في معنى شجرة الميلاد
أكتب في زمن الجنون الذي نعيشه، زمن الاختلاف، زمن التباعد، زمن الأحقاد. عشتُ ونشأتُ في زمن التشابه، زمن التشارك، زمن المحبة. ولدت في خمسينيات القرن الماضي، وهو ما يسمى هذه الأيام بالزمن الجميل (مع أنه زمن نكبة فلسطين 1948) لعائلةٍ مسيحيةٍ أرثوذكسية، وعشت كل التفاصيل الدينية والاجتماعية. لم أشعر يوما بالانعزال عن الآخر؛ فبالمعنى الديني، هناك آخر مسيحي (لاتين، كاثوليك، بروتستانت، ... إلخ). وهناك آخر مسلم (لم نكن نميّز بين المذاهب الإسلامية، ولم نسمع بها هنا في الأردن وفلسطين).
كان لكل منا أعياده (لم تكن الأعياد المسيحية قد توحدت بعد) وعاداته. لم نكن نشعر بأي فرقٍ في الحياة العامة المجتمعية، بل كنا نشعر بأننا كتلةٌ مجتمعيةٌ واحدةٌ، في إطار ثقافةٍ ولغةٍ واحدة. نسمع الأغاني نفسها، ونشاهد الأفلام نفسها، نحفظ الأشعار نفسها، وتفاصيل مشتركة كثيرة. كانت فيروز، قبل نكسة 1967، تحيي شعائر الجمعة الحزينة لعيد الفصح في كنيسة القيامة في القدس المحتلة؛ وكان الحضور كبيرا من كل المذاهب والطوائف. عشت الأجواء الشبيهة في مأدبا (في الأردن بعد نكسة 1967)، حيث كنا نحيي شعائر الجمعة الحزينة في كنيسة مأدبا للروم الأرثوذكس، وكانت التراتيل الدينية، الخاصة بالمناسبة، تنطلق من مكبرات الصوت إلى الجموع المحتشدة في باحة الكنيسة، وفي الطرقات المحيطة، وكانوا من كل الطوائف والمذاهب.
كتب نقولا زيادة في كتابه "المسيحية والعرب" "نحن، المسيحيون العرب، نؤمن بأننا من أبناء هذه المنطقة، كما أننا مكوّن من مكونات نسيجها الاجتماعي. ولنسمح لأنفسنا بأن نذكّر أنفسنا بأن هذه الشعوب كانت لها مشاركة كبيرة في خلق معتقداتٍ وتنظيم طقوسٍ وترتيب عباداتٍ للجماعات التي قامت فيها وبينها، فكان عندنا أسطورة الخليقة، ورواية سفر التكوين في العهد القديم؛ وكانت أسطورة غلغامش الآتية من الشرق؛ وكانت أناشيد الأسفار الروحية؛ وكانت الآلهة، إلى أن عُبد الله الذي لا إله إلاَ هو. وما زالت الأمثال الحياتية حية، وتستعمل حتى أيامنا الحالية، والتي تعبر عن نسيج اجتماعي مشترك ومتداخل "بضل البرد قائم طول ما النصراني صايم (صيام العيد الكبير، في الربيع). وعند قطف الرّمان، يقال "لسّه ما صلبت"، أي يقطف الرمان بعد عيد الصليب في 14 سبتمبر/ أيلول. وقد صرح البابا شنودة (بابا الكنيسة القبطية في مصر): لن أغير روزنامة الكنيسة القبطية لارتباطها بالفلاحة المصرية".
وتتالت الأيام والسنون، وكانت الاحتفالات بعيد الميلاد تأخذ طابعا احتفاليا في كل الأرض، ويشترك كل المسيحيين، بكل طوائفهم، بالرموز نفسها: بابا نويل، الشجرة، المغارة، ... .
كنا نعرف القصص عن ظهور بابا نويل. ولكن لم تتأكّد أي رواية عن الشجرة، ولماذا هي الرمز الأهم للتعبير عن عيد الميلاد التي تراها في كل منزل مسيحي، وقد يشارك أشخاصٌ من مذاهب أخرى في ترميز لفرح الأطفال. ولكن ليس مؤكّدا أن تجد المغارة. كنت دائما أتساءل، وبشكل ملحٍّ أحيانا: لماذا الشجرة رمز لعيد الميلاد، ولم تُذكر في الإنجيل، ولم تكن يوما رمزاً كنسياً كالسمكة والسنبلة والكرمة؟
صادف أن قرأت مقالا في 16 /11 /2010 في صحيفة الثورة السورية، دوّنته في دفتر ملاحظاتي، فقد شعرت أنه قد يجيب على بعض التساؤلات. .. مر عيد الميلاد في ذلك العام، وتلته ثورات الربيع العربي، وبدأ مسلسل قمع المظاهرات السلمية وتتالت المجازر. وفي 23 /10 /2012، غادرنا دمشق.. بعد 42 عاما عدنا إلى عمّان (أو نزحنا إلى عمّان؟!). وتوالت الأيام والليالي، وحياتنا ممزّقة بين محاولة الاستقرار والشعور بالأمان والقلق وعدم الأمان على أهلنا وناسنا في سورية، والمنتشرين في بقاع الأرض، نتواصل عبر "فيسبوك" و"سكايب" وغيرهما.
كتبت الخاطرة عام 2015 ، وقد تصادف بعد 475 سنة أن عيد الميلاد اجتمع مع عيد المولد النبوي الشريف. وتتالت الأحداث على منطقتنا، تعصف بها بجنون. وجدتها فرصةً لأكتب ما تردّدت زمنا في الإفصاح عنه، فأخرجته من صفحات دفتر ملاحظاتي:
"خلافات حول نسب شجرة الميلاد".. ما زالت الخلافات مستمرة بين الدولتين، لاتفيا وأستونيا في جزر البلطيق، حول حقيقة نسب شجرة الميلاد؛ حيث يؤكد كل من البلدين أنها أول من احتضن شجرة الميلاد قبل خمسة قرون. ويفيد باحثون يدعمون موقف لاتفيا بأن شجرة الميلاد لم تكن، في الواقع، مثل شجرة الصنوبر التقليدية المعروفة اليوم، ففي عام 1510 بنى تجارٌ هرما خشبيا أطلقوا عليه اسم شجرة، وزيّنوه "بأزهار جافة وفاكهة وخضار وألعاب مصنوعة من القش".. ويقول الأستونيون إن أول شجرة عيد ميلاد في العالم نصبت أمام بلدية تالين في عام 1441. وبين هاتين الروايتين، تستمر الخلافات، في حين يستمر إحياء تقليد شجرة الميلاد كل عام بذات الألفة والبهجة، وهذه هي الغاية المرجوّة لأية رواية.. ويستمر الجدال، وقد تظهر رواياتٌ أخرى.
تردّدت كثيرا قبل البدء بالكتابة عن شجرة الميلاد في هذه الأيام، فمع ظهور الإسلام السياسي الحديث، والذي يلغي كل التاريخ والجغرافيا، حتى التاريخ الإسلامي (داعش وأخواتها)، خشيت أن يكون ما سأكتبه ساحةً يتبارى فيها الطرفان، وتنتفي الفكرة التي أريد طرحها: هذه المنطقة ولادةٌ، وحاضنةٌ لحضاراتٍ وثقافاتٍ إنسانيةٍ متعدّدةٍ ومتلاحقة. كلَ أثَر وتلاقَح مع الآخر (السابق واللاحق)، من دون أن يلغي أحدٌ أحدا؛ فتداخلت المعتقدات من دون حساسيةٍ أو خوف، وكانت تعبيرا عن المحبة والتآخي والتاريخ المشترك. ومن هذه الثقافة التي أنتجتني، عدتُ إلى رواية الميلاد في القرآن الكريم (سورة مريم، الآيات 22-25) "فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا (23) فناداها من تحتها ألَّا تحزني قد جعل ربّك تحتك سَرِيًّا (24) وهُزِّي إليك بجذع النّخلة تُساقِط عليك رُطبًا جنيًّا (25)". أما الرواية في الإنجيل (لوقا 2: 1-7) "وبينما هما في بيت لحم جاء وقتها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في مذود". وفي (لوقا 2: 8-20) "قال الرعاة بعضهم لبعض: تعالوا نذهب إلى بيت لحم لنرى هذا الحدث الذي أخبرنا به الرب، وجاءوا مسرعين؛ فوجدوا مريم ويوسف والطفل مُضجَعا في المذود".
يلفت النظر أنه لا يوجد ذكرٌ للشجرة في الإنجيل، بينما هي موجودة في القرآن. وكما أوردت المقالة المذكورة أعلاه، فإن تجارا بنو هرما سموه "شجرة"، وزيّنوها بأزهار وفاكهة وخضار وألعاب مصنوعة من القش. وهذا يدل على أن التاجر الذي بناها مشرقي مصري، بعد ظهور الإسلام. ومعروفٌ أن إحدى طرق انتشار الإسلام خارج منطقتنا كانت التجارة (بدعة الاحتفال بأعياد الميلاد غير معروفة في ثقافتنا). وبما أن الشعوب تدخل طقوسها وعاداتها على دينها، اختلطت الشجرةُ المذكورةُ في القرآن مع العادات والطقوس الغربية للاحتفال بالأعياد، وتقبلنا الفكرة، وأعدنا إنتاجها جزءا من تراثنا المسيحي المشرقي، وتقبلها المحيط الإسلامي رمزا دينيا احتفاليا مسيحيا سنين طويلة.
ومع ظهور إسلامٍ غريبٍ لا يحترم الآخر ومعتقداته، والذي قام معتنقوه بتفجير تمثالي بوذا؛ وهم الذين يروّجون العداء لكل من لا يوافقهم، ويكفرون الجميع، التفت هؤلاء إلى الشجرة الرمز، ليكيلوا لها التهم، من قبيل أنها وسيلةٌ غربيةٌ لإبهار أطفالنا (أطفال المسلمين) وسرقة عقولهم. إسلامهم هذا أصبح الوسيلة الأمضى لقتل المسلمين أولا، وتدمير منطقتنا بكل تاريخها وثقافتها، بل وتشريد أهلها بكل تنوّعاتهم الإثنية والمذهبية في كل بقاع الأرض.
لنحاول قراءة الشجرة الرمز بإحساسٍ جمعيٍّ بأننا أبناء هذه المنطقة، بأدياننا ومذاهبنا وأطيافنا كافة، ننصهر في حضارةٍ مظهرُها تاريخ وثقافة مشتركة. لنتخذها شعارا نحارب فيها الإسلاموفوبيا، ويدا نمدّها إلى كل أصقاع الأرض، لأن الشجرة أصبحت رمزا عالميا ومناسبةً للفرح لاستقبال العام الجديد. أما عن غصن الزيتون الذي رفعه الفلسطيني شعارا للسلام والهوية، فليكن شعارنا للعام الجديد غصن زيتون مزيّن بزينة الميلاد.
كان لكل منا أعياده (لم تكن الأعياد المسيحية قد توحدت بعد) وعاداته. لم نكن نشعر بأي فرقٍ في الحياة العامة المجتمعية، بل كنا نشعر بأننا كتلةٌ مجتمعيةٌ واحدةٌ، في إطار ثقافةٍ ولغةٍ واحدة. نسمع الأغاني نفسها، ونشاهد الأفلام نفسها، نحفظ الأشعار نفسها، وتفاصيل مشتركة كثيرة. كانت فيروز، قبل نكسة 1967، تحيي شعائر الجمعة الحزينة لعيد الفصح في كنيسة القيامة في القدس المحتلة؛ وكان الحضور كبيرا من كل المذاهب والطوائف. عشت الأجواء الشبيهة في مأدبا (في الأردن بعد نكسة 1967)، حيث كنا نحيي شعائر الجمعة الحزينة في كنيسة مأدبا للروم الأرثوذكس، وكانت التراتيل الدينية، الخاصة بالمناسبة، تنطلق من مكبرات الصوت إلى الجموع المحتشدة في باحة الكنيسة، وفي الطرقات المحيطة، وكانوا من كل الطوائف والمذاهب.
كتب نقولا زيادة في كتابه "المسيحية والعرب" "نحن، المسيحيون العرب، نؤمن بأننا من أبناء هذه المنطقة، كما أننا مكوّن من مكونات نسيجها الاجتماعي. ولنسمح لأنفسنا بأن نذكّر أنفسنا بأن هذه الشعوب كانت لها مشاركة كبيرة في خلق معتقداتٍ وتنظيم طقوسٍ وترتيب عباداتٍ للجماعات التي قامت فيها وبينها، فكان عندنا أسطورة الخليقة، ورواية سفر التكوين في العهد القديم؛ وكانت أسطورة غلغامش الآتية من الشرق؛ وكانت أناشيد الأسفار الروحية؛ وكانت الآلهة، إلى أن عُبد الله الذي لا إله إلاَ هو. وما زالت الأمثال الحياتية حية، وتستعمل حتى أيامنا الحالية، والتي تعبر عن نسيج اجتماعي مشترك ومتداخل "بضل البرد قائم طول ما النصراني صايم (صيام العيد الكبير، في الربيع). وعند قطف الرّمان، يقال "لسّه ما صلبت"، أي يقطف الرمان بعد عيد الصليب في 14 سبتمبر/ أيلول. وقد صرح البابا شنودة (بابا الكنيسة القبطية في مصر): لن أغير روزنامة الكنيسة القبطية لارتباطها بالفلاحة المصرية".
وتتالت الأيام والسنون، وكانت الاحتفالات بعيد الميلاد تأخذ طابعا احتفاليا في كل الأرض، ويشترك كل المسيحيين، بكل طوائفهم، بالرموز نفسها: بابا نويل، الشجرة، المغارة، ... .
كنا نعرف القصص عن ظهور بابا نويل. ولكن لم تتأكّد أي رواية عن الشجرة، ولماذا هي الرمز الأهم للتعبير عن عيد الميلاد التي تراها في كل منزل مسيحي، وقد يشارك أشخاصٌ من مذاهب أخرى في ترميز لفرح الأطفال. ولكن ليس مؤكّدا أن تجد المغارة. كنت دائما أتساءل، وبشكل ملحٍّ أحيانا: لماذا الشجرة رمز لعيد الميلاد، ولم تُذكر في الإنجيل، ولم تكن يوما رمزاً كنسياً كالسمكة والسنبلة والكرمة؟
صادف أن قرأت مقالا في 16 /11 /2010 في صحيفة الثورة السورية، دوّنته في دفتر ملاحظاتي، فقد شعرت أنه قد يجيب على بعض التساؤلات. .. مر عيد الميلاد في ذلك العام، وتلته ثورات الربيع العربي، وبدأ مسلسل قمع المظاهرات السلمية وتتالت المجازر. وفي 23 /10 /2012، غادرنا دمشق.. بعد 42 عاما عدنا إلى عمّان (أو نزحنا إلى عمّان؟!). وتوالت الأيام والليالي، وحياتنا ممزّقة بين محاولة الاستقرار والشعور بالأمان والقلق وعدم الأمان على أهلنا وناسنا في سورية، والمنتشرين في بقاع الأرض، نتواصل عبر "فيسبوك" و"سكايب" وغيرهما.
كتبت الخاطرة عام 2015 ، وقد تصادف بعد 475 سنة أن عيد الميلاد اجتمع مع عيد المولد النبوي الشريف. وتتالت الأحداث على منطقتنا، تعصف بها بجنون. وجدتها فرصةً لأكتب ما تردّدت زمنا في الإفصاح عنه، فأخرجته من صفحات دفتر ملاحظاتي:
"خلافات حول نسب شجرة الميلاد".. ما زالت الخلافات مستمرة بين الدولتين، لاتفيا وأستونيا في جزر البلطيق، حول حقيقة نسب شجرة الميلاد؛ حيث يؤكد كل من البلدين أنها أول من احتضن شجرة الميلاد قبل خمسة قرون. ويفيد باحثون يدعمون موقف لاتفيا بأن شجرة الميلاد لم تكن، في الواقع، مثل شجرة الصنوبر التقليدية المعروفة اليوم، ففي عام 1510 بنى تجارٌ هرما خشبيا أطلقوا عليه اسم شجرة، وزيّنوه "بأزهار جافة وفاكهة وخضار وألعاب مصنوعة من القش".. ويقول الأستونيون إن أول شجرة عيد ميلاد في العالم نصبت أمام بلدية تالين في عام 1441. وبين هاتين الروايتين، تستمر الخلافات، في حين يستمر إحياء تقليد شجرة الميلاد كل عام بذات الألفة والبهجة، وهذه هي الغاية المرجوّة لأية رواية.. ويستمر الجدال، وقد تظهر رواياتٌ أخرى.
تردّدت كثيرا قبل البدء بالكتابة عن شجرة الميلاد في هذه الأيام، فمع ظهور الإسلام السياسي الحديث، والذي يلغي كل التاريخ والجغرافيا، حتى التاريخ الإسلامي (داعش وأخواتها)، خشيت أن يكون ما سأكتبه ساحةً يتبارى فيها الطرفان، وتنتفي الفكرة التي أريد طرحها: هذه المنطقة ولادةٌ، وحاضنةٌ لحضاراتٍ وثقافاتٍ إنسانيةٍ متعدّدةٍ ومتلاحقة. كلَ أثَر وتلاقَح مع الآخر (السابق واللاحق)، من دون أن يلغي أحدٌ أحدا؛ فتداخلت المعتقدات من دون حساسيةٍ أو خوف، وكانت تعبيرا عن المحبة والتآخي والتاريخ المشترك. ومن هذه الثقافة التي أنتجتني، عدتُ إلى رواية الميلاد في القرآن الكريم (سورة مريم، الآيات 22-25) "فأجاءها المخاض إلى جذع النّخلة قالت يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسيا منسيا (23) فناداها من تحتها ألَّا تحزني قد جعل ربّك تحتك سَرِيًّا (24) وهُزِّي إليك بجذع النّخلة تُساقِط عليك رُطبًا جنيًّا (25)". أما الرواية في الإنجيل (لوقا 2: 1-7) "وبينما هما في بيت لحم جاء وقتها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في مذود". وفي (لوقا 2: 8-20) "قال الرعاة بعضهم لبعض: تعالوا نذهب إلى بيت لحم لنرى هذا الحدث الذي أخبرنا به الرب، وجاءوا مسرعين؛ فوجدوا مريم ويوسف والطفل مُضجَعا في المذود".
يلفت النظر أنه لا يوجد ذكرٌ للشجرة في الإنجيل، بينما هي موجودة في القرآن. وكما أوردت المقالة المذكورة أعلاه، فإن تجارا بنو هرما سموه "شجرة"، وزيّنوها بأزهار وفاكهة وخضار وألعاب مصنوعة من القش. وهذا يدل على أن التاجر الذي بناها مشرقي مصري، بعد ظهور الإسلام. ومعروفٌ أن إحدى طرق انتشار الإسلام خارج منطقتنا كانت التجارة (بدعة الاحتفال بأعياد الميلاد غير معروفة في ثقافتنا). وبما أن الشعوب تدخل طقوسها وعاداتها على دينها، اختلطت الشجرةُ المذكورةُ في القرآن مع العادات والطقوس الغربية للاحتفال بالأعياد، وتقبلنا الفكرة، وأعدنا إنتاجها جزءا من تراثنا المسيحي المشرقي، وتقبلها المحيط الإسلامي رمزا دينيا احتفاليا مسيحيا سنين طويلة.
ومع ظهور إسلامٍ غريبٍ لا يحترم الآخر ومعتقداته، والذي قام معتنقوه بتفجير تمثالي بوذا؛ وهم الذين يروّجون العداء لكل من لا يوافقهم، ويكفرون الجميع، التفت هؤلاء إلى الشجرة الرمز، ليكيلوا لها التهم، من قبيل أنها وسيلةٌ غربيةٌ لإبهار أطفالنا (أطفال المسلمين) وسرقة عقولهم. إسلامهم هذا أصبح الوسيلة الأمضى لقتل المسلمين أولا، وتدمير منطقتنا بكل تاريخها وثقافتها، بل وتشريد أهلها بكل تنوّعاتهم الإثنية والمذهبية في كل بقاع الأرض.
لنحاول قراءة الشجرة الرمز بإحساسٍ جمعيٍّ بأننا أبناء هذه المنطقة، بأدياننا ومذاهبنا وأطيافنا كافة، ننصهر في حضارةٍ مظهرُها تاريخ وثقافة مشتركة. لنتخذها شعارا نحارب فيها الإسلاموفوبيا، ويدا نمدّها إلى كل أصقاع الأرض، لأن الشجرة أصبحت رمزا عالميا ومناسبةً للفرح لاستقبال العام الجديد. أما عن غصن الزيتون الذي رفعه الفلسطيني شعارا للسلام والهوية، فليكن شعارنا للعام الجديد غصن زيتون مزيّن بزينة الميلاد.