقعة الأولى، على حدّ قول محمد عبد السلام، الباحث في ملف الحريّات الأكاديمية بمؤسّسة حريّة الفكر والتعبير، موضحًا أن إدارات الجامعات في مصر رغم توقّف الاحتجاجات والتظاهرات على مدار العامين الماضيين لم تتوقّف عن استكمال طريقها في القمع والتضييق على المساحات المتاحة كالقيود على سفر الأساتذة ومراقبة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
في حديث إلى "جيل"، روى الباحث في حريّة الفكر والتعبير، أنه خلال أحد التحقيقات التي خضع لها أحد أعضاء هيئة التدريس بجامعة كفر الشيخ من قبل، علم من خلال المحقّق أن إدارة العلاقات العامة بالجامعة وهي تتابع حسابات الأساتذة على مواقع التواصل الاجتماعي، رصدت تجاوزات منه في حقّ رئيس الجامعة، موضحًا أن ذلك أصبح نوعًا من أنواع المراقبة التي كلّفت الجامعة موظفين للقيام بها.
يصف عبد السلام الأمر بـ"أداء التلصّص والتربّص"، موضحًا أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى توجيه الاتهامات والتحقيق لمجرّد نقاشات داخل قاعات المحاضرات.
الحرز "بوست"
"يبدو أن الإنترنت يمثل رعبًا حقيقيًا للدولة" يستطرد عبد السلام حديثه حول مواقع التواصل الإجتماعي، موضحًا أن تلك الهجمة ستزداد في محاولة السيطرة على المحتوي وترهيب مستخدمي الإنترنت، مشيرًا إلى أنه في حالة الجامعة تصبح التحقيقات ومجالس التأديب، أداة شديدة التأثير على فئات الطلاب والأساتذة لوضعها قيودا عليهم وتأثيرها على عملهم ومستقبلهم.
الواقعة لم تكن الأولى، لكنها تطوّرت في بعض الأحيان للقبض على الأشخاص، ففي 6 يوليو/ تموز الجاري قُبض على محمد عادل، عضو حركة 6 أبريل، من منزله وحُبس لـ أربعة أيام على ذمّة التحقيق. خلال التحقيق الذي خضع له عادل، وجد محامي الدفاع الأحراز المسجّلة ضده، وهي أربع تدوينات على تويتر تعليقًا على قرض صندوق النقد الدولي وعدم خروج المحبوسين السياسيين خلال العفو الرئاسي، لتصبح التهمة الموجّهة له نشر أخبار تحريضية والاعتراض على سياسات الدولة وقرض صندوق النقد الدولي على موقع التواصل الاجتماعي.
على خلفية مقطوعة شعرية على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي يخضع غازي حبيبة للمحاكمة الآن، بتهمة نشر أخبار كاذبة ونشر شائعات وتكدير صفو الأمن العام والتحريض ضدّ النظام بهدف إثارة الرأي العام، حيازة وإحراز وسائل تسجيل استعملت في تسجيل المقاطع محل الاتهام.
مراقبة إلكترونية
في تقرير للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان نشر في 5 يوليو/ تموز 2017، أوضح أن شركة "أمسيس" الفرنسية تخضع للتحقيق القضائي بفرنسا منذ 2011 لتزويدها النظام الليبي بمنظومة مراقبة إلكترونية واسعة النطاق مما سمح بالتعرّض للمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان واعتقالهم وتعذيبهم، إلا أن عملية البيع تمّت مرّة أخرى للحكومة المصرية في مارس/ آذار 2014.
محامي الفيدرالية، باترك بودوان، صرّح بأن "وضع هذه الأداة الرقابية في يد نظام السيسي الذي بلغ قمعه أشدّه يشكّل فعلًا إجراميًا"، مطالبًا العدالة الفرنسية بتوسيع التحقيق في الدعم المقدّم لمصر.
ما كشفت عنه الفيدرالية الدولية جاء بعد رفض دعوى قضائية في فبراير/ شباط 2017، رفعتها بعض المنظمات الحقوقية المصرية ضدّ وزير الداخلية للمطالبة بوقف قراره بشراء تطبيقات تمكّن الوزارة من مراقبة الشبكات الاجتماعية على الإنترنت والتجسّس على أنشطة المستخدمين؛ سواء في المجال العام المتعلّق بتبادل الآراء والمعلومات، أو في المجال الخاص المتعلق بالمحادثات والرسائل والمكالمات الخاصة.