في ظلال الوطن
في 11/5/2015 حملت روحي وكل ما أملك من بقاياي في حقيبتي المزهرة، التي كلما كنت أنظر إليها، تذكرت أزهار الوطن التي ارتمت على جنباته ذعرا.
حددت وجهتي وقررت أن أتجه نحو الغرب، حيث لا وجود لشيء، هناك يظنون أنهم إن سمحوا لك باحتساء فنجان قهوة على جسر باريس فسيمحي من داخلك أثر الألم وبصمات ذكرياتك مع وطنك، لا يعلمون أن العاشق يموت عاشقا، لا يعلمون أن حب الوطن يكبر معنا.
بعد قرابة الشهر، وضعت حمالي على أرض غريبة تختلف وجهاتها، وتوجهات كل من يمشي عليها، كنت أحدق كطفلة حديثة الولادة من دون تركيز على شيء.
أخذوني وقيدوني وحبسوني ورحلوني ووضعوني بين أربع جدران اتباعا لما ينص عليه قانون اللجوء.. حدث كل ذلك دون وعي مني. استيقظت في اليوم التالي وكان الارتخاء والخدر قد أصاب أجفاني، لما واجهت من تعب في طريقي نحو بلاد الحرية.
كانوا قد أعدوا موائد الإفطار منتظرين منا أن ننقض عليها.. أخذت أبحث بعيني المتعبتين عن مقعد لي بين الموجودين، كانت مائدة جميلة إلا أنها تخلو من الروح.
في كل يوم كانت أجزائي تصاب بالبرود، فلا شيء يحزنني ولا شيء يضحكني ولا شيء يغريني، سوى أوراق إقامتي في الدولة الآمنة الي اختارتها أقدامي. على الرغم من كل أوجاعي التي كانت تزداد يوما بعد يوم.. كان طموحي يكبر معها.
بدأت رحلتي الأخرى في البحث عن طريق يمكنني من خلاله تحقيق حلم لطالما راودني وجعل مني لبُؤة، لا يمكن لأحد أن ينال منها.
وأنا الآن في منتصف طريقي أسير مستقيمة دون تخبط، لعلي أرتشف من نبع المعجزات نتاج معركتي في هذه الحياة النتنة.