أكد خبراء أمنيون، اليوم السبت، أن تصريح وزير الدفاع الوطني التونسي عماد الحزقي، مساء أمس، بأن الوضع الخطير والاستثنائي في ليبيا والتدفق الكبير للمرتزقة والسلاح، دفعا تونس إلى مضاعفة الحذر والحيطة بانتشار الجيش الوطني على طول الحدود، لا يخلو من رسائل وجهت للطبقة السياسية وإلى عموم التونسيين.
وقال الحزقي إنه تمّت ملاحظة تصاعد في وتيرة محاولات التسلل إلى التراب التونسي، مشددا على أنّه "سيتم التصدي لها بكامل الصرامة والحرفية، خاصة أن المناطق الحدودية هي مناطق عسكرية عازلة، ويسمح فيها القانون للجيش باستعمال كل الوسائل من أجل التصدي لمثل هذه الظواهر"، داعيا التونسيين على الحدود إلى "تفهم دقة الوضع وخطورته تفاديا لأية أحداث بالمنطقة العازلة".
زرمدين: ليبيا تحولت إلى نقطة انتشار وانطلاق للإرهابيين، خاصة إلى القارة الأفريقية وربما أبعد منها
ويرى الخبير الأمني والباحث في الجماعات الإسلامية علية العلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "المؤسسة العسكرية نادرا ما تصرح وتصدر بيانات، وإذا فعلت فيجب أن تؤخذ مثل هذه الرسائل بعين الاعتبار، خاصة أن ارتفاع وتيرة محاولات التسلل عبر الحدود يمكن أن تحمل معها أحداثا مؤسفة للبلاد".
وأوضح العلاني أن تصريح وزير الدفاع والتأكيد على أن الوضع الأمني الخطير في ليبيا يمكن أن يؤثر على وضع الحدود في تونس، يدعوان إلى أخذ الحذر من كل تسلل لما قد يحمله من مخاطر، وهناك أيضا رسالة للمهربين ومن يتعاملون معهم، بأن أي اختراق للمناطق العازلة والعسكرية المغلقة سيواجه بحزم وبحسب ما يفرضه القانون، في إشارة إلى مقتل مهرب مؤخرا.
وبيّن العلاني أن "التصريح تضمن أيضا رسالة غير مباشرة للطبقة السياسية بأن خلافاتها يمكن أن تنعكس على الوضعين الأمني والداخلي للبلاد".
وأفاد العقيد المتقاعد من الحرس الوطني علي زرمدين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه التصريحات لم تأت من فراغ، بل بناء على واقع يكاد يكون معلوما للكثيرين ويتجسد من خلال الوضع الأمني الدقيق في ليبيا التي تحولت إلى بؤرة للمرتزقة والسلاح".
وتابع زرمدين أن "ليبيا تحولت إلى نقطة انتشار وانطلاق للإرهابيين، خاصة إلى القارة الأفريقية وربما أبعد منها"، مشيرا إلى أن "تونس تربطها حدود جغرافية مع ليبيا وعلاقات اجتماعية، ولكن التداعيات قد تتحول إلى خطر كبير على تونس وكامل المنطقة.
ولفت إلى أن تصريح وزير الدفاع "مبني على وقائع ووضع مدروس، خاصة أن الأوضاع هناك تسير نحو مزيد من التعقيد، ما قد يجعلها على أبواب حرب ستكون لها تداعيات مباشرة وعميقة على تونس خاصة، سواء من خلال عمليات النزوح ومخلفاتها والعناصر الإرهابية التي قد تتسلل معها، لأن الفارين منها من مختلف الأصناف والفئات".
وأكد المتحدث أن "الوضع يتطلب اليقظة والانتباه والتنسيق مع دول الجوار ووضع الاستراتيجيات المتجددة، لأن مختلف هذه العناصر دائما ما تبحث عن نقاط الضعف والثغرات لتستغلها"، مبينا أن "الوضع في ليبيا لن يحل سريعا بل قد يستمر لسنوات".
وأشار إلى أن "رسالة وزير الدفاع وجهت أيضا لعموم التونسيين بالتحلي بالوعي، وتسهيل مهمة الجيش الوطني والقوات الأمنية على الحدود لكي يحموا تونس"، مبينا أن "التنبيه ضروري، ولا بد من تجنب المناطق العازلة لأنها مناطق ذات خصوصية، ويمكن لرجل الأمن والعسكري استعمال السلاح فيها بحسب القانون، لأنها مناطق حساسة ويمنع فيها العبور إلا بتراخيص وفي حالات خاصة".