حظيت السينما التجارية في مصر، ومن بينها ما يعرف بين الجمهور بـ"سينما السبكي"، بالقسم الأكبر من النقد للأفلام التي تمتهن دور ومكانة المرأة، وتجسدها بأنها أداة للمتعة والإنجاب، وخاصة في السنوات القليلة الماضية، حيث قُدمت بعض الأفلام التي تجسد واقع المرأة المصرية وتتحدث عن الطبقية في المجتمع، وترصد تغيراته وانتهاك حقوق المرأة داخله، مثل أفلام: "كباريه"، و"الفرح"، و"ساعة ونص"، و"الحرامي والعبيط". وفي المقابل، عرضت أفلام أخرى تُصور متعة الرقص وتصدير مفاتن الجسد على الشاشة بغرض تحقيق أعلى إيرادات في شباك التذاكر، ومنها فيلم "حلاوة روح"، و"شارع الهرم"، و"عمر وسلوى".
تقول الحكمة: "إن معادن الرجال تظهر في الشدائد، وأخلاقهم تظهر في تعاملهم مع النساء"، ولكنها حكمة تبدو بعيدة عن واقعنا، فيبدو أن قائلها لم يشهد التغيّرات المجتمعية الحادة التي شهدها العالم، والتقلبات التي مرت بها المرأة عبر العصور، وتحولها من المركز إلى الهامش، والسعي الدائم والدؤوب إلى التعامل معها كسلعة جاذبة لأكبر قدر ممكن من الرجال.
ملامح هذا التغيير تظهر من خلال تدني وضع المرأة داخل المجتمع، والصورة التي يرسمها بعض الرجال، حيث توضع المرأة في قوالب ثابتة لا تخرج عنها، وهي قوالب رسمها الرجال من أجل تحجيم دورها.
وهذا ما تحاول الأفلام تجسيده، فنرى دور المرأة محصوراً دائماً في الشخصية التقليدية: الزوجة، والأم، والسيدة المغلوبة على أمرها، والتي تجبر على الخروج من المنزل والبحث عن لقمة العيش، وكسبها بأي طريقة كانت لتطعم صغارها كما رأينا في فيلم "الفرح". فنوجة الشخصية الأساسية في الفيلم هي راقصة، وقبل ذلك امرأة أجبرت على الخروج للبحث عن سبيل للعيش بعد أن أوقعها حظها العاثر في رجل يوصف بأنه "ميتخلعش من رِجلك". تذهب للرقص في الفرح، وتتعرض للامتهان والضرب على يد "الريس زينهم"، وتخضع لقوته وترقص بالإجبار، وهي تبكي من القهر، تتقبل كلمات الرثاء في نهاية الأمر راضية وكأن هذا الضرب المبرح أمر طبيعي لمن هن مثلها.
أما شخصية "سميرة" فتبدو على عكس شخصية "نوجة" فهي فتاة تسلحت بمظهر رجولي خشن، ترتدي "البنطلون"، وعصبة الرأس، وتلطخ وجهها بالأسود، وتتحدث بطريقة غليظة، وتطلق السُباب، وترفع السلاح، فهي تخفي الفتاة بداخلها خلف سياج كي تحميها من المجتمع ومن نفسها.
بينما "جميلة" هي الفتاة المجبرة على أن تسير في ركب المجتمع حتى نهاية المطاف، تطيع كلام الأب، وتنصاع لأوامر الزوج، وتتخفى عن عيون الجيران خلف ستار المعارك اليومية التي تخوضها بالكلام ويحسمها "عبد الله" بالسلاح الأبيض، امرأة في نهاية العقد الثالث من عمرها، لا تعرف كيف تواجه العالم بحبها، وتسعى للهرب من "الدخلة البلدي" التي رتبها لها الأب على حين غفلة، كي يخرس الجيران. تقرر "جميلة" الهرب مع زوجها إلى مكان بعيد لا يعرفهما فيه أحد ليتستر عليها، جاء هذا الفعل كفعل متمرد على مجتمعها، وتقبل زوجها الأمر، وساعدها على ذلك التمرد.
على صعيد آخر، قُدمت أفلام العري التي يقوم سردها على جسد المرأة، مثل فيلم "حلاوة روح" الذي منع من العرض في مصر، لكن تم عرضه في لبنان، وارتبط منعه بقصته التي تجسدها هيفاء، حيث تقوم بتقديم دور امرأة يلاحقها الرجال من أجل جسدها، ولا تقدم أغلفة الفيلم شيئاً سوى جسد امرأة ملتحف بالرجال.
كذلك يقوم فيلم "عمر وسلوى" على مشاهد الرقص الساخنة لصافيناز، ولا يضيف أي قيمة للمشاهد، وهذا أيضا هو الحال في فيلم "شارع الهرم"، والذي تصرح دينا بطلته بأن أفلام الرقص هي أفلام تجارية وأن "هيصة" هدفها هو الربح والربح فقط، ولا عزاء للمشاهدين!
(مصر)
اقرأ أيضاً: قهر المرأة... الشخصية النسوية في السينما التجارية [1/ 2]
تقول الحكمة: "إن معادن الرجال تظهر في الشدائد، وأخلاقهم تظهر في تعاملهم مع النساء"، ولكنها حكمة تبدو بعيدة عن واقعنا، فيبدو أن قائلها لم يشهد التغيّرات المجتمعية الحادة التي شهدها العالم، والتقلبات التي مرت بها المرأة عبر العصور، وتحولها من المركز إلى الهامش، والسعي الدائم والدؤوب إلى التعامل معها كسلعة جاذبة لأكبر قدر ممكن من الرجال.
ملامح هذا التغيير تظهر من خلال تدني وضع المرأة داخل المجتمع، والصورة التي يرسمها بعض الرجال، حيث توضع المرأة في قوالب ثابتة لا تخرج عنها، وهي قوالب رسمها الرجال من أجل تحجيم دورها.
أما شخصية "سميرة" فتبدو على عكس شخصية "نوجة" فهي فتاة تسلحت بمظهر رجولي خشن، ترتدي "البنطلون"، وعصبة الرأس، وتلطخ وجهها بالأسود، وتتحدث بطريقة غليظة، وتطلق السُباب، وترفع السلاح، فهي تخفي الفتاة بداخلها خلف سياج كي تحميها من المجتمع ومن نفسها.
بينما "جميلة" هي الفتاة المجبرة على أن تسير في ركب المجتمع حتى نهاية المطاف، تطيع كلام الأب، وتنصاع لأوامر الزوج، وتتخفى عن عيون الجيران خلف ستار المعارك اليومية التي تخوضها بالكلام ويحسمها "عبد الله" بالسلاح الأبيض، امرأة في نهاية العقد الثالث من عمرها، لا تعرف كيف تواجه العالم بحبها، وتسعى للهرب من "الدخلة البلدي" التي رتبها لها الأب على حين غفلة، كي يخرس الجيران. تقرر "جميلة" الهرب مع زوجها إلى مكان بعيد لا يعرفهما فيه أحد ليتستر عليها، جاء هذا الفعل كفعل متمرد على مجتمعها، وتقبل زوجها الأمر، وساعدها على ذلك التمرد.
على صعيد آخر، قُدمت أفلام العري التي يقوم سردها على جسد المرأة، مثل فيلم "حلاوة روح" الذي منع من العرض في مصر، لكن تم عرضه في لبنان، وارتبط منعه بقصته التي تجسدها هيفاء، حيث تقوم بتقديم دور امرأة يلاحقها الرجال من أجل جسدها، ولا تقدم أغلفة الفيلم شيئاً سوى جسد امرأة ملتحف بالرجال.
كذلك يقوم فيلم "عمر وسلوى" على مشاهد الرقص الساخنة لصافيناز، ولا يضيف أي قيمة للمشاهد، وهذا أيضا هو الحال في فيلم "شارع الهرم"، والذي تصرح دينا بطلته بأن أفلام الرقص هي أفلام تجارية وأن "هيصة" هدفها هو الربح والربح فقط، ولا عزاء للمشاهدين!
(مصر)
اقرأ أيضاً: قهر المرأة... الشخصية النسوية في السينما التجارية [1/ 2]