في العام 1974، أقرّ المجلس الوطني الفلسطيني، باعتباره السلطة العليا لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوم السابع عشر من أبريل/نيسان من كل عام، يوماً وطنياً للأسير الفلسطيني، وفاءً لتضحياتهم، ووقوفاً إلى جانب ذويهم، ونصرةً لهم في مواجهة ما يتعرضون له من مختلف أنواع العذاب في المعتقلات والسجون الإسرائيلية.
ولا يزال الاحتفال بيوم الأسير يجري سنوياً بأشكال متعددة، عبر مسيرات وطنية مشتركة، وفعاليات مختلفة، لا تقتصر على اليوم نفسه، بل تمتد لأيام أخرى. ولم يكن اختيار السابع عشر من أبريل/نيسان، لهذا اليوم الوطني، مرتبطاً بأي حدث تاريخي ذي صلة بالحركة، وفق ما يذكر مدير دائرة الإحصاء في هيئة الأسرى والمحررين الرسمية، عبد الناصر فروانة.
ويقول فروانة لـ"العربي الجديد"، إنّ 6500 أسير فلسطيني لا يزالون يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي وعددها 22 سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف، منهم 480 أسيراً صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد، فيما تقبع خلف القضبان 25 أسيرة، بينهن قاصرتان، ومائتا طفل قاصر دون سن الثامنة عشرة، و480 معتقلاً إدارياً، و14 نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني، ووزير سابق.
ويعاني 1500 أسير فلسطيني من أمراض مختلفة، بينهم 85 في حالة صحية حرجة جداً، فيما يقبع 30 أسيراً في السجون، وهم معتقلون منذ ما قبل توقيع منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي اتفاقية أوسلو في العام 1993، وفق فروانة.
ويلفت فروانة، وهو مؤسس موقع "فلسطين خلف القضبان"، إلى أنّ 206 أسرى استشهدوا في سجون الاحتلال منذ العام 1967، منهم 71 استشهدوا نتيجة التعذيب المباشرة، و54 نتيجة الإهمال الطبي، و7 نتيجة إطلاق النار عليهم بشكل مباشر داخل السجون، و74 نتيجة القتل العمد والتصفية بعد الاعتقال مباشرة.
إضافة إلى ذلك، استشهد العشرات من الأسرى بعد خروجهم بفترات قصيرة، نتيجة أمراض ورثوها في السجون.
ويشير فروانة، إلى أنّ 16 أسيراً فلسطينياً من القدامى، مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، فيما أعادت سلطات الاحتلال اعتقال 85 أسيراً من محرري صفقة "وفاء الأحرار"، لافتاً في سياق آخر، إلى تصاعد اعتقال واستهداف الأطفال الفلسطينيين خلال السنوات الأربع الماضية، إذ سُجل اعتقال ما يقارب 3800 طفل في هذه الفترة.
اقرأ أيضاً: فلسطين: دعوات لتحويل ملف الأسرى إلى الجنائية الدولية
وتذكر هيئة شؤون الأسرى، التابعة لمنظمة التحرير، أنّه منذ بدء انتفاضة الأقصى في 28 سبتمبر/أيلول 2000، ولغاية الآن، سُجلت أكثر من 85 ألف حالة اعتقال، بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، ونحو 1200 امرأة فلسطينية، وأكثر من 65 نائباً ووزيراً سابقاً، وأصدرت سلطات الاحتلال قرابة 24 ألف قرار اعتقال إداري، ما بين اعتقال جديد وتجديد اعتقال سابق.
ويعيش الأسرى الفلسطينيون أوضاعاً معيشية وحياتية غاية في القسوة والصعوبة، في ظل قائمة طويلة من الانتهاكات التي يتعرضون لها، بدءاً من الاعتقال والتعذيب وسوء الأوضاع الصحية، إضافة إلى الإهمال الطبي، والعزل الانفرادي، والحرمان من زيارات الأهالي، والابتزاز، وسوء الطعام، والغرامات الباهظة التي تُفرض على الأسرى، وفق الهيئة.
في السياق، يقول مدير مركز الأسرى للدارسات، الأسير المحرر رأفت حمدونة، إنّ التعامل الإسرائيلي مع قضية الأسرى يسير إلى التطرف والرغبة في الانتقام، مشيراً في ذلك إلى تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، والذي يُحضّر لمقترح قانون سيُعرض على الكنيست الجديد لإعدام الأسرى.
ويضيف حمدونة في حديث لـ"العربي الجديد": "عضو الكنسيت الإسرائيلي داني دانون طالب أخيراً بتطبيق قانون شاليط على الأسرى الفلسطينيين في السجون والتضييق عليهم بكل السبل وشتى الوسائل داخل الزنازين، وهذا يدل على مدى التطرف الذي وصل إليه التعامل مع الأسرى".
ويشير حمدونة، إلى أنّ ما يجري حالياً في الأوساط الإسرائيلية الرسمية هو حالة تحريض رسمية على الانتقام من الأسرى داخل السجون، مؤكداً أنّ مصلحة السجون الإسرائيلية تتلقف ما تبثّه القيادة السياسية من تحريض بحق الأسرى، وتقوم هي بمعاقبة الأسرى بناءً على هذا التحريض. ويلفت إلى أنّ مصلحة السجون الإسرائيلية عززت بشكل كبير أخيراً التفتيش العاري والعزل الانفرادي بحق الأسرى الفلسطينيين، مشيراً إلى أنّ الأسرى في السجون الإسرائيلية يعانون من سوء التغذية والطعام المقدّم لهم، عدا إخضاعهم لتجارب طبية من قبل الأطباء في السجون.
ويوضح مدير مركز الأسرى للدراسات أنّ مئتي طفل فلسطيني معتقلين داخل السجون الإسرائيلية، يعانون من الإجراءات الإسرائيلية المتخذة ضد الأسرى، عدا الأوضاع الصعبة التي تعيشها الأسيرات الفلسطينيات بالإضافة إلى أكثر من 1500 أسير مصابين بأمراض مزمنة.
من جهته، يؤكدّ رئيس رابطة الأسرى المحررين في غزة توفيق أبو نعيم، لـ"العربي الجديد"، أنّ مصلحة السجون الإسرائيلية مارست وتمارس عبر سنوات طويلة، كل أساليب التعذيب والتنكيل بحق الأسرى بمختلف الأشكال والأدوات، مشيراً إلى أنّ تفاصيل الحياة اليومية للأسرى، فيها ما لا يمكن وصفه من المعاناة والصعاب.
ويلفت أبو نعيم، وهو أسير محرر، إلى ما يتعرض له الأسير الفلسطيني داخل الزنازين الإسرائيلية، والمتمثل في التفتيش المفاجئ والحرمان من الزيارات ومصادرة الأغذية والممتلكات الخاصة بالأسرى، إلى جانب ما عمدت إليه سلطات السجون في السنوات الأخيرة من منع بث القنوات الإخبارية التي تنقل الفعاليات التي تتضامن مع الأسرى، واقتصار البث حالياً على قنوات عبرية.
ويشير إلى أنّ يوم الأسير الفلسطيني يقاس بالنسبة للأسرى داخل السجون بحجم المشاركة الشعبية والاهتمام الرسمي والفصائلي بقضيتهم، فيحرص الأسرى على متابعة هذا اليوم عبر ما توفر من أجهزة تلفاز وراديو لقياس حجم الالتفاف حول قضيتهم.
ويوضح أبو نعيم أنّ الحركة الوطنية الأسيرة تتعرض لهجمة إسرائيلية بشعة على يد إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، التي تهدف لتصفيتهم بضوء أخضر من رأس الهرم السياسي والحكومة الإسرائيلية، مندداً بحالة الصمت العربي والتقصير الدولي إزاء ما يتعرض له الأسرى في السجون من جرائم يومية.
وفي السياق نفسه، يقول المتحدث باسم جمعية "واعد" للأسرى والمحررين عبد الله قنديل، لـ"العربي الجديد"، إنّ أكثر من 480 أسيراً فلسطينياً رهن الاعتقال الإداري داخل السجون الإسرائيلية، منذ أعوام، ومن دون أي تهمة حقيقية أو محاكمة.
ويؤكد قنديل أنّ سياسة الاعتقال الإداري، والتي يعتمدها الاحتلال بشكل كبير في الضفة الغربية، تهدف إلى ليّ ذراع الأسرى الفلسطينيين، على الرغم من تعارض هذا النوع من الاعتقال مع اتفاقيات جنيف الحقوقية، مشيراً إلى أنه في كثير من المرات قام الاحتلال بالإفراج عن العديد من الأسرى لأيام أو ساعات معدودة بعد انتهاء فترة الاعتقال الإداري الخاصة بهم، ثم أعاد اعتقالهم مجدداً في أسلوب فج، وفي ظل غياب الرقابة الدولية على السجون الإسرائيلية.
ويشير قنديل، إلى أنّ معدل الاعتقال الإداري سجّل ارتفاعاً ملحوظاً بين الأعوام 2013 إلى 2015، إذ بلغ عدد الأسرى الإداريين في السجون الإسرائيلية عام 2013، 200 أسير وأسيرة فقط، قبل أنّ يرتفع بشكل كبير عامي 2014 و2015.
ويدعو المتحدث باسم جمعية "واعد" إلى ضرورة أنّ تكون هناك وقفات حقيقية من قبل المؤسسات الدولية ممثلة بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد السياسة الإسرائيلية التي تُمارس بحق الأسرى، مطالباً جامعة الدول العربية بالعمل من أجل رفع مستوى الاهتمام بقضايا الأسرى في السجون الإسرائيلية ومعاناتهم التي تفوق كل وصف وخيال.
اقرأ أيضاً: بعد اعتقال جرار... 16 نائباً فلسطينياً بسجون إسرائيل