منذ أربعة قرون، على الأقل، والرحالة الغربيون الذين زاروا بادية العراق يتحدثون عن قصر الأخيضر الشاخص في وسط الصحراء إلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء بحوالي 50 كيلومتراً. وهو معلم أثري بارز يظهر للعراقيين بصفة دائمة على بعض العملات الورقية (فئة الخمسة دنانير).
نشر الباحثون والمؤرخون والمستشرقون عدة دراسات حول عمارة هذا الأثر العظيم في محاولات لاستجلاء ما حوله من غموض. فهو يفتقر إلى التوثيق التاريخي والفني، إذ تخلو جدرانه من أية نقوش، كما لا توجد في كتب التاريخ ومعاجم البلدان أية إشارات واضحة لهذا القصر.
تعددت الاجتهادات في الكشف عن زمن بناء قصر الأخيضر؛ فبعضهم يرى أنه أسبق من الإسلام، كالمستشرق الفرنسي لويس ماسينون الذي نسبه للعصر الساساني، ويذهب إلى أنه هو (قصر السدير) المشهور في كتب التاريخ. فيما ذهب الدكتور مصطفى جواد إلى أنه كان (حصن عين التمر)، وأن عمارته تشهد بأنه ساساني، وأن اعتباره من الإسلامية هو تحميل للتاريخ والفن ما لا يطيقان، مشيراً إلى أن عمارته لم تعرفها العرب وليس لها شبيه في آثارهم. أما أكثر الدراسات المستفيضة عن القصر فكانت للمستشرق البريطاني ك. أ. كريزول الذي انتهى فيها إلى أن تاريخ بناء قصر الأخيضر كان سنة 161هـ (778م). وأن العناصر المعمارية لهذا الحصن أو القصر تتماشى تماماً مع ما وصل إليه تطور الفن المعماري الإسلامي في تلك الحقبة الزمنية. وقد وجد أن هناك تشابهاً كبيراً بين طراز عمارة الحصن وأبنية سامراء الأثرية. وأيضاً يجزم الأثريون مؤخراً أن القصر له أصل بنائي واحد، بمعنى أن المسجد ومحرابه الجنوبي يعود تاريخهما إلى تاريخ بناء القصر وهو ما يؤكد انتمائه للعصر الإسلامي، كما عثر في المكان على عدد من المسكوكات الفضية التي يتراوح ضربها بين سنتي 157 و162هـ.
أما وصف القصر بأنه حصن فيعود إلى طبيعة أسواره الدفاعية وتحصيناتها، وأماكن السهام الواضحة في سوره الخارجي، أما تسميته بـ "الأخيضر"، فلا يعدو أن يكون اجتهادات ضعيفة الدلائل؛ فمنهم من يكتفي بأنه تصغير الأخضر، اللون المعروف، ومنهم من يرى أنه محرف من "الأكيدر"، وهو اسم أحد أمراء قبيلة كندة القدامى، وقد أسلم هذا الأمير في صدر الإسلام.
شُيد الحصن الكبير من الحجر والجص، وجاءت عمارته على هيئة مستطيلة الشكل، فيبلغ سوره من الشمال للجنوب 175 مترا، ومن الشرق للغرب 169 مترا، كما يبلغ ارتفاع السور 21 مترا، وفي منتصف كل ضلع بوابة، وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج رئيسي دائري قطره خمسة أمتار، بينما تتعدد الأبراج الأصغر على أضلاع السور لتبلغ جميعها 48 برجاً، وقطر البرج الصغير 3.5 أمتار.
داخل السور بني القصر مشتركا مع الضلع الشمالي من السور الخارجي، بينما يوجد للقصر سور خاص من الجهات الثلاث الأخرى، وهذا السور مدعم بمجموعة أبراج أيضاً.
يتكوّن القصر من الداخل من طابقين، وتوجد به العديد من العناصر، مثل الديوان الرسمي (البهو الكبير)، وهو قاعة مستطيلة طولها 15.50 مترا وعرضها 9 أمتار. ويمكن الوصول من الديوان للطابق العلوي وبعض الغرف الملحقة. كما يوجد القسم المركزي الذي يحيط به رواق سقفه معقود يفصله عن باقي أقسام القصر. أما الإيوان الكبير، فهو قاعة مستطيلة طولها 10.75 أمتار، وعرضها 6 أمتار، وهي تشبه قاعات العرش، إضافة إلى أربع قاعات أخرى، طول كل منها 10 أمتار وعرضها 4.65 أمتار. وتمتاز القاعات بسلسلة من العقود والزخارف الجصّية المتنوعة. وأمام الإيوان فساحة مستطيلة تحفّ بها عدد من القاعات، وفي منتصف الضلع الجنوبي لهذه الساحة، يوجد مدخل يؤدي إلى الرواق الكبير الذي يحيط بالقسم المركزي، وتفتح في هذا الرواق عدة أبواب.
أما المسجد فهو مستطيل الشكل أيضاً، ويبلغ طوله 24 متراً، وعرضـه 15.50 مترا، وله ثلاثة مداخل وتحيط به أروقة من ثلاث جهات، تستند إلى صفوف من الأعمدة ذات زخارف هندسية جميلة. وشكل المحراب مقعر.
اقــرأ أيضاً
نشر الباحثون والمؤرخون والمستشرقون عدة دراسات حول عمارة هذا الأثر العظيم في محاولات لاستجلاء ما حوله من غموض. فهو يفتقر إلى التوثيق التاريخي والفني، إذ تخلو جدرانه من أية نقوش، كما لا توجد في كتب التاريخ ومعاجم البلدان أية إشارات واضحة لهذا القصر.
تعددت الاجتهادات في الكشف عن زمن بناء قصر الأخيضر؛ فبعضهم يرى أنه أسبق من الإسلام، كالمستشرق الفرنسي لويس ماسينون الذي نسبه للعصر الساساني، ويذهب إلى أنه هو (قصر السدير) المشهور في كتب التاريخ. فيما ذهب الدكتور مصطفى جواد إلى أنه كان (حصن عين التمر)، وأن عمارته تشهد بأنه ساساني، وأن اعتباره من الإسلامية هو تحميل للتاريخ والفن ما لا يطيقان، مشيراً إلى أن عمارته لم تعرفها العرب وليس لها شبيه في آثارهم. أما أكثر الدراسات المستفيضة عن القصر فكانت للمستشرق البريطاني ك. أ. كريزول الذي انتهى فيها إلى أن تاريخ بناء قصر الأخيضر كان سنة 161هـ (778م). وأن العناصر المعمارية لهذا الحصن أو القصر تتماشى تماماً مع ما وصل إليه تطور الفن المعماري الإسلامي في تلك الحقبة الزمنية. وقد وجد أن هناك تشابهاً كبيراً بين طراز عمارة الحصن وأبنية سامراء الأثرية. وأيضاً يجزم الأثريون مؤخراً أن القصر له أصل بنائي واحد، بمعنى أن المسجد ومحرابه الجنوبي يعود تاريخهما إلى تاريخ بناء القصر وهو ما يؤكد انتمائه للعصر الإسلامي، كما عثر في المكان على عدد من المسكوكات الفضية التي يتراوح ضربها بين سنتي 157 و162هـ.
أما وصف القصر بأنه حصن فيعود إلى طبيعة أسواره الدفاعية وتحصيناتها، وأماكن السهام الواضحة في سوره الخارجي، أما تسميته بـ "الأخيضر"، فلا يعدو أن يكون اجتهادات ضعيفة الدلائل؛ فمنهم من يكتفي بأنه تصغير الأخضر، اللون المعروف، ومنهم من يرى أنه محرف من "الأكيدر"، وهو اسم أحد أمراء قبيلة كندة القدامى، وقد أسلم هذا الأمير في صدر الإسلام.
شُيد الحصن الكبير من الحجر والجص، وجاءت عمارته على هيئة مستطيلة الشكل، فيبلغ سوره من الشمال للجنوب 175 مترا، ومن الشرق للغرب 169 مترا، كما يبلغ ارتفاع السور 21 مترا، وفي منتصف كل ضلع بوابة، وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج رئيسي دائري قطره خمسة أمتار، بينما تتعدد الأبراج الأصغر على أضلاع السور لتبلغ جميعها 48 برجاً، وقطر البرج الصغير 3.5 أمتار.
داخل السور بني القصر مشتركا مع الضلع الشمالي من السور الخارجي، بينما يوجد للقصر سور خاص من الجهات الثلاث الأخرى، وهذا السور مدعم بمجموعة أبراج أيضاً.
يتكوّن القصر من الداخل من طابقين، وتوجد به العديد من العناصر، مثل الديوان الرسمي (البهو الكبير)، وهو قاعة مستطيلة طولها 15.50 مترا وعرضها 9 أمتار. ويمكن الوصول من الديوان للطابق العلوي وبعض الغرف الملحقة. كما يوجد القسم المركزي الذي يحيط به رواق سقفه معقود يفصله عن باقي أقسام القصر. أما الإيوان الكبير، فهو قاعة مستطيلة طولها 10.75 أمتار، وعرضها 6 أمتار، وهي تشبه قاعات العرش، إضافة إلى أربع قاعات أخرى، طول كل منها 10 أمتار وعرضها 4.65 أمتار. وتمتاز القاعات بسلسلة من العقود والزخارف الجصّية المتنوعة. وأمام الإيوان فساحة مستطيلة تحفّ بها عدد من القاعات، وفي منتصف الضلع الجنوبي لهذه الساحة، يوجد مدخل يؤدي إلى الرواق الكبير الذي يحيط بالقسم المركزي، وتفتح في هذا الرواق عدة أبواب.
أما المسجد فهو مستطيل الشكل أيضاً، ويبلغ طوله 24 متراً، وعرضـه 15.50 مترا، وله ثلاثة مداخل وتحيط به أروقة من ثلاث جهات، تستند إلى صفوف من الأعمدة ذات زخارف هندسية جميلة. وشكل المحراب مقعر.