يعقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الإثنين، محادثات مع أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في قمة روسية قطرية ثانية تعقد في موسكو منذ عام 2016. وبحسب المكتب الصحافي للكرملين فإنّ بوتين سيبحث مع أمير قطر قضايا الأجندتين الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى سبل الدفع بالتعاون الروسي القطري في المجالين التجاري والإنساني.
وتأتي زيارة أمير قطر، التي بدأها، أمس الأحد، إلى موسكو، في وقت تواجه فيه الدوحة حصاراً فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر في يونيو/حزيران الماضي، بينما دخلت روسيا مرحلة جديدة من التصعيد مع الدول الغربية، في ما يعتبر أكبر أزمة في العلاقات منذ حقبة "الحرب الباردة".
وفي هذا الإطار، يتوقع الخبير في شؤون الشرق الأوسط، ديميتري فرولوفسكي، أنّ تتطرق قمة اليوم، إلى الأوضاع في سورية والتعاون الاقتصادي والاستثماري، وقد تسفر عن إبرام صفقات عدّة، بما فيها توريد نظم دفاع جوي روسية إلى قطر.
ويقول فرولوفسكي لـ"العربي الجديد" "تكيّفت قطر مع تداعيات الحصار بنجاح، وقد يتم رفعه هذا العام أو في العام المقبل، ولكن انخراطها في الملف السوري تراجع، ولذلك أصبحت روسيا تتحدث من موقع القوة. تريد قطر مناقشة مسألة تغيير نظام بشار الأسد في سورية، ولكن ليس لديها آليات للتأثير على موقف موسكو".
وحول النتائج الاقتصادية المرتقبة للزيارة، يضيف: "قد يتم إبرام صفقات لتوريد بعض المنتجات الزراعية والمنتجات الحلال الروسية إلى السوق القطرية، بالإضافة إلى تزويد الدوحة بنظم روسية للدفاع الجوي".
وسبق لوزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن قام بزيارة إلى الدوحة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهدت التوقيع على اتفاقية التعاون في المجال العسكري - التقني، مما يمهد الطريق لتوريد نظم روسية متطورة للدفاع الجوي إلى قطر.
ويقدر التبادل التجاري بين روسيا وقطر بعشرات ملايين الدولارات سنوياً. وبدأ التعاون بين البلدين في مجالي الاستثماري والطاقة يتطور منذ عام 2013، حين استحوذ جهاز قطر للاستثمار على أسهم ثاني أكبر مصرف في روسيا "في تي بي" بقيمة 500 مليون دولار، بينما افتتح عملاق الغاز الروسي "غازبروم" مكتب تمثيل له في الدوحة.
ومع ذلك، يوضح فرولوفسكي أن روسيا ليست وجهة رئيسة للاستثمارات القطرية التي تتركز في الولايات المتحدة وبلدان غرب أوروبا وبعض المراكز المالية الآسيوية مثل سنغافورة وهونغ كونغ.
وعلى صعيد العلاقات الإنسانية، اتفق البلدان على تنظيم سنة ثقافية متبادلة بين روسيا وقطر في 2018، مما يشمل إقامة عدد من الفعاليات الثقافية الروسية في قطر، وأخرى قطرية في روسيا.
وعلى الرغم من أن الدوحة في حد ذاتها ليست وجهة للسياحة الخارجية الروسية، إلا أن عشرات الآلاف من الروس يتوجهون سنوياً إلى وجهات سياحية في جنوب شرق آسيا على متن الخطوط الجوية القطرية التي تنفذ ثلاث رحلات يومياً إلى مطار "دوموديدوفو" في ضواحي موسكو، بالإضافة إلى رحلة إلى مطار "بولكوفو" في العاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ.
وأقامت قطر علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفييتي في عام 1988، وفي نهاية عام 1991، اعترفت الدوحة بروسيا وريثة شرعية للاتحاد بعد تفككه. وقام أمير قطر السابق، حمد بن خليفة آل ثاني، بزيارتين رسميتين إلى روسيا في عامي 2001 و2010، بينما زار بوتين الدوحة في إطار جولته الخليجية عام 2007.
ومرت العلاقات الروسية القطرية بعدد من الأزمات، إلا أن الزيارة الرسمية التي قام بها أمير قطر إلى موسكو في يناير/كانون الثاني 2016، مهدت الطريق لوضع التعاون الاقتصادي والاستثماري خارج أقواس الخلافات السياسية، ليشارك جهاز قطر للاستثمار في شراء 19.5 في المائة من أسهم "روس نفط"، أكبر شركة نفط في روسيا، في نهاية العام ذاته، فيما اُعتبر أكبر صفقة خصخصة في تاريخ روسيا.
وبعد الحصار الذي فُرض على قطر في يونيو/حزيران الماضي، أكّدت موسكو مراراً على ضرورة حلها بالحوار ودعمت الوساطة الكويتية، دون الوقوف مع طرف على حساب آخر، وهو أمر أرجعه محللون سياسيون إلى سعي روسيا لضمان مصالحها السياسية والاقتصادية مع جميع أطراف الأزمة.