وبحسب الصحيفة، فإن قبرص كانت تمنح الجنسية القبرصية على أساس تقديري وغير رسمي، إلا أنها بدأت عام 2013 بتنفيذ برنامج "الجنسية بالاستثمار"، والذي يشترط وضع حوالى مليونَي يورو في العقارات أو الشركات أو السندات الحكومية، دون متطلبات تتعلق باللغة أو الإقامة، باستثناء زيارة واحدة كل سبع سنوات. وأضافت الصحيفة أن الحكومة القبرصية منحت 400 جواز سفر خلال العام الماضي فقط، وأنها جمعت ما يزيد عن 4 مليارات يورو منذ أربع سنوات من خلال منح جنسيتها، ومعها الحق في العيش والعمل في جميع أنحاء أوروبا، للمستثمرين الأجانب فاحشي الثراء.
وبعد اطلاعها على أول قائمة مسرّبة بأسماء المستفيدين من برنامج "الجنسية بالاستثمار" القبرصي، علقت الصحيفة بأن هذه التجارة غير المعروفة والمربحة للغاية تثير تساؤلات عدة حول جدية عمليات التفتيش الأمنية، التي تقوم بها السلطات القبرصية، فمعظم الأسماء "أشخاص مكشوفون سياسياً" وبحاجة إلى رقابة صارمة على مصادر ثرواتهم.
ويراقب السياسيون الأوروبيون نمو هذا القطاع في عدة بلدان أوروبية بقلق، ويرى بعضهم أنه يقوض مفهوم المواطنة. وفي سياق متصل علقت عضو البرلمان البرتغالي، آنا غوميز، في مقابلة لها مع الصحيفة، أن برامج التأشيرات الذهبية "غير أخلاقية بالمطلق ومنحرفة". وأضافت أنها ليست ضد منح الجنسية لأي شخص له مساهمة في أي مجال، لكن ما يجري عملياً، حسب وصفها، هو بيع الجنسية وليس منحها لمن يستحقها. وأضافت السياسية البرتغالية أنها فشلت في الحصول على أسماء مشتري التأشيرة الذهبية في البرتغال، ما يثير المزيد من الشبهات حول سرية هذا البرنامج في بلدها أيضاً.
وفي بيان لها طالبت مجموعة "غلوبال ويتنس" لمكافحة الفساد بالمزيد من الحزم في عمليات التفتيش والتحقق الأمني، وفقاً للصحيفة، حيث اعتبر البيان أن الاستثمارات المغرية تتطلب ضمانات وعمليات تفتيش صارمة للغاية وليس انحداراً قيمياً إلى القاع، وإلا فإن الدول تقوم بمنح صكوك غفران لكبار الفاسدين والمجرمين.
ومن بين الأسماء الواردة في القائمة، التي اطلعت عليها "ذا غارديان"، جامع اللوحات والملياردير الروسي، ديمتري ريبولوفليف، الذي حصل على الجنسية القبرصية عام 2012 وتقدر ثروته، بحسب مجلة "فوربس"، بنحو 7.4 مليارات دولار. وأشارت الصحيفة إلى التقارير التي تناولت ريبولوفليف العام الماضي حين تقاطع مسار طائرته الخاصة مع مسار طائرة دونالد ترامب، خلال الحملة الرئاسية للأخير، حيث أشار بعضها إلى أن الأول اشترى قصر الثاني في شاطئ النخيل في فلوريدا مقابل 95 مليون دولار. غير أن الصحيفة نقلت عن المتحدث باسم ريبولوفليف قوله إن الملياردير الروسي لم يلتق ترامب قط، وأنه "من الطبيعي أن يحصل على الجنسية القبرصية عندما يستثمر في بنك قبرص".
ومن الأسماء الواردة أيضاً، ابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، والذي يخضع للعقوبات الأميركية منذ عام 2008 بسبب تهم متعلقة بالفساد، حيث وصفته برقية دبلوماسية أميركية مسرّبة بأنه "المثل الأعلى للفاسدين" في سورية. وكان مخلوف قد حصل على الجنسية القبرصية عام 2010، قبل أن يتم سحبها عام 2011 نتيجة عقوبات الاتحاد الأوروبي بعد اندلاع الحرب، وقد حاولت الصحيفة الاتصال بمخلوف للتعليق على هذه المعلومات دون أن تتلقى أي رد.
وفي ردها على الصحيفة علقت وزارة المالية القبرصية بالقول إن برنامج "الجنسية بالاستثمار" يستهدف المستثمرين الحقيقيين الحاصلين على إقامة دائمة فى قبرص. وأشارت إلى أن قبرص ليست الدولة الأوروبية الوحيدة التي تمنح جنسيتها لمواطنين روس يتمتعون بثروات طائلة. وأكدت الوزارة القبرصية خضوع المستفيدين من البرنامج لفحوص صارمة، وقيام البنوك القبرصية بفحوصات غسيل أموال، في حين لم يثبت وقوع أية مخالفات من طرفهم حتى الآن.
أما مخلوف فقد ذكرت الوزارة أنه لم يحصل على جنسيته من خلال هذا البرنامج، وأن قرار سحب جنسيته في وقت لاحق دليل على استعداد الحكومة القبرصية لاتخاذ إجراءات تصحيحية.