وقال قايد صالح، في خطاب ألقاه اليوم الأربعاء، أمام القيادات العسكرية خلال زيارته إلى الأكاديمية العسكرية لشرشال قرب العاصمة الجزائرية، إنه "لا طموحات سياسية لقيادة أركان الجيش"، مضيفاً "طموحنا هو خدمة البلاد والمرافقة الصادقة لهذا الشعب الأصيل، للوصول ببلادنا وإياه إلى تجاوز أزمتنا".
وثبت قائد الجيش موقفه بشأن آليات حل الأزمة السياسية، ضمن السياق الدستوري ورفض أية مخرجات بعيدة عن هذا الإطار، مشددا على ضرورة "بلوغ أعتاب الشرعية الدستورية، للتمكن بعدها من الانطلاق على أرضية صلبة منطلقاً سليماً وصحيحاً".
وعلق الناشط في الحراك الشعبي، سفيان حجاجي، على خطاب قائد الجيش اليوم بالقول إنه لم يحمل أي تطور في المواقف، مشيراً، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "توالي خطابات قائد الجيش بشكل أسبوعي وطرحه لمواقف سياسية لا تخص صلاحياته حتى، لا يعطي الانطباع بأن الجيش لديه رغبة في السماح بإحداث تغيير سياسي وجدّي في البلاد".
وجاء خطاب قائد الجيش بمثابة الرد على قوى وشخصيات سياسية انتقدت مواقفه وتدخلاته الأخيرة في الشأن السياسي واتخاذه مواقف وقرارات تخص الشأن العام ولا صلة لها بصلاحياته العسكرية المحددة في الدستور، خاصة قراره الأخير الأربعاء الماضي منع رفع الرايات غير العلم الجزائري في مسيرات الحراك الشعبي والطلبة.
ووجهت أحزاب "جبهة القوى الاشتراكية" و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" وشخصيات مستقلة كسعيد سعدي، انتقادات إلى قايد صالح، واعتبرت أنه تجاوز صلاحياته ويحاول فرض قرارات وخيارات سياسية على الجزائريين والحراك الشعبي ويتمسك بمؤسسات مرفوضة شعبياً.
إلى ذلك، تعهّد القائد العسكري بـ"مواصلة مرافقة الشعب، بكل ما تحمله كلمة مرافقة من معنى، إلى غاية إرجاع الأمور إلى نصابها، والسمو بالجزائر إلى مكانتها المستحقة بين الأمم". ودعا الشعب الجزائري إلى تفهّم مواقف الجيش وتقديراته للوضع السياسي. وأضاف قائلاً "ننتظر من شعبنا أن ينظر إلى كل خطوة نخطوها، وإلى كل مسلك نسلكه، وإلى كل
عبارة ننطقها، وإلى كل وجهة نتجه إليها، وإلى كل نهج ننتهجه، تفهماً يرتقي إلى مستوى رصيد الثقة التي تجمع الشعب بجيشه".
وأوضح أن "هذا المسلك الوطني النبيل سيجد أمامه عراقيل كثيرة يتسبب فيها كل من لا يعرف للصدق طريقاً ومن لا يعرف للإخلاص نهجاً وسلوكاً".
رفض صارم لمقترح المعارضة
وجدد قايد صالح اعتراضه بشكل صارم على مقترح المعارضة المتعلق ببدء مرحلة انتقالية يديرها رئيس أو هيئة انتقالية. وقال إن "الجيش سيبقى يقظاً، بل وفي غاية اليقظة، ولن يحيد عن خط سيره الوطني، ولن يحيد عن مهامه الدستورية الوطنية التي يستوجبها الوضع الحالي في البلاد، إلى غاية انتخاب رئيس للجمهورية، في الآجال الدستورية البعيدة كل البعد عن أي شكل من أشكال المراحل الانتقالية".
وأبدى استعداد الجيش لتقديم كل التسهيلات الممكنة للوصول إلى حل، قائلاً "إننا في الجيش لدينا من الإرادة ما يكفي لتذليل كل الصعوبات، أقول كل الصعوبات، فلا صعوبات ولا عراقيل ولا عقبات أمام تحقيق مصلحة الوطن العليا".
وهاجم قائد الجيش مجدداً قوى معارضة لتوجهاته وصفها بـ"الأصوات الناعقة" التي تتوجه إليه بانتقادات ضمن ما اعتبره "الحملات الدنيئة والمتكررة التي ما فتئت تتعرض لها قيادة الجيش، مع كل خطوة صادقة ومدروسة تخطوها بكل وعي وإدراك وبعد نظر، وهي حملات عقيمة ونتائجها معدومة، لأن أهدافها أصبحت مفضوحة ونواياها مكشوفة، ولقد تفطن الشعب الجزائري لمراميها الخبيثة وأساليبها الخادعة وأفشلها في المهد".
وأضاف أن ""الأبواق الناعقة" نصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب واعتقدوا أنهم بإمكانهم الاستثمار في أزمة الجزائر والاستفادة، بل الارتزاق من جهدهم العميل"، مشيرا إلى أن "الجزائر تحدد توجهها النوفمبري بعيدا كل البعد عن أي شكل من أشكال العمالة، لا مكان اليوم لأي مرتزق ولأي عميل ومخادع ومراوغ، فلا ضبابية اليوم في أفق الجزائر، ولا جهود تعلو فوق الجهود الوطنية المخلصة".
وجدد قائد الجيش تعهداته بمساعدة العدالة على ملاحقة رموز الفساد، قائلا "كل الحرص على مساعدتها من أجل استرجاع هيبتها في ظل قوانين الدولة السارية المفعول، وحرص على أن يمدها بكل أشكال التأمين والتطمين، أصبحت من خلالها حرة ودون قيود وبعيدة عن كل الضغوطات والإملاءات، وهو ما سمح لها بممارسة مهامها وتطبيق القانون وإصدار الأحكام بالعدل والإنصاف دون أدنى تمييز"، على خلفية ملاحقة عدد من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال الذين تورطوا في نهب المال العام والحصول على امتيازات غير قانونية.
ونفى قايد صالح أن تكون الملاحقات القضائية الأخيرة ضد رؤساء الحكومات والوزراء السابقين ذات صلة بتصفية حسابات سياسية، كما تزعم بعض التقارير، وقال إن "العدالة الحرة والنزيهة هي واجهة دولة الحق والقانون التي ينشدها كل جزائري مخلص لوطنه، عدالة تعمل دون أي غلو إيديولوجي أو حسابات سياسوية، يتم في ظلها معاملة جميع المواطنين على قدم المساواة، وأن يكون القانون فوق الجميع دون استثناء، وهذه الطريقة الوحيدة ليس لإعادة إقرار مصداقية العدالة فحسب، بل للعمل على أن تحترم القوانين من قبل الجميع".