بدأ فيكتور أوربان (1963) حياته السياسية كسكرتير للشبيبة الشيوعية، التي انضم إليها في عمر 14 سنة، قبل أن يتحول إلى "إصلاحي" ويطالب برحيل القوات السوفييتية عن بلده. أسس، في عام 1988، حزب فيديز "الشباب الديمقراطي"، وذاع صيته حين مجّد انتفاضة المجريين 1956، باعتبار رئيس وزرائها الأسبق أمري ناغي، الذي أعدم في عام 1958، "شهيداً قومياً". شارك حزب أوربان في مفاوضات التحول الديمقراطي في 1989. ومنذ تزعمه لحزبه في 1993 وهو يكتسح الساحتين السياسية والحزبية في بلده. حقق نجاحات انتخابية متكررة، وشكّل حكومة 1998 ليفاوض حلف شمال الأطلسي على عضوية بلده بعد عام، وفي عام 2000 لعضوية الاتحاد الأوروبي.
يتهمه الأوروبيون بتحويل نظام بلده السياسي "إلى كل شيء سوى الديمقراطية"، وقد نظروا إلى المجر سابقاً، بعد مرحلة السوفييت، كحالة متقدمة على شقيقاتها في الشرق، لكنهم اليوم أكثر توجساً تجاه الرجل "المتناقض كثيراً... والشعبوي والمغرد خارج السرب".
لم تمنع الفضائح والانتقادات، سواء في الصحافة الغربية أو على لسان ساستها، أوربان من مواصلة ترسيخ نظام سياسي يطلق عليه هؤلاء المنتقدون "مزيجاً من المحسوبية الاقتصادية وبلاغة يمينية قومية متشددة وضعت أسساً لنظام الحزب الواحد، رغم أنه عضو في الاتحاد الأوروبي ويتلقى سنوياً المليارات على شكل استثمارات".
يجد فيكتور أوربان بلده، ونفسه، في مواجهة مع "تسلط القوى الخارجية"، خصوصاً "مؤامرة اليهود". ويؤمن الرجل إيماناً عميقاً أن بلده "يتعرض لمؤامرة كبيرة تشارك فيها مؤسسات النقد مع المنظمات اليهودية". ويبث في خطاباته الكراهية ضد مؤسسات النقد الدولية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، على الرغم من أن بلده عضو في كل تلك الأندية.
يطلق أوربان على جورج سوروس لقب "الأجنبي المتنفذ"، فهو ممول الجامعات والمنظمات غير الحكومية في المجر، لذا يسعى أوربان إلى معاقبة "رأسمال اليهود" بفرض ضرائب على المنظمات غير الحكومية.
كما يوسّع أوربان، منذ سنوات، خطابه الشعبوي، باعتبار أن بلده "يتعرض لغزو مهاجرين وأجانب يريدون أخذ المجر من شعبه". نجاح أوربان في تسويق نفسه يعزوه مراقبون إلى "سيطرته المطلقة على وسائل الإعلام". فقد حوصرت معظم الصحف والمواقع المعارضة، ويهيمن أوربان على القناة الرسمية التي تبث بقوة في الأرياف، بالإضافة إلى تمويل الدولة لكل حملاته الانتخابية.
سياسياً، لا يتردد أوربان في إبداء إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي زار المجر في 2017. وكان الزعيم الأوروبي الوحيد الذي أيّد المرشح الرئاسي الأميركي دونالد ترامب. وما يخشاه ساسة بروكسل أن مواقف أوربان الشعبوية باتت تؤثر في الدول المحيطة، في وسط وشرق أوروبا، مثل بولندا التي قال زعيم الحزب الحاكم فيها (حزب النظام والقانون) يارسولاف كازينسكي في 2016 "لقد أثبت فيكتور أوربان أن الأشياء ممكنة في أوروبا، وهو ما يمكن أن نتعلم منه". في هذه الأجواء، تنتشر حالة إحباط أوروبي من سياسات أوربان. وعلى الرغم من التهديد بتفعيل مواد العقوبات، بسبب تقارير المفوضية الأوروبية عن انتشار الفساد، يبدو أن أوربان يحسن استخدام تلك التقارير، وآخرها في 27 مارس/آذار الماضي، ليجيرها في سبيل جذب أصوات المتشددين قومياً، خوفاً من أن يستطيع الأكثر منه تشددا، يوبيك، حصدها. في الفترة بين 2010 و2014، قام أوربان بـ"إصلاحات" من خلال 700 تغيير طاولت تشريعات وقوانين، و50 قانونا أساسياً، و12 تغييرا دستورياً، بدون إشراك بقية الأحزاب أو منظمات المجتمع المدني. ولهذا يطلق بعض الأوروبيين، ساسة وإعلام، على سياسة أوربان "ديمقراطية أوتوقراطية لا ليبرالية"، ويشبهونه بفلاديمير بوتين.