قرن من الصراع العربي الصهيوني
في الذكرى الـ 38 ليوم الأرض، كيف نقرأ قرناً من الصراع العربي الصهيوني؟
منذ تأسست الحركة الصهيونية عام 1897، نجحت في تحقيق "ثلاثة" أهداف كبرى، وتكاد أن تنجح في تحقيق الرابع. ولقد استغرق تحقيق كل من الأهداف الثلاثة ما يقرب من ربع قرن، على الوجه التالي:
1) كان الهدف الأول الذي تحقق في 1922، بموجب صك الانتداب البريطاني، هو الفوز بدعم دولي لحقّ اليهود في إقامة وطن قومي لهم في فلسطين.
2) وكان الهدف الثاني تغيير التركيبة السكانية هناك، وهو ما تحقق بتهجير نصف مليون يهودي إلى فلسطين من 1922 إلى 1947، ليصبح جملة عددهم 650 ألفاً مقابل 1.3 مليون عربي.
3) وكان الهدف الثالث بناء دولة إسرائيل، وهو ما تحقق من 1947 حتى 1974، بدءاً بقرار التقسيم، ثم المذابح والنكبة والاعتراف الدولي والدعم الغربي والنكسة واغتصاب مزيد من الأراضي، وهجرة مزيد من اليهود.
أما الهدف الرابع 1973 ــ 2014، فهو انتزاع اعتراف أَصحاب الأرض الحقيقيين من الفلسطينيين والعرب بشرعية دولة إسرائيل، ولقد كادوا أن ينجحوا في تحقيقه: فلقد نجحوا بعد حرب 1973 في إخراج مصر من الصراع، وأخذوا منها اعترافاً كاملاً بدولة إسرائيل، بموجب اتفاقية السلام المشهورة باسم كامب ديفيد. ثم بعد أن طردوا القوات الفلسطينية من لبنان عام 1982، نجحوا بعد جهود 11 عاما، في أن ينتزعوا من القيادة الفلسطينية اعترافاً بدولة إسرائيل، والتنازل عن فلسطين 1948، بموجب اتفاقية أوسلو 1993. تلاها اعتراف الأردن بإسرائيل بموجب اتفاقية وادي عربة عام 1994. ثم أخيراً، اعترف النظام الرسمي العربي كله، ممثلاً في جامعة الدول العربية بحق إسرائيل في الوجود في فلسطين 1948، إن انسحبت إلى حدود 1967، بموجب مبادرة السلام العربية الصادرة عام 2002 .
من الذي بقى منا يرفض الاعتراف، ويعيق تحقيق الهدف الصهيوني الرابع في معركة القرن الطويلة؟ بقي الشعب العربي "الأعزل" صاحب الأرض الذي لم يتغير موقفه أبداً، في هذا الصراع. وبقيت قوة مسلحة وحيدة صامدة في فلسطين، ترفض الاعتراف، وتحمل السلاح، هي المقاومة. إن انهزمت، لا قدّر الله، سيكون الصهاينة بذلك قد أنهوا ما يزيد عن قرن من الصراع لصالحهم، وستموت القضية لعقود طويلة قادمة. وإن صمدوا، بإذن الله، تعثر المشروع الصهيوني كله.
كانت هذه خلاصة قصة قرن من الصراع، لم يكفّ شعبنا فيه عن المقاومة وتقديم الشهداء، وهو ما نجح، حتى الآن، في تجريد الكيان الصهيوني من أَية مشروعية حقيقية، على الرغم من كل الدعم الدولي الذي تلقـّاه.
في هذا السياق التاريخي، يجب أن نقرأ حصار غزة، والاعتداءات الصهيونية المتكررة عليها، ومطاردة عناصر المقاومة في الضفة الغربية. فالمعركة تدور، الآن، حول الاعتراف بإسرائيل، وكل ما عدا ذلك تفاصيل، أو قضايا فرعية.
ليست القضية، اليوم، هي الانقسام الفلسطيني، أو الصراع في مصر، أو الربيع العربي، أو الثورة والانقلاب، أو "الإخوان" و"حماس". القضية هي: هل سينجح العدو في كسر وإخضاع القلعة الأخيرة المسلحة، الرافضة التنازل عن فلسطين للصهاينة، أم سيفشل؟
مهمتنا جميعاً، اليوم، هي أن ندعم صمود هذه القلعة، ونحررها من كل أنواع الضغوط وكسر الإرادة، مثل الحصار والعدوان والقتل والإبادة والتجويع والتركيع والتشويه.
هذه أوليتنا "المرحلية"، إلى أن ننجح، بإذن الله، في يوم من الأيام، في تحرير مصر والضفة الغربية والأردن والدول العربية من اتفاقيات ومبادرات الصلح مع العدو الصهيوني، ونلتحم جميعاً في مواجهة هذا الكيان العدواني العنصري الغاصب.