"الإعلانات الجاذبة وقصاصات المعلومات أشبه بالطعم لا غير، فقط وعود بتسهيل حياتك وتصوير لخدمات المصرف أشبه بالنعيم"، هكذا يعلّق فراس الذّي حاول لتوّه الحصول على قرض من المصرف التونسي الذي يتعامل معه منذ أكثر من سبع سنوات، قبل أن يتراجع ويعيد التفكير في الموضوع بعد أن صُدم من حجم الفائدة والشروط التي أملاها عليه المصرف.
يضيف أنّه على الرغم من كونه زبوناً قديماً للمصرف، إلاّ أنّ هذا لم يشفع له لتسهيل حصوله على قرض لاقتناء سيّارة هو في أمسّ الحاجة إليها، نظراً لمشاكل النقل العموميّ وارتفاع كلفة استعمال سيّارات الأجرة الخاصّة. ويستطرد قائلاً إنّ التعقيدات تبدأ من مرحلة تجهيز الملف ومطلب الحصول على القرض، إذ عليه أن يقدّم شهادة خاصّة بتمتّعه بالتغطية الاجتماعيّة، بالإضافة إلى شهادة عمل معرّفة لدى المصالح الرسميّة للدولة، كما أنّه مُطالب "بالاستظهار بشهادات خلاص" مرتّبه طيلة الأشهر الثلاثة الماضية. وأخيراً وقبل تقديم الملف للدرس، عليه أن يقدّم للمصرف نسخة من عقد وعد بالبيع معرّفاً بدوره لدى المصالح البلديّة. ومن ثمّ انتظار قرار مجلس الإدارة للموافقة على المبلغ المطلوب.
في السياق نفسه، يضيف محمد عليّ الصيدي أنّه اضطر للاستدانة من بعض المعارف والأصدقاء، نظراً لطول هذه الإجراءات وتعقيداتها. كما أعلمنا محدّثنا أنّ المصرف وبعد الموافقة على منح القرض يقتطع عمولة لا تقلّ عن 400 دولار تحت عنوان التأمين ودراسة الوثائق ومطلب القرض، هذا دون الحديث عن تكاليف إعداد الملف.
يعلّق الخبير في المجال المالي والمصرفي بلال الفضلي، قائلاً إنّ المصرف المركزيّ رفع نسبة الفائدة الرئيسيّة على القروض بخمسين نقطة لتناهز اليوم 4.8%. هذا الإجراء يهدف إلى كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق، ما يؤدي، نظرياً، إلى خفض نسبة التضخم وارتفاع الأسعار، وبالنتيجة تشجيع الادّخار. إلا أن الفضلي يستطرد مبيّناً أنّ هذا القرار لم يمنع ارتفاع نسبة القروض، بحسب بيانات المعهد التونسيّ للإحصاء، من 6 مليارات دولار تقريباً سنة 2011 إلى ما يناهز 9 مليارات دولار في 2014.
في هذا السياق، تقول نهلة الحبوبي، العاملة في مجال الهندسة، إنّ المصرف الذي تتعامل وإياه أجبرها على خفض مدّة السداد إلى ثلاث سنوات، وهو ما جعلها اليوم تعيش تحت ضغط ماليّ رهيب، فالقسط الشهريّ يلتهم 40% من مرتّبها. لتختم بالقول إنّ الفرق شاسع بين ما سمعته من مصلحة الزبائن حول التسهيلات وانخفاض الفوائد وبين الواقع.
لفهم كيفيّة الإيقاع بالزبائن وقبولهم بتلك الشروط والنسب المرتفعة للفوائد، استطاعت "العربي الجديد" إقناع مسؤولة في أحد المصارف بالحديث عن أساليب التسويق والإقناع التي تنتهجها المصارف مع زبائنها، بالإضافة إلى مقدار الأرباح التي تجنيها المصارف من هذه المعاملات.
"الحاجة والجهل هما حجر الأساس في سياستنا"، بهذه العبارة استهلّت محدّثتنا مداخلتها، مضيفة أنّ الواقع الاقتصاديّ الصعب يدفع الناس للجوء للمصرف والاقتراض برغم علمهم في النهاية بأنّهم سيسددون ما لا يقلّ عن 30% من قيمة القرض كفائدة بعد ثلاث أو خمس سنوات. وتوضح أنّ المصرف لا يعلن بالتأكيد عن هذه النسبة، بل يكتفي بالنسبة السنويّة الخاصّة بالمصرف والتي تراوح بين 7% و10%، وأمام جهل غالبيّة الزبائن بالمسائل الماليّة، فهم لا يفطنون إلى أنّ تلك النسب المعلنة تقتصر على سنة وأنّ المبلغ الحقيقيّ لقرض قيمته على سبيل المثال 10000 دولار على خمس سنوات سيناهز 14000 ألف دولار دون احتساب تكاليف التأمين ودراسة الملف وإعداده.
أرباح المصارف لا تقتصر على فوائد القروض وعمولاتها، بل تتنوّع مصادرها، خصوصاً لناحية عمليات الحسم على السحب أو الشراء عبر البطاقات والتي تراوح بين 2.5 و4%.
يضيف أنّه على الرغم من كونه زبوناً قديماً للمصرف، إلاّ أنّ هذا لم يشفع له لتسهيل حصوله على قرض لاقتناء سيّارة هو في أمسّ الحاجة إليها، نظراً لمشاكل النقل العموميّ وارتفاع كلفة استعمال سيّارات الأجرة الخاصّة. ويستطرد قائلاً إنّ التعقيدات تبدأ من مرحلة تجهيز الملف ومطلب الحصول على القرض، إذ عليه أن يقدّم شهادة خاصّة بتمتّعه بالتغطية الاجتماعيّة، بالإضافة إلى شهادة عمل معرّفة لدى المصالح الرسميّة للدولة، كما أنّه مُطالب "بالاستظهار بشهادات خلاص" مرتّبه طيلة الأشهر الثلاثة الماضية. وأخيراً وقبل تقديم الملف للدرس، عليه أن يقدّم للمصرف نسخة من عقد وعد بالبيع معرّفاً بدوره لدى المصالح البلديّة. ومن ثمّ انتظار قرار مجلس الإدارة للموافقة على المبلغ المطلوب.
في السياق نفسه، يضيف محمد عليّ الصيدي أنّه اضطر للاستدانة من بعض المعارف والأصدقاء، نظراً لطول هذه الإجراءات وتعقيداتها. كما أعلمنا محدّثنا أنّ المصرف وبعد الموافقة على منح القرض يقتطع عمولة لا تقلّ عن 400 دولار تحت عنوان التأمين ودراسة الوثائق ومطلب القرض، هذا دون الحديث عن تكاليف إعداد الملف.
يعلّق الخبير في المجال المالي والمصرفي بلال الفضلي، قائلاً إنّ المصرف المركزيّ رفع نسبة الفائدة الرئيسيّة على القروض بخمسين نقطة لتناهز اليوم 4.8%. هذا الإجراء يهدف إلى كبح عمليات الاقتراض وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق، ما يؤدي، نظرياً، إلى خفض نسبة التضخم وارتفاع الأسعار، وبالنتيجة تشجيع الادّخار. إلا أن الفضلي يستطرد مبيّناً أنّ هذا القرار لم يمنع ارتفاع نسبة القروض، بحسب بيانات المعهد التونسيّ للإحصاء، من 6 مليارات دولار تقريباً سنة 2011 إلى ما يناهز 9 مليارات دولار في 2014.
في هذا السياق، تقول نهلة الحبوبي، العاملة في مجال الهندسة، إنّ المصرف الذي تتعامل وإياه أجبرها على خفض مدّة السداد إلى ثلاث سنوات، وهو ما جعلها اليوم تعيش تحت ضغط ماليّ رهيب، فالقسط الشهريّ يلتهم 40% من مرتّبها. لتختم بالقول إنّ الفرق شاسع بين ما سمعته من مصلحة الزبائن حول التسهيلات وانخفاض الفوائد وبين الواقع.
لفهم كيفيّة الإيقاع بالزبائن وقبولهم بتلك الشروط والنسب المرتفعة للفوائد، استطاعت "العربي الجديد" إقناع مسؤولة في أحد المصارف بالحديث عن أساليب التسويق والإقناع التي تنتهجها المصارف مع زبائنها، بالإضافة إلى مقدار الأرباح التي تجنيها المصارف من هذه المعاملات.
"الحاجة والجهل هما حجر الأساس في سياستنا"، بهذه العبارة استهلّت محدّثتنا مداخلتها، مضيفة أنّ الواقع الاقتصاديّ الصعب يدفع الناس للجوء للمصرف والاقتراض برغم علمهم في النهاية بأنّهم سيسددون ما لا يقلّ عن 30% من قيمة القرض كفائدة بعد ثلاث أو خمس سنوات. وتوضح أنّ المصرف لا يعلن بالتأكيد عن هذه النسبة، بل يكتفي بالنسبة السنويّة الخاصّة بالمصرف والتي تراوح بين 7% و10%، وأمام جهل غالبيّة الزبائن بالمسائل الماليّة، فهم لا يفطنون إلى أنّ تلك النسب المعلنة تقتصر على سنة وأنّ المبلغ الحقيقيّ لقرض قيمته على سبيل المثال 10000 دولار على خمس سنوات سيناهز 14000 ألف دولار دون احتساب تكاليف التأمين ودراسة الملف وإعداده.
أرباح المصارف لا تقتصر على فوائد القروض وعمولاتها، بل تتنوّع مصادرها، خصوصاً لناحية عمليات الحسم على السحب أو الشراء عبر البطاقات والتي تراوح بين 2.5 و4%.
10 دولارات على البطاقات
تشير مسؤولة مصرفية، رفضت الكشف عن اسمها، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ المصارف التونسية تقوم باستخلاص مبالغ شهريّة أو كلّ ثلاثة أشهر على استعمال البطاقة المصرفية لا تقلّ قيمتها عن 10 دولارات. وتلفت إلى أنّ عمليات تبديل العملة أو تحويلها من وإلى خارج تونس تعتبر مورداً آخر للمصارف، إذ لا تقلّ عمولة المصرف عن 40 أو 50 دولاراً عن كلّ عمليّة تحويل. وتختم بالقول إنّ هذه الإجراءات مفهومة ومقبولة من وجهة نظر أهل القطاع، فنحن نتحدّث هنا عن مصارف تجاريّة هدفها الربح لا التنمية، كما أنّه من الضروريّ النظر إلى حجم الضغط الذي تتحمّله المصارف التي تغطّي 70% من حاجات البلاد على مستوى التمويل، زد على ذلك حجم التهرّب من السداد.