في معضلة الأردن
لسنوات عديدة حافظ الأردن على حالة الاستقرار، في منطقةٍ غير مستقرة على الإطلاق. ومع ذلك، يمر الأردن بحالة اقتصادية صعبة، نتيجة مواقفه الخارجية التي لم تتغير كثيراً. لكن عدم تغيير سياسته الداخلية يجعل من مشكلاته الاقتصادية أكثر جدية، إذا ما أُخذت بالاعتبار حالة عدم الثقة بين الأردنيين والحكومة.
يذكر السياسيون كثيراً كلمة الشفافية، باعتبارها مصطلحاً لم يطبق على أرض الواقع، حتى مع إطلاق منصّة "حقك تعرف"، لم تصل فكرة كبح الشائعات، كما تقول الحكومة، وما وصل إلى الشعب أن الحكومة تريد أن تُسمعك ما تراه هي جيداً لها. وينزعج بعض الأردنيين من المسؤولين على استخدامهم مصطلح الشفافية كثيراً في خطاباتهم، حتى إنهم قالوا، على سبيل التندر، إن المسؤول الأردني لا يحتاج لفحص أشعّة إذا ما مرض، فشفافيته تكفيه. كما ينزعج بعضهم أيضاً من الأحاديث الكثيرة عن الفساد التي لا يكون فيها عقاب رادع للفاسدين، وأحياناً قضايا فساد ولا فاسدين.
في الوقت الذي ينمو فيه الفساد جنباً إلى جنب مع المحسوبية، تحاول الحكومة بناء تعاطف شعبي من خلال مجلس النواب، والحقيقة أن المجلس في حاجة أكثر لذلك التعاطف الشعبي من الحكومة. والحال هنا كيف يحارب مجلس النواب الفساد، ومعظم أعضائه يعملون تحت فكرة الواسطة والمحسوبية، بدلاً من انشغالهم في مهمتهم الرئيسة برلمانيين؟ حتى إن بعضهم يعلنها صراحة أنه نائب خدمات!
يتذكّر الأردنيون ذلك المسؤول الكبير، وكيف انتفض باتجاه من احتجّوا على تعيين نجله فيمنصب في الخارجية الأردنية، معللاً انتفاضته بأن ابنه استحق ذلك عن اقتدار لكفاءته، لكن ذلك المسؤول نسي أن يفسّر للمحتجين سبباً لتسلّمه هو مناصب مهمة في الأردن، على الرغم من أنه لا يحمل غير شهادة الثانوية العامة. هذه المعايير المزدوجة في التعاطي مع المحتجين والمثقفين، تجعل فجوة عدم الثقة تزداد لمراحل أكثر خطورة.
تم إجراء تعديل على وزارة حكومة عمر الرزاز، وأنا أكتب هذه المقالة، وغادر بعضهم وبدأ بعضهم الآخر عمله. أما الأردنيون فلا يعرفون سبب مغادرة ذاك وسبب بدء هذا العمل وزيراً، الأمر الذي من شأنه جعل تلك الفجوة تكبر أكثر وأكثر، أليس الوزير مسؤولاً ومساءَلاً؟
هكذا يفهم الأردنيون أن المخطئ يجب عقابه، لذا يجد المحتجّ الأردني أنّ على الحكومة توضيح أسباب الإقالة والتعيين ومحاسبة المخطئ تحت إطار القانون. ومرد تلك المحاسبة أنّ تَراكم الأخطاء الإدارية للوزير فساد، مقصوداً كان أو غير مقصود، لأن إدارة الدولة منوطةٌ بالقدرة على جعل حياة الناس أفضل.
أقيل رئيس الوزراء السابق بسبب خروج المحتجين أمام رئاسة الوزراء، والحقيقة أن الاحتجاج وصل إلى حالةٍ يمكن وصفها بالعصيان المدني، واستمرار الحكومة الجديدة على النهج نفسه يعطي انطباعين، أنّ الحكومة ليس من مهامّها اتخاذ قراراتٍ سياسية، وإنما خدميه فقط، وأنّ الحكومة لا تعيش في الواقع، وتعي أنّ المحيط ملتهب، وربما ينعكس سلباً على المحتجّ الأردني، الذي أصبحت لديه قاعدة كبيرة في الخارج. ولذا أجد نهاية هذه الحكومة قريبة، مثل سابقتها للأسباب نفسها.
ينعكس هذا كله سلباً على مسألة الثقة مع الحكومة، ما يعني أن تتخذ الحكومة إجراءاتٍ من شأنها مساءلة الوزراء السابقين عن قراراتٍ كان من شأنها ارتفاع الدين العام، وقد حان الوقت لتجريم الواسطة. وهذا من شأنه إدارة مرحلة خطرة في عمر الدولة الأردنية، فلسان حال الأردني يقول: بما أني لست من يختار الوزير، ولا من يقيله، فلماذا يكون الحلّ على حساب التضييق على حياتي، كفرض للضرائب أو جدولة لديون دولية تمدد أعواماً، قد نكون أمواتاً قبل انتهائها، فهل ستتنبه الحكومة الأردنية إلى أن مشكلتها إدارية لا اقتصادية؟
يذكر السياسيون كثيراً كلمة الشفافية، باعتبارها مصطلحاً لم يطبق على أرض الواقع، حتى مع إطلاق منصّة "حقك تعرف"، لم تصل فكرة كبح الشائعات، كما تقول الحكومة، وما وصل إلى الشعب أن الحكومة تريد أن تُسمعك ما تراه هي جيداً لها. وينزعج بعض الأردنيين من المسؤولين على استخدامهم مصطلح الشفافية كثيراً في خطاباتهم، حتى إنهم قالوا، على سبيل التندر، إن المسؤول الأردني لا يحتاج لفحص أشعّة إذا ما مرض، فشفافيته تكفيه. كما ينزعج بعضهم أيضاً من الأحاديث الكثيرة عن الفساد التي لا يكون فيها عقاب رادع للفاسدين، وأحياناً قضايا فساد ولا فاسدين.
في الوقت الذي ينمو فيه الفساد جنباً إلى جنب مع المحسوبية، تحاول الحكومة بناء تعاطف شعبي من خلال مجلس النواب، والحقيقة أن المجلس في حاجة أكثر لذلك التعاطف الشعبي من الحكومة. والحال هنا كيف يحارب مجلس النواب الفساد، ومعظم أعضائه يعملون تحت فكرة الواسطة والمحسوبية، بدلاً من انشغالهم في مهمتهم الرئيسة برلمانيين؟ حتى إن بعضهم يعلنها صراحة أنه نائب خدمات!
يتذكّر الأردنيون ذلك المسؤول الكبير، وكيف انتفض باتجاه من احتجّوا على تعيين نجله فيمنصب في الخارجية الأردنية، معللاً انتفاضته بأن ابنه استحق ذلك عن اقتدار لكفاءته، لكن ذلك المسؤول نسي أن يفسّر للمحتجين سبباً لتسلّمه هو مناصب مهمة في الأردن، على الرغم من أنه لا يحمل غير شهادة الثانوية العامة. هذه المعايير المزدوجة في التعاطي مع المحتجين والمثقفين، تجعل فجوة عدم الثقة تزداد لمراحل أكثر خطورة.
تم إجراء تعديل على وزارة حكومة عمر الرزاز، وأنا أكتب هذه المقالة، وغادر بعضهم وبدأ بعضهم الآخر عمله. أما الأردنيون فلا يعرفون سبب مغادرة ذاك وسبب بدء هذا العمل وزيراً، الأمر الذي من شأنه جعل تلك الفجوة تكبر أكثر وأكثر، أليس الوزير مسؤولاً ومساءَلاً؟
هكذا يفهم الأردنيون أن المخطئ يجب عقابه، لذا يجد المحتجّ الأردني أنّ على الحكومة توضيح أسباب الإقالة والتعيين ومحاسبة المخطئ تحت إطار القانون. ومرد تلك المحاسبة أنّ تَراكم الأخطاء الإدارية للوزير فساد، مقصوداً كان أو غير مقصود، لأن إدارة الدولة منوطةٌ بالقدرة على جعل حياة الناس أفضل.
أقيل رئيس الوزراء السابق بسبب خروج المحتجين أمام رئاسة الوزراء، والحقيقة أن الاحتجاج وصل إلى حالةٍ يمكن وصفها بالعصيان المدني، واستمرار الحكومة الجديدة على النهج نفسه يعطي انطباعين، أنّ الحكومة ليس من مهامّها اتخاذ قراراتٍ سياسية، وإنما خدميه فقط، وأنّ الحكومة لا تعيش في الواقع، وتعي أنّ المحيط ملتهب، وربما ينعكس سلباً على المحتجّ الأردني، الذي أصبحت لديه قاعدة كبيرة في الخارج. ولذا أجد نهاية هذه الحكومة قريبة، مثل سابقتها للأسباب نفسها.
ينعكس هذا كله سلباً على مسألة الثقة مع الحكومة، ما يعني أن تتخذ الحكومة إجراءاتٍ من شأنها مساءلة الوزراء السابقين عن قراراتٍ كان من شأنها ارتفاع الدين العام، وقد حان الوقت لتجريم الواسطة. وهذا من شأنه إدارة مرحلة خطرة في عمر الدولة الأردنية، فلسان حال الأردني يقول: بما أني لست من يختار الوزير، ولا من يقيله، فلماذا يكون الحلّ على حساب التضييق على حياتي، كفرض للضرائب أو جدولة لديون دولية تمدد أعواماً، قد نكون أمواتاً قبل انتهائها، فهل ستتنبه الحكومة الأردنية إلى أن مشكلتها إدارية لا اقتصادية؟
دلالات