ما بين عامَين كآبة. كم هي ثقيلة تلك الأيام الفاصلة بين عامَين، قديم وجديد. والقديم ليس قديماً بالفعل، بقدر ما هو حاضرٌ فينا. كآبة لا تبقينا في الفراش، بل ترسم خريفاً عاجلاً. نشعر بذلك الحزن الصامت. لا نبكي ولا نفرح. لا نتكلّم ولا نصمت. لا نحتفل ولا نستكين. ننتظر مرور تلك الأيام لنستعيد أنفسنا. يغرينا ذلك الحزن، وأحياناً يعذّبنا. ثمّة عام جديد وحياة لا نلتقي بها. وهذا ليس تشاؤماً. الساهر قد لا يستيقظ بمزاج جيّد في اليوم التالي. هي مسألة مزاج إذاً. مزاج كئيب يستمرّ أياماً، قبل أن تقنعنا الحياة بأنّها ما زالت مستمرّة، كما في السابق.
نقتنع؟ ربّما. لكنّنا نعود إلى الحياة بعد كآبة. أو نحتفل متأخرين. إنّه عام جديد هادرٌ مثل بحر. ملايين البشر يحمّلونه آمالاً لا طاقة له على استيعابها أو تحقيقها. آمالٌ مرحّلة إلى نهاية العمر.
كآبة مثل مرض نحمله ولا يؤذينا. كأنّه وجد مكاناً دافئاً يستقرّ فيه، لا أكثر. كآبة مثل أغنية تنتهي بسرعة قبل أن نشبع منها، ونصير مثل أطفال حُرموا من لعبة مفضّلة. نتأمّل الأشياء من حولنا ببلاهة. لماذا يتهافت الناس على استقبال العام الجديد؟ هو يومٌ جديد يحمل رقماً جديداً لا أكثر. آه... وأحلام، تلك التي يُحمّلها الناس له، ويعيشون على أمل تحقيقها. يُحمّلونه خيراً يرجونه بعد كلّ المصائب التي ألمّت بهم. وهي ليست كبيرة بالضرورة. أحياناً، التفاصيل الصغيرة كافية لإيلامهم.
نخشى أن نخسر أحلاماً في العام الجديد. ونكتئب قبل الأوان، وقبل أن نمعن في أحلامنا هذه. نكتئب لأنّنا نخشى الانتقال إلى مجهول جديد، كما نسمّيه، وإن كان مجرّد تتمّة. نكتئب لأنّنا اعتدنا أمكنتنا، بحلوها ومرّها.
ما بين عامَين كآبة. الطقس بارد، وليس أجمل من عيشٍ مؤقّتٍ تحت اللحاف، والإصغاء إلى عامنا وأعوامنا الماضية. تمتمات وغصّات وأشياء أخرى. غصّات مرة أخرى تحرق أضلعنا مثل وشم جميل اخترناه بأنفسنا. غصّات تغدو سبباً لكآبتنا. أم هو فرح الناس الجماعي الذي يصعد ليلة إلى السماء ويهبط تالياً إلى وادٍ ويختفي. ذلك اللاتوازن في مشاعرنا حيال الحياة، كأن نحبّها كثيراً ثم نمقتها، وهي على حالها. ما تحمله من أحداثٍ جديدة لا يختلف عمّا عشناه وعاشته شعوب أخرى على الأرض.
نحن نتكرّر... والأحداث أيضاً، بموضة جديدة وحداثة. ما بين عامَين كآبة وحياة نراها بوضوح مقلق. كأنّها هنا، قريبة منّا إلى هذه الدرجة. بعد غد يستيقظ الناس في عام جديد، هو الذي يُحمّلونه أحلامهم. عام ليس إلا الحياة نفسها.
اقــرأ أيضاً
نقتنع؟ ربّما. لكنّنا نعود إلى الحياة بعد كآبة. أو نحتفل متأخرين. إنّه عام جديد هادرٌ مثل بحر. ملايين البشر يحمّلونه آمالاً لا طاقة له على استيعابها أو تحقيقها. آمالٌ مرحّلة إلى نهاية العمر.
كآبة مثل مرض نحمله ولا يؤذينا. كأنّه وجد مكاناً دافئاً يستقرّ فيه، لا أكثر. كآبة مثل أغنية تنتهي بسرعة قبل أن نشبع منها، ونصير مثل أطفال حُرموا من لعبة مفضّلة. نتأمّل الأشياء من حولنا ببلاهة. لماذا يتهافت الناس على استقبال العام الجديد؟ هو يومٌ جديد يحمل رقماً جديداً لا أكثر. آه... وأحلام، تلك التي يُحمّلها الناس له، ويعيشون على أمل تحقيقها. يُحمّلونه خيراً يرجونه بعد كلّ المصائب التي ألمّت بهم. وهي ليست كبيرة بالضرورة. أحياناً، التفاصيل الصغيرة كافية لإيلامهم.
نخشى أن نخسر أحلاماً في العام الجديد. ونكتئب قبل الأوان، وقبل أن نمعن في أحلامنا هذه. نكتئب لأنّنا نخشى الانتقال إلى مجهول جديد، كما نسمّيه، وإن كان مجرّد تتمّة. نكتئب لأنّنا اعتدنا أمكنتنا، بحلوها ومرّها.
ما بين عامَين كآبة. الطقس بارد، وليس أجمل من عيشٍ مؤقّتٍ تحت اللحاف، والإصغاء إلى عامنا وأعوامنا الماضية. تمتمات وغصّات وأشياء أخرى. غصّات مرة أخرى تحرق أضلعنا مثل وشم جميل اخترناه بأنفسنا. غصّات تغدو سبباً لكآبتنا. أم هو فرح الناس الجماعي الذي يصعد ليلة إلى السماء ويهبط تالياً إلى وادٍ ويختفي. ذلك اللاتوازن في مشاعرنا حيال الحياة، كأن نحبّها كثيراً ثم نمقتها، وهي على حالها. ما تحمله من أحداثٍ جديدة لا يختلف عمّا عشناه وعاشته شعوب أخرى على الأرض.
نحن نتكرّر... والأحداث أيضاً، بموضة جديدة وحداثة. ما بين عامَين كآبة وحياة نراها بوضوح مقلق. كأنّها هنا، قريبة منّا إلى هذه الدرجة. بعد غد يستيقظ الناس في عام جديد، هو الذي يُحمّلونه أحلامهم. عام ليس إلا الحياة نفسها.