ربما تخفف مشاهدة الفيلم التسجيلي المصري (توك توك) من تبرّم الكثيرين من فوضى هذه العربات البخارية الصغيرة، ثلاثية العجلات، وسائقيها، وأغلبهم صبية يسببون جلبة في الشوارع الرئيسية والأحياء الشعبية، ويراهم البعض خارج السيطرة.
ومنذ استيراد التوك توك -كبديل عملي لتوصيل الركاب إلى شوارع ضيقة وأماكن لا تصلها سيارات الأجرة- انتشر في أغلب المدن والقرى في مصر.
ولكن الفيلم الذي أنتجه وصوره المخرج المصري روماني سعد وعرضه مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مساء أمس، يذهب بعيدا عن هذه الواجهة؛ إذ يتقصّى ما وراء ثلاثة صبية هم "عبدالله" و"شارون" و"بيكا"، يقودون التوك توك للإنفاق على عائلاتهم ويواجهون معاناة ثلاثية، بعضها نفسي والآخر مادي..
فأصحاب السيارات الخاصة يعاملونهم وينظرون إليهم بشيء من "الاحتقار"، كما يضايقهم بعض أفراد الشرطة بالتعامل الخشن الذي يصل أحيانا إلى "تحطيم التوك توك"، ويفرضون عليهم ما يشبه الإتاوة والرشوة، ولا يقومون بواجبهم في حمايتهم من اللصوص الذين انتشروا منذ الفوضى الأمنية التي تزامنت مع الاحتجاجات الشعبية التي أنهت حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك في بداية عام 2011.
وتحنو الكاميرا -في ابتعادها عن نور الشارع واقترابها من أسرة الأخوين عبدالله (12 عاما) وشارون (16 عاما) واسمه هيثم، وأطلق عليه هذا الاسم لأنه كان يثير شغبا في الحي- فتقول أمهما إن ولديها ينفقان على الأسرة، ويرى أبوهما أن "الرزق الحلال" لا يغضب أحدا، وأن التوك توك وفّر فرص عمل لألوف الشباب، بدلا من "الوقوف على النواصي (لمضايقة الناس) أو التسول".
ويتنافس فيلم (توك توك) في مسابقة (أسبوع النقاد الدولي) بمهرجان القاهرة السينمائي، والتي تنظمها جمعية نقاد السينما المصريين.
وتضم المسابقة ستة أفلام أخرى من قرغيزستان وفرنسا والتشيك والبرازيل وسنغافورة وبولندا.
ويشارك في لجنة التحكيم كل من المخرج المصري محمد خان والناقد اللبناني محمد رضا والناقد النيجيري شايبو حسيني.
ويجمع فيلم (توك توك) بين خفة ظل الصبية وتلقائية شغبهم المحبب وسبابهم الجارح أحيانا وبين ما يشعر به الأب من "مرارة... الدنيا معتمة قدام الشباب... محدش (لا أحد) سامع صوتنا"، ويلوم على الاحتجاجات التي استمرت بين عامي 2011 و2013 والتي لم يكن لها تأثير في توفير الخبز والحد الأدنى للحياة الآدمية.