(قصتي-نادال) الصدام الأكبر مع عمي ومدربي توني (16)

01 نوفمبر 2015
+ الخط -

يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كُتب عن أسرار عالم الرياضة ونجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بنجم التنس الإسباني، رفائيل نادال.

خضت مشادة مع توني وصلت إلى وسائل الإعلام. منذ البداية، قبل نحو 20 عاما، كان يطالبني بعدم التعبير عن غضبي أو انفعالي في الملعب، ويؤكد مدرب اللياقة البدنية أن تعبيرات الوجه تؤثر بدرجة ما، وأنا متفق معهما، ولكنني لست مثاليا، وبرأيهما ملامح وجهي لم تكن هادئة في أول أدوار بطولة الولايات المتحدة المفتوحة 2010.

وقبل أن أخوض مباراة الدور الثاني، أخبرني توني ألا أجازف وأن ألعب كرات مرتفعة وأعمل على إطالة التبادلات والحفاظ على إيقاع المباراة استعدادا للأدوار المقبلة التي ستكون أصعب، وهذا ما فعلت وفزت. لكنني لم أقدم أفضل مستوياتي، وأفترض أن القلق بدا على وجهي.

عندما انتهت المباراة وفي غرف تبديل الملابس، اشتكى توني من أن وجهي لم يكن هادئا كما كان يطلب مني منذ البداية، وأن أدائي لم يكن مرضيا في الملعب.

وقلت "لا أفهم لمَ تتصرف هكذا. عندما لعبت فعلت ما طلبته تماما. لا أعرف لمَ عليك لومي بهذه الطريقة، في الوقت الذي يثني فيه الجميع على أدائي. وإذا ظهر التوتر عليّ، كما تقول، فهذا لأنني كنت أخشى الخسارة، وأعتقد أنه رد فعل إنساني ومفهوم تماما، كما أنني كنت مركزا طوال المباراة وفزت، فلمَ كل هذا؟".

فرد توني غاضبا "حسنا حسنا. أكتفي بالإفصاح عمّا أفكر فيه، وإذا كان هذا لا يروق لك، فسأعود إلى المنزل ويمكنك البحث عن مدرب آخر"، وهو الرد الذي لم يرق لي، فلا بد أن يعرف أنني أحد أكثر لاعبي التنس المحترفين دماثة. قليلون من يعاملون مدربيهم باحترام أكثر ممّا يحظى به مني: أصغي لتوني وأنفّذ تعليماته، وعندما يكون هناك توتر بيننا نادرا ما أرد.

قلت له "اسمع، دائما تقول الشيء نفسه. عامة أتفق معك، ولكن هذه المرة أعتقد أنك مخطئ". لم يكن يسمعني وأجاب "حسنا. إذا كان هذا ما ستؤول إليه الأمور، فأنا لم أعد أستمتع بكوني مدربك"، وغادر بعدها غرف تغيير الملابس.

هذا الموقف دفعني للتفكير. هناك توازن دقيق للغاية في التوتر الذي يحدثه في حياتي، عادة تثبت الأرقام أن هذا يعود عليّ بالنفع أحيانا، وهذه الحالة دليل على ذلك، حديثه أحيانا يصيبني بالضيق بدلا من تحفيزي، وهذا يكون له أثره على مستواي.

مثال آخر، يتأخر توني بعد موعد لقائنا للتدرب 15 دقيقة دون أن أعلّق، وفي المقابل إذا تأخرت أنا يشتكي ويؤكد أن الوضع لا يمكن أن يستمر على هذا المنوال. كذلك خلال المباريات أسمعه قبل أن أستقبل الإرسال يصرخ قائلا "العب بأسلوب هجومي"، هذا يعني تسديد الكرة بقوة، فأطيعه وتخرج الكرة خارج الملعب، بعدها يخبرني "لم يكن الوقت المناسب".

أنا أقدّر ما يقوم به، ربما وصلت لما حققته بفضله، ولكن كل ما حصدته من خلال لعب التنس أدين به له، وكذلك كل الفرص التي سنحت لي. أنا ممتن له بشكل خاص لأنه في البداية أصر على إعادتي لأرض الواقع، وحال دون سقوطي في شباك الرضا عن النفس. ولكنني لم أعد في حاجة لدروس في التواضع. إذا أخطأت في الملعب، حسنا هذا جزء من اللعبة، وأنا أنتقد نفسي أفضل من غيري.

رغم أنني أثمّن أن يضغط علي توني دائما بهذا الشكل، لأن هذا يدفعني لرفع المستوى، ولكن قد يؤثر سلبيا على الثقة، خاصة في الأدوار الأولى من البطولة. والحقيقة أنه رغم أنني أدين له بالكثير من الأمور الجيدة التي حدثت في مسيرتي، فهو كذلك السبب في اهتزاز ثقتي في نفسي بشكل زائد عن الحد، لدرجة يرى معها توني أنني أقلّل من شأني، فيقول لي أحيانا "بعد سنوات في المركز الأول أو الثاني في التصنيف ألا زلت غير مقتنع بأنك لاعب جيد؟ لا زلت تشعر بالخوف عندما تواجه المصنّف 120؟ يجب أن تتعلّم أن تقدّر قيمتك".

يرى توني أن ذلك يؤثر سلبا على مستواي ولا أستغل كل امكانياتي، وهو محق، لكنه هو من زرع هذا منذ البداية، ويطالبني الآن بعكس ما كان يغرسه. القضية الآن تكمن في البحث عن التوازن بين التواضع والثقة المفرطة.

تصالحنا بعد هذه المشادة في غرف تغيير الملابس. حللنا الخلاف كالعادة. يحتاج كلٌ منّا الآخر، وكلانا يعرف أن رابع بطولات الغراند سلام على الأبواب ولم يكن هذا الوقت المناسب لخلافات عائلية.