قراءات عوامل اكتساح فلاديمير بوتين للانتخابات الرئاسية: انعدام المنافسة بروسيا وضغوط خارجية
في الوقت الذي ركز فيه الخطاب الرسمي الروسي على النسبة العالية التي فاز بها الرئيس الحالي، فلاديمير بوتين، وقلة الخروقات نسبياً بانتخابات الرئاسة، ورسائلها إلى الغرب، تساءلت الصحافة الليبرالية الروسية عن جدوى الاستحقاق الرئاسي وهذه الأرقام العالية من أساسها في ظل انعدام المنافسة السياسية في البلاد، ومدى فاعلية استراتيجية المعارضة التي أعلنت "إضراب الناخبين".
وفي مقال بعنوان "انتخابات تسلطية عادية. لماذا لم ترتفع المشاركة إلى مستويات قياسية؟" اعتبر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأوروبية في سانت بطرسبورغ، غريغوري غولوسوف، أن الانتخابات التي لم تأت بأي مفاجآت "تضع روسيا في نفس الصف مع دول ذات أنظمة سياسية مشابهة، مع بقاء مجال للنمو"، مذكّرا بأن قادة الجمهوريات السوفييتية السابقة مثل كازاخستان وأوزبكستان وبيلاروسيا حصلوا في الانتخابات الأخيرة على 95.6 و88.6 و79.7 في المائة من أصوات الناخبين على التوالي، وسط نسب مشاركة قاربت 90 في المائة، بينما لم يحصل بوتين سوى على 76.7 في المائة من الأصوات مع نسبة المشاركة 67 في المائة.
وأرجع كاتب المقال الذي نُشر بصحيفة "ريبابليك" الإلكترونية اليوم الإثنين، هذا الإجماع إلى انعدام المنافسة، ليصبح الدافع الوحيد للمشاركة هو "إظهار الولاء" بالتصويت للمرشح الرئيسي، وإما المقاطعة.
ويوضح أن الهدف من الانتخابات التسلطية هو "استمرار الولاء على مدى الولاية الرئاسية كاملة وفتح مجال للترويج الدعائي لـ"دعم عموم الشعب" ما لم تأخذ الأحداث مجرى آخر، مثلما حدث في تونس بعد أقل من عام ونصف العام على الانتخابات"، في إشارة إلى الرئيس التونسي الهارب، زين العابدين بن علي، وسقوطه عام 2011.
ومع ذلك، قلل الباحث السياسي الروسي من إسهام "إضراب الناخبين" الذي دعا إليه المرشح المستبعد من السباق إلى الكرملين، المعارض أليكسي نافالني، في التنمية التنظيمية لحركته لعدم تأثيرها على نتيجة الانتخابات.
من جانب آخر، وعلى الرغم من عدم تحقيق نسبة المشاركة 70 في المائة التي كان يسعى إليها الكرملين، أشارت صحيفة "فيدوموستي" إلى أن النسبة القياسية من الأصوات لصالح بوتين، أتاحت له تحقيق مهمة الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المدرجين على قوائم الانتخابات، متجاوزا حاجز الـ56 مليون صوت.
وأرجع مدير "معهد البحوث الاجتماعية - الاقتصادية والسياسية"، ديميتري بادوفسكي، ارتفاع نسبة المشاركة مقارنة بانتخابات عام 2012، إلى محتوى الرسالة التي وجهها بوتين إلى البرلمان الروسي مطلع مارس/آذار الجاري، وكثرة جولاته الانتخابية في مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى الضغوط الدولية مثل استبعاد الرياضيين الروس من الأولمبياد وصولا إلى التصعيد مع بريطانيا بسبب تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال.
وقال بادوفسكي لـ"فيدوموستي": "ازدادت قوة اعتبار الانتخابات بمثابة استفتاء وضرورة الالتفاف حول الزعيم، مما ساهم في رفع نسبة المشاركة وتأييد المرشح".
وكانت جميع أقاليم روسيا قد شهدت أمس الأحد، انتخابات رئاسية لم تحقق أي مفاجآت ووصفت بأنها أشبه باستفتاء لعدم مشاركة أي منافسين حقيقيين لبوتين.