20 نوفمبر 2024
قضية القدس الباقية
حتى لو افترضنا جدلًا أن ما تسمى "أزمة البوابات الإلكترونية" في الحرم القدسي الشريف في طريقها إلى الحلّ، فإن القضية المركزية التي تسبّبت هذه الأزمة بتفجيرها باقية. والقصد قضية القدس بصفتها ميكروكوسموس للمسألة الفلسطينية برمتها التي يقف في صلبها بالأساس التهويد العنيف والتطهير العرقيّ.
ووفقًا لما تمّ الكشف عنه منذ أعوام طويلة، حتى من باحثين إسرائيليين، فإن الهدف الأكبر لدولة الاحتلال في القدس كان، ولا يزال، تغيير الطابع العربي للقدس الشرقية، وتحويل العرب الفلسطينيين إلى أقلية. ويؤكد بعض هؤلاء أن المشروع الاستعماري الكبير للغاية الذي يتم تنفيذه على مراحل، يسعى إلى تحقيق ثلاث غاياتٍ ليست خافية: ضمان أكثرية يهودية ليس في "القدس الموحدة" فحسب، وإنما أيضًا في شرقي المدينة؛ تقطيع أوصال الحيّز العربي في المدينة؛ عزل الأحياء العربية في المدينة عن القرى المجاورة لها في أراضي الضفة الغربية. ولم تتوقف دولة الاحتلال عن فرض وقائع على الأرض، لتحقيق هذه الغايات، بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.
ومعروف أن السكان الفلسطينيين يقبعون تحت الحصار المشدّد منذ عام 2000. ومنذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية في أبريل/ نيسان 2009، وانتخاب نير بركات رئيسًا لبلدية القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، تفاقم الشعور بالحصار أضعافًا مضاعفة، فكلاهما من أتباع اليمين المتطرّف، وشريك في السياسات التي تؤدي إلى تطهير القدس عرقيًا.
يتجسّد هذا الأمر، بادئ ذي بدء، في إقامة مستعمراتٍ يهودية وسط الأحياء العربية في القدس الشرقية المضمومة إلى إسرائيل بشكل منهجي. وتدير هذه الحملة، في الظاهر، جمعيات استيطانية تابعة لليمين المتطرّف، بادرت بعد النجاح في تجريد جبل أبو غنيم وإقامة حي استعماري كبير مُحصّن مكانه (هار حوماه)، إلى إقامة بؤر استعمارية يهودية في وسط أحياء الشيخ جراح، سلوان، راس العمود وأبو ديس. ناهيك عن الحي الإسلامي داخل البلدة القديمة نفسها. كما تجري، في الوقت نفسه، محاولة منهجية للبناء في ما تعرف بـ "منطقة إي 1"، بغرض وصل القدس مع المستوطنة الضخمة "معاليه أدوميم".
وجميع هذه العمليات تبدو، للوهلة الأولى، بمثابة مبادرةٍ من مليارديرات ومستوطنين، لكن هذا مجرّد خداع بصري، لأن ما يقف وراء هذه السيرورة مخطط حكومي مُبلور، له غاية إستراتيجية واضحة. ويكفي النظر إلى الخرائط لفهم غايته، وهي تطويق الأحياء العربية وعزلها عن الضفة الغربية. وأكثر من ذلك توسيع القدس نحو الشرق حتى مداخل أريحا، وبذا يتم تجزئة الضفة الغربية إلى جزأين، بينما يكون الشمالي (رام الله، نابلس، جنين، طولكرم) معزولًا عن الجنوبي (الخليل وبيت لحم). وهناك غاية أخرى، هي تحويل حياة السكان العرب في القدس إلى جحيم، حتى يتركوا بمحض إرادتهم.
في مجرى تنفيذ هذه الخطة، يؤدي علم الآثار اليهودي دورًا بارزًا. فقد نشرت، قبل أكثر من عام، صحيفة هآرتس تقريرًا مطولا عن مشروع "القدس تحت الأرض" الذي كتبت إن العمل فيه جارٍ على قدم وساق، ويستهدف توفير إضاءة صناعية للأماكن التي قرّر المخططون إضاءتها. وذكرت أن الحفريات تتركّز بشكل دقيق في الطبقات القديمة للقدس اليهودية وتتجاوز الطبقات المسيحية والإسلامية، وإلى أن الفضاءات الإسلامية التي يتم فتحها تمر بعملية تهويد.
وبموجب ما قاله عالم الآثار، رافي غرينبرغ، يشكل "التناخ" (الكتاب المقدس العبري) المرجع الأساس في التفسيرات التي تقدم بشأن الحفريات في القدس. ويؤكّد أن من السخف التجول مع "التناخ"، والادعاء أن بالإمكان الاستعانة به دليلا لشرح موقع أثري. كما أن الاعتماد عليه دليلا للحفر ولتحليل المكتشفات الأثرية يعد تنازلًا عن القدرات الذاتية في التحليل، وعن المجال الأكاديمي. وفي السياق نفسه، قال إنه كلما رجعنا إلى الوراء من حيث الزمان، فإن العلاقة بين النصوص التناخية وما يتم اكتشافه في الحفريات تضعف أكثر فأكثر، حتى نصل إلى نقطةٍ لا توجد فيها مكتشفاتٌ تدعم ما ورد في "التناخ" بخصوص "مملكة إسرائيل القديمة"!
ووفقًا لما تمّ الكشف عنه منذ أعوام طويلة، حتى من باحثين إسرائيليين، فإن الهدف الأكبر لدولة الاحتلال في القدس كان، ولا يزال، تغيير الطابع العربي للقدس الشرقية، وتحويل العرب الفلسطينيين إلى أقلية. ويؤكد بعض هؤلاء أن المشروع الاستعماري الكبير للغاية الذي يتم تنفيذه على مراحل، يسعى إلى تحقيق ثلاث غاياتٍ ليست خافية: ضمان أكثرية يهودية ليس في "القدس الموحدة" فحسب، وإنما أيضًا في شرقي المدينة؛ تقطيع أوصال الحيّز العربي في المدينة؛ عزل الأحياء العربية في المدينة عن القرى المجاورة لها في أراضي الضفة الغربية. ولم تتوقف دولة الاحتلال عن فرض وقائع على الأرض، لتحقيق هذه الغايات، بعد توقيع اتفاق أوسلو عام 1993.
ومعروف أن السكان الفلسطينيين يقبعون تحت الحصار المشدّد منذ عام 2000. ومنذ تولي بنيامين نتنياهو رئاسة الحكومة الإسرائيلية في أبريل/ نيسان 2009، وانتخاب نير بركات رئيسًا لبلدية القدس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2008، تفاقم الشعور بالحصار أضعافًا مضاعفة، فكلاهما من أتباع اليمين المتطرّف، وشريك في السياسات التي تؤدي إلى تطهير القدس عرقيًا.
يتجسّد هذا الأمر، بادئ ذي بدء، في إقامة مستعمراتٍ يهودية وسط الأحياء العربية في القدس الشرقية المضمومة إلى إسرائيل بشكل منهجي. وتدير هذه الحملة، في الظاهر، جمعيات استيطانية تابعة لليمين المتطرّف، بادرت بعد النجاح في تجريد جبل أبو غنيم وإقامة حي استعماري كبير مُحصّن مكانه (هار حوماه)، إلى إقامة بؤر استعمارية يهودية في وسط أحياء الشيخ جراح، سلوان، راس العمود وأبو ديس. ناهيك عن الحي الإسلامي داخل البلدة القديمة نفسها. كما تجري، في الوقت نفسه، محاولة منهجية للبناء في ما تعرف بـ "منطقة إي 1"، بغرض وصل القدس مع المستوطنة الضخمة "معاليه أدوميم".
وجميع هذه العمليات تبدو، للوهلة الأولى، بمثابة مبادرةٍ من مليارديرات ومستوطنين، لكن هذا مجرّد خداع بصري، لأن ما يقف وراء هذه السيرورة مخطط حكومي مُبلور، له غاية إستراتيجية واضحة. ويكفي النظر إلى الخرائط لفهم غايته، وهي تطويق الأحياء العربية وعزلها عن الضفة الغربية. وأكثر من ذلك توسيع القدس نحو الشرق حتى مداخل أريحا، وبذا يتم تجزئة الضفة الغربية إلى جزأين، بينما يكون الشمالي (رام الله، نابلس، جنين، طولكرم) معزولًا عن الجنوبي (الخليل وبيت لحم). وهناك غاية أخرى، هي تحويل حياة السكان العرب في القدس إلى جحيم، حتى يتركوا بمحض إرادتهم.
في مجرى تنفيذ هذه الخطة، يؤدي علم الآثار اليهودي دورًا بارزًا. فقد نشرت، قبل أكثر من عام، صحيفة هآرتس تقريرًا مطولا عن مشروع "القدس تحت الأرض" الذي كتبت إن العمل فيه جارٍ على قدم وساق، ويستهدف توفير إضاءة صناعية للأماكن التي قرّر المخططون إضاءتها. وذكرت أن الحفريات تتركّز بشكل دقيق في الطبقات القديمة للقدس اليهودية وتتجاوز الطبقات المسيحية والإسلامية، وإلى أن الفضاءات الإسلامية التي يتم فتحها تمر بعملية تهويد.
وبموجب ما قاله عالم الآثار، رافي غرينبرغ، يشكل "التناخ" (الكتاب المقدس العبري) المرجع الأساس في التفسيرات التي تقدم بشأن الحفريات في القدس. ويؤكّد أن من السخف التجول مع "التناخ"، والادعاء أن بالإمكان الاستعانة به دليلا لشرح موقع أثري. كما أن الاعتماد عليه دليلا للحفر ولتحليل المكتشفات الأثرية يعد تنازلًا عن القدرات الذاتية في التحليل، وعن المجال الأكاديمي. وفي السياق نفسه، قال إنه كلما رجعنا إلى الوراء من حيث الزمان، فإن العلاقة بين النصوص التناخية وما يتم اكتشافه في الحفريات تضعف أكثر فأكثر، حتى نصل إلى نقطةٍ لا توجد فيها مكتشفاتٌ تدعم ما ورد في "التناخ" بخصوص "مملكة إسرائيل القديمة"!