من المقرر خلال الساعات المقبلة أن تحسم المحكمة الاتحادية في العراق، أعلى سلطة بالبلاد، أزمة الطعن بنزاهة الانتخابات واتهامات التزوير والتلاعب بها، من خلال قبول أو رفض 13 دعوى قضائية مقدمة لها من قبل نواب ومرشحي انتخابات خاسرين، فضلاً عن بيان رأي واحد من رئيس الجمهورية، فؤاد معصوم.
وتنظر المحكمة بشكل رئيس، اليوم الخميس، وفقاً لبيان صدر عنها، أول من أمس، بقضية الطعن في تصويت البرلمان العراقي على تعديل قانون الانتخابات، المتضمن إلزام مفوضية الانتخابات بعملية العد والفرز يدوياً، والذي اتخذه البرلمان مطلع يونيو/حزيران الحالي، عقب إعلان المفوضية لنتائج الانتخابات، والتي أظهرت أخطاء كبيرة وتفاوتاً في بيانات المفوضية وتصاعد شكاوى التزوير وتسريب أفلام ووثائق تشير إلى عمليات تلاعب وتزوير وتحيز من قبل موظفي ومسؤولي المفوضية في بغداد والمحافظات العراقية، إضافة إلى تفاوت بأرقام الأصوات ونسبتها في أجهزة العد الإلكتروني والبيانات التي أعلنتها المفوضية لوسائل الإعلام والكتل السياسية.
ووفقاً لبيان المحكمة الاتحادية فإن موعد النظر في الطعون المقدمة بقانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات البرلمانية، والذي أقره البرلمان في جلساته الاستثنائية، ونص على إعادة العد والفرز لنتائج الانتخابات، سيكون في العاشرة من صباح اليوم الخميس. وبحسب المتحدث باسم المحكمة الاتحادية العليا، إياس الساموك، فإن "الدعوى مقدمة من قبل رئيس الجمهورية، ومن مجلس المفوضين بمفوضية الانتخابات، والحزب الديمقراطي الكردستاني، للطعن بقانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب".
وقالت مصادر قضائية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن "المحكمة ستجتمع بكامل أعضائها، وبرئاسة القاضي مدحت المحمود، لإعلان الحكم النهائي بالطعون". وبحسب قاضٍ بارز في بغداد بدرجة مستشار، تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "قرار المحكمة سيكون ملزماً للجميع وسينهي الأزمة الخاصة بنزاهة الانتخابات"، مستبعداً "أي قرار بإلغاء الانتخابات وإعادتها". وتابع أن "القرار الذي ستتخذه المحكمة سيراعي بشكل مؤكد الصالح العام ومخاوف المراقبين من تأثر الوضع الأمني بالبلاد بسبب أزمة الانتخابات". من جانبه، قال الخبير القانوني العراقي، طارق حرب، لـ"العربي الجديد"، إن "القرار المتوقع من المحكمة اليوم لن يكون إجمالياً"، مضيفاً "نعتقد أنه لن يكون رفضاً للقانون ككل وليا قبولاً به ككل، بمعنى أن أصحاب الطعون قد ينجحون في جزء من طعونهم ويخسرون في طعون أخرى، إذ ستتولى المحكمة قبول الطعن ببعض فقرات قانون تعديل قانون الانتخابات الذي صوت عليه البرلمان وترفض طعونا أخرى". وتابع "اليوم سيجتمع النقيضان، الرفض والقبول، بقرار المحكمة، التي ستقبل بعض الأحكام وترفض أخرى" في إشارة إلى فقرة إلغاء أصوات الخارج والنازحين وكذلك العد والفرز اليدوي كونها مخالفة للمادة الدستورية التي تنص على عدم جواز مصادرة أصوات العراقيين أو حرمانهم من الإدلاء بها في الانتخابات.
وبالتزامن مع ترقب صدور قرار المحكمة، أكدت مصادر سياسية عراقية في بغداد قرب وصول زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى بغداد مرة أخرى لحضور اجتماع إلى جانب قيادات سياسية شيعية، لبحث وثيقة شرف توقعها الكتل السياسية الراغبة بالانضمام إلى تحالف "سائرون"، برئاسة الصدر، و"الفتح" برئاسة هادي العامري، وتتضمن الموافقة على برنامج عمل حكومي شامل. ووفقاً للمصادر فإن زيارة الصدر المرتقبة ستشهد "الإعلان عن ملامح الكتلة الأكبر من بغداد". وقال قيادي في التيار الصدري العراقي، لـ"العربي الجديد"، إن "المؤشرات التي لدينا تؤكد أن قرار المحكمة الاتحادية لن يكون نسفاً لنتائج الانتخابات، كما أن الطعون لن تغير من حجم الكتل، لذا فإن المشاورات مستمرة، لكن مع ذلك فإن الجميع ينتظرون الأمر بشكل رسمي حتى يطمئنوا في تحركاته مع باقي الكتل السياسية الأخرى". من جانبه، قال النائب عن تحالف القوى العراقية، محمد المشهداني، إنّ "قرارات المحكمة الاتحادية ستتخذ بما ينسجم مع الإرادة السياسية في العراق"، مبيناً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحالفات والتفاهمات ستتم بشكل علني لمختلف القوى بعد جلسة النطق بالحكم اليوم الخميس".