مع اشتداد المعارك في مدينتي الضالع والحوطة في محافظتي الضالع ولحج (جنوب البلاد)، حذّر مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية من تدهور الأوضاع الإنسانية. وتشتد المواجهات المسلحة بين القوات العسكرية التابعة لتحالف جماعة أنصار الله (الحوثيون) والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح من جهة، ومجموعات اللجان الشعبية التابعة للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة أخرى. وأشارت مصادر طبية في الضالع إلى ارتفاع عدد القتلى في صفوف المدنيين.
هذه المواجهات خلّفت وضعاً إنسانياً وصفه البعض بـ "الكارثي"، نتيجة القصف العشوائي على المنازل الذي يؤدي إلى سقوط ضحايا بين المدنيين، بينهم نساء وأطفال.
في السياق، يقول منصور زين، أحد أبناء مدينة الضالع، إن "الحوثيين يقصفون المنازل بشكل عشوائي منذ أيام"، مشيراً إلى أن "القصف يحول دون إسعاف الجرحى إلى المستشفيات خارج المحافظة".
ويوضح زين أن القصف اشتد منذ يوم السبت الماضي، علماً أنه يطال السيارات التي تسعى إلى نقل الجرحى المدنيين، بالإضافة إلى منازل المواطنين في الضالع وقريتي الجليلة وزُبيد وغيرها، ولا يستثني المساجد والمدارس، مثل مدرستي الشهيد صالح قاسم والجردي في مدينة الضالع.
إلى ذلك، يؤكّد شهود عيان أن الحوثيين قد اتخذوا من مدرسة منطقة "الوبح" ونادي النصر الرياضي في منطقة الجليلة ثكنتين عسكريتين. وتشيرُ المعلومات إلى أن عدد المنازل المتضررة من القصف خلال اليومين الماضيين قُدّر بأكثر من خمسين منزلاً. أيضاً، شلّت المواجهات الحياة في المدينة. وأغلقت المحال التجارية أبوابها وتوقفت الدراسة. ونَصَب الحوثيون العديد من نقاط التفتيش في غالبية الطرق الرئيسية.
بدوره، يصف المواطن علوي محمد الوضع في مدينة الضالع بـ "الكارثي"، مشيراً إلى أن غالبية الناس عاجزون عن شراء حاجياتهم. وفي حال وجدوا ما ينقصهم من سلع، يعمد الباعة إلى رفع الأسعار، علماً أن الأوضاع الأمنية تمنع التجار من الخروج من المدينة وشراء بضاعة جديدة.
يضيف علوي لـ "العربي الجديد": "تكيّف أبناء الضالع مع المواجهات المسلحة بسبب تكرارها منذ سنوات. لكن الوضع الإنساني في الوقت الحالي كارثي"، مشيراً إلى أن "الحوثيين يستهدفون المحال التجارية، ويقتحمون المنازل التي هجرها أهلها بسبب الحرب، بهدف استخدامها خلال المواجهات، ما يشكل خطراً على البيوت المجاورة الآهلة بالسكان".
وكان المقاتلون الحوثيون وجنود من اللواء 33 مدرع (التابع لصالح) قد اقتحموا مستشفى السلامة الخاص في المدينة، وحولوه إلى ثكنة عسكرية. وطالبت إدارة المستشفى من المنظمات الحقوقية الدولية التدخل لإنقاذ المستشفى.
وكان تقرير رسمي صادر عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أشار إلى أن عدد النازحين من عاصمة محافظة الضالع تجاوز الـ 75 ألفاً خلال الأيام الماضية، بنسبة 80 في المائة من إجمالي عدد سكان المدينة البالغ عددهم 95 ألف نسمة.
وغادرت منظمة "أطباء بلا حدود" المنطقة مع اشتداد المعارك، على الرغم من استقبالها بعض الحالات، منها نحو 20 مصاباً في قسم الطوارئ التابع لها في "مستشفى الصداقة" في محافظة الضالع الجنوبية. وكان "مستشفى النصر الحكومي" الوحيد هناك قد تعرض لاعتداءات عدة.
تجدر الإشارة إلى أن الضالع هي إحدى المحافظات الـ 11 التي تشهد معارك في الوقت الحالي، علماً أن المساعدات الإنسانية تكاد شبه معدومة بسبب المعارك. كذلك، تعمد بعض المجموعات إلى سرقة السيارات أو اختطاف طواقم المنظمات الإنسانية، عدا عن القصف العشوائي. كما أدى اقتحام المدينة الأسبوع الماضي إلى توقف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد" التابع للأمم المتحدة عن العمل.
لا تنمية
في نهاية العام الماضي، نفّذ الصندوق الدولي للتنمية الزراعية "إيفاد" التابع للأمم المتحدة مشروع النمو الريفي في خمس محافظات، إلا أنه توقف عن العمل اليوم بسبب المعارك. وهدف المشروع إلى مكافحة الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي، وتعزيز قدرة المزارعين في مواجهة التغيرات المناخية، وغيرها.