تبدأ وزارة البلدية والتخطيط العمراني في قطر، الأسبوع المقبل، حملات مكثّفة في مختلف أحياء العاصمة الدوحة، لإخلاء قاطني الفلل والمنازل المقسمة، مما يهدّد بحدوث أزمة سكن في العاصمة، بسبب كثرة الطلب على الشقق المتوسطة السعر وقلّتها، فضلاً عن عدم قدرة الكثير من الوافدين العاملين في القطاع الخاص على استئجار الشقق بالأسعار المعروضة في السوق.
وأمهلت الوزارة قاطني الفلل والمنازل المقسمة أسبوعاً لإخلائها، مؤكدة أن "كل من يخالف ذلك سيعرض نفسه للعقوبة، ودفع غرامات مالية في حال تجاوز المهلة".
وساهمت زيادة عدد السكان في قطر، التي تجاوزت المليوني نسمة (معظمهم من الوافدين) في ارتفاع بدلات إيجار الشقق، فلجأ أصحاب المنازل والفلل والشركات العقارية إلى تقسيم الفلل والمنازل، مما تسبب بالحاق ضرر بالبنية التحتية من مياه وكهرباء وغيرها في العديد من أحياء المدينة، لعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان.
وأنذرت وزارة البلدية في مايو/أيار الماضي أصحاب العقارات السكنية المقسمة، المخالفة لقانون تنظيم المباني، لإزالة هذه المخالفات فوراً، أو يجبرون على دفع غرامات مالية تتراوح قيمتها بين 250 و500 ريال لكل متر مربع مخالف، و200 إلى 400 ريال لكل متر طولي مخالف، إضافة لإزالة المخالفات.
ويتراوح بدل إيجار الشقق الواقعة ضمن الفلل المقسمة ما بين 3000 و4000 ريال، فيما يصل بدل إيجار الشقق غير المقسمة إلى 9 آلاف ريال، وهو مبلغٌ لا يستطيع العديد من الوافدين دفعه.
وساهمت "مبالغة" الشركات العقارية في تقسيم الفلل والمنازل بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب المالية، في الحاق ضرر بالسكان والبنية التحتية والبيئة المحيطة بالمنزل. وتقسّم الشركات العقارية الفلل التي لا تزيد مساحتها عن 450 متراً مربعاً إلى 7 أو 8 شقق، يقطنها العشرات في ظروف غير صحية.
ورحّب العديد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي بقرار وزارة البلدية تطبيق القانون، وقالوا إنه "يصب في المصلحة العامة"، كما أنه سيساهم في جعل سكان الحي أكثر تجانساً. فيما لفت آخرون إلى أن "تطبيق القانون سيضطر سكان العقارات المقسمة للبحث عن مساكن بديلة وبأسعار مرتفعة، وهي غير متوفرة". ولفتوا إلى أن البعض ينفقون 50 في المائة من راتبهم على السكن.
وقال أحد الوافدين إلى قطر: "يسكن الآلاف عقارات مقسمة، وقد لجأوا إلى ذلك لأن أسعارها مناسبة".
في السياق، أوضح عاملون في قطاع العقارات بالدوحة أن "تطبيق القانون الصادر عام 1985 سيسبب ضغطاً كبيرا على العقارات السكنية في البلاد، وسيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات. وكان من المفترض أن يصاحب تطبيق هذا القانون بدائل للسكان الذين سيخلون شققهم المقسمة".
وقال مدير أحد المكاتب العقارية في الدوحة، تحفظ على نشر اسمه، إن "على وزارة البلدية إعادة النظر في طريقة توجهها لتطبيق القانون، والسماح بتقسيم المنازل والفلل وفق شروط فنية معينة، على أن تشكل الوزارة لجنة متخصصة للإشراف على طريقة التقسيم والتمديدات الكهربائية ومدى مطابقة الشقق المقسمة للمواصفات المطلوبة للسكن، قبل الموافقة على تأجيرها". وأضاف أن "تطبيق هذا القانون الذي صدر منذ قرابة ثلاثين عاماً في هذا الوقت سيتسبب في أزمة سكن".