لا يترك الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مجالاً إلا ويستغله لتعزيز سلطاته، وآخر هذه المحاولات مشروع قانون مكافحة الإرهاب، والذي سيعطي للرئيس المصري صلاحيات كبيرة بداعي الحفاظ على الأمن والنظام العام بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها.
وستبدأ لجنة الإصلاح التشريعي المنبثقة عن الحكومة المصرية الأسبوع الحالي، درس مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، يحمل عنواناً مبدئياً هو "الأحكام والإجراءات الجنائية لمكافحة الجريمة الإرهابية"، يضم في ثنايا مواده المشروعين السابقين اللذين كانا على وشك الإصدار في نهاية عهد الرئيس السابق المؤقت عدلي منصور، لكنه أمر بتجميدهما وعرضهما على "حوار مجتمعي".
ولم يُعرض المشروعان في حقيقة الأمر على أي حوار مجتمعي، لكن تمت دراستهما في مجلس الدولة، وأعيدت صياغة بعض موادهما في قسم التشريع بوزارة العدل، واستشيرت وزارة الداخلية في بعض الأحكام المتعلقة بعمل الشرطة باعتبارها مأمور الضبط القضائي في ما يتعلق بجرائم الإرهاب والعنف.
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت منذ شهرين عن قرب عودة المشروع إلى الواجهة ومناقشة الحكومة المصرية له، وذلك بالتزامن مع اتجاه النظام الحالي للتشديد الأمني.
ويتضمن المشروع الموحّد بعد دمج المشروعين مواد تغلظ عقوبة ارتكاب جريمة إرهابية أو الانتماء لجماعة أو مجموعة إرهابية، علماً بأنه سيكون متكاملاً مع القانون الأخير الذي صدر مطلع العام الحالي بشأن الكيانات الإرهابية، والذي منح المحاكم سلطة اعتبار مجموعات وأشخاص بعينهم إرهابيين وإدراجهم في قوائم يديرها النائب العام.
وينظّم المشروع إجراءات استثنائية مماثلة لما ينظمه قانون الطوارئ بمواعيد مؤقتة مختلفة، فيجيز لرئيس الجمهورية أن يتخذ التدابير المناسبة للمحافظة على الأمن والنظام العام بما في ذلك إخلاء بعض المناطق أو عزلها أو حظر التجول فيها، إذا قام خطر جريمة إرهابية أو إذا قامت حرب أو كارثة طبيعية أو بيئية، وذلك بأن تُتخذ هذه الإجراءات بأوامر شفوية، يتبعها قرار مكتوب خلال ثمانية أيام، مع عرضه على مجلس النواب عند انعقاده خلال 15 يوماً، على أن يتم استدعاء مجلس النواب للانعقاد لنظر المسألة إذا لم يكن منعقداً، وإذا كان المجلس منحلاً يتم عرض الأمر على المجلس الجديد في أول اجتماع له، ويجيز المشروع لرئيس الجمهورية مد فترة التدابير الاستثنائية بعد موافقة أغلبية مجلس الشعب.
ويُعاقب المشروع بالإعدام أو السجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو منصباً قيادياً بها، ويعاقب بالسجن المؤبد كل من أنشأ جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة يكون الغرض منها الدعوة بأي وسيلة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحريات والحقوق الشخصية.
كذلك يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات كل من انضم إلى هذه الجمعيات أو الهيئات أو الجماعات أو العصابات، أو شارك فيها بأي صورة مع علمه بأغراضها، وكذلك كل من تلقى تدريبات عسكرية أو أمنية أو تقنية لخدمة أغراض الجماعة الإرهابية، وكل من روّج لها بالقول أو الكتابة.
ويعاقب أيضاً بالسجن المؤبد أو المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنوات كل من حاول بالقوة أو باستخدام أي وسيلة إرهابية تغيير دستور الدولة أو نظامها الجمهوري أو شكل الحكومة، فإذا وقعت الجريمة من عصابة مسلحة يعاقب بالإعدام من أنشأها أو تولى زعامة فيها.
اقرأ أيضاً: نظام السيسي يدفع باتجاه العنف
كذلك ينصّ مشروع القانون على السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات لكل من يقوم بالاستيلاء بالقوة على وسيلة نقل جوي أو بري أو مائي أو المنصات الثابتة في قاع البحر، وتكون العقوبة السجن المؤبد إذا كانت هذه الوسيلة مملوكة للقوات المسلحة أو الشرطة، وتكون العقوبة الإعدام إذا تسبب هذا الفعل بموت شخص.
ويُعاقب كذلك بالسجن المشدد مدة لا تقل عن عشر سنوات لاختطاف الأشخاص واحتجازهم بغية إجبار الدولة على شيء، وتكون العقوبة الإعدام إذا نجم عن الفعل موت شخص، وبالسجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنوات لكل من تعدى على أحد القائمين على تنفيذ أحكام هذا القانون أو قاومه بالقوة أو هدد باستعمالها.
كذلك، يُعاقب المشروع بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات كل من روّج بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لوسائل الإرهاب أو أهدافه، وبالسجن المؤبد كل من قام بتمويل جريمة إرهابية، وبالسجن مدة لا تزيد على عشر سنوات وبغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف جنيه كل من تسلّم أو قِبل مباشرة أو بالواسطة بأي طريقة أموالاً أو منافع من أي نوع سواء أكانت من شخص أم هيئة في الخارج أم الداخل في سبيل تحقيق الجريمة.
ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أنشأ موقعاً إلكترونياً بأغراض الترويج لأفكار الإرهاب والمعتقدات الداعية لها، أو بث ما يهدف إلى تضليل السلطات الأمنية، أو التأثير على سير العدالة، أو تبادل الرسائل بين الجماعات والمنظمات، ويعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من مارس القرصنة الإلكترونية على موقع إلكتروني تابع لجهة أمنية أو قضائية.
وفي جميع الأحوال التي تحكم فيها المحاكم بالإدانة يكون من سلطتها إصدار عقوبة تبعية بمصادرة الأموال أو متحصلات الجريمة، وتقضي أيضاً بمصادرة ممتلكات تعادل قيمة هذه الأموال، ويجوز بقرار من الوزير المختص الذي تتبعه الجهة التي قامت بالضبط تخصيص الأشياء المحكوم قضائياً بمصادرتها لهذه الجهة إذا رأى أنها لازمة لمباشرة نشاطها في مكافحة جرائم الإرهاب.
وستكون للمحاكم أيضاً سلطة تطبيق عقوبات إضافية مثل إبعاد الأجنبي عن البلاد نهائياً وحظر الإقامة في مكان معيّن أو تحديد الإقامة أو حظر التردد على أماكن معينة أو الإلزام بالتواجد في أماكن معينة بأوقات محددة، وحظر العمل في أماكن معينة وأنشطة محددة، وحظر استخدام وسائل اتصال معينة أو المنع من حيازتها والإلزام بالاشتراك في دورات إعادة التأهيل، وذلك لفترة مؤقتة.
وفي إطار التحقيق والإجراءات الجنائية الخاصة بمكافحة الإرهاب، يسمح المشروع للشرطة بالقبض على المتهمين بارتكاب الجريمة واحتجازهم لمدة يوم ثم إحالتهم إلى النيابة، وفي حالة رغبة الشرطة في مد فترة الاحتجاز لأسباب أمنية فعليها أن تحصل على إذن بذلك من رئيس النيابة المختصة جغرافياً بالواقعة، أو النيابة العليا، ثم يحال المتهمون إلى النيابة العامة أو قاضي التحقيق المنتدب أو النيابة العسكرية حال اختصاصها، ليتم استجواب المتهم خلال يومين من حضوره.
وللشرطة أيضاً أن تحصل على إذن مسبق من النيابة بتفتيش مسكن المتهم وضبط الأشياء والمتعلقات الخاصة بالجريمة، ومراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية، وتسجيل وتصوير ما يجري في الأماكن الخاصة أو عبر الشبكات أو المواقع الإلكترونية، وضبط المكاتبات والرسائل العادية والإلكترونية والمطبوعات والطرود والبرقيات بأنواعها.
ويقترح المشروع تخصيص دائرة في كل محكمة جنايات للفصل في جرائم الإرهاب والجنايات المرتبطة بها، ودوائر مختصة في المحاكم الجزئية للنظر في الجنح المرتبطة بهذه الجرائم، على أن تفصل هذه الدوائر أيضاً في المسائل الخاصة بمد فترات الحبس الاحتياطي.
اقرأ أيضاً: السيسي يشهر ورقة "الإرهاب" قبل زيارة ألمانيا