في مفهوم الديمقراطية

08 ابريل 2015
+ الخط -
تتعارض الديمقراطية، بطبيعتها، فكراً ونهجاً، وبشكل صارخ، مع ظاهرة عبادة الفرد في العمل السياسي، إلا أن التجارب البشرية عرفت هذه الظاهرة في سنوات طويلة من حكم الشعوب، قديماً وحديثاً، ظاهرة عملية كيل وإغداق المديح والتبجيل، من باب النفاق والرياء، لفرد ما على نحو مبالغ فيه، ووصفه بصفات تعلو فوق قدرة الإنسان الفرد، والاقتراب به من مرتبة التقديس والتأليه المزيف، ووصفه بمميزات خارقة، ونعته بصفات لا تليق بقدراته، ولا تنسجم مع سلوكه الحقيقي. هذا السلوك من المحيطين والمقربين من القائد فلان والزعيم علّان يؤدي، بالنتيجة، إلى نشوء ظاهرة تقديس الفرد وعبادته في العمل السياسي، وتشكل نقطة البداية لظهور ديكتاتورية الفرد القائد وسيادتها، ويصبح الفرد يمنح الحياة والحرية. الحرية شيء جميل جداً، والحصول عليها صعب جداً، وغالباً ما تكون الحرية محفوفة بالمخاطر، لأننا، منذ فجر التاريخ، نبحث عنها. وحينما يعلو سوط الظلم والقهر فوق الرؤوس، وتنسحب المعانى الراقية من الحياة، كالحرية والديمقراطية وحرية الرأي والإبداع، وغيرها من المعاني الراقية، ويجد الإنسان نفسه مكبلاً بالغلال والقيود، ومحارباً حتى في فكره وقوت يومه، يفيض به الكيل، ويتمنى الخلاص لما هو فيه، ويتحول الكبت والأسى إلى انفجار داخلي كبركان، ويعلو صوت الغضب. ومن هنا، تنتج الثورات، والثورة لا تكون ساعتها بلا هدف، وإنما تكون من أجل أهداف عدة، مثل محاربة الفقر والفساد والطمع، ومحاربة فئة غنية، تسلقت على أكتاف الشعوب المعدمة الفقيرة.
والحقيقة أن الثورات، التي وقعت عبر التاريخ، ما هي إلا نتاج حالات عدة من الغليان، وكلها تتلخص في محاربة الاستبداد، بأشكاله وأنواعه المتكررة عبر التاريخ، وهذا ما جعل المصلحين والمفكرين، بل والشعراء في العالم، وعلى مدار التاريخ، ينددون بالاستبداد والطغيان.
الديمقراطية بطبيعتها تتعارض فكراً ونهجاً، وبشكل صارخ مع ظاهرة عبادة الفرد، في العمل السياسي، إلا أن التجارب البشرية عرفت هذه الظاهرة، في سنوات طويلة من حكم الشعوب، قديماً وحديثاً.
FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
نائل أبو مروان (فلسطين)
نائل أبو مروان (فلسطين)