كان كريم بنزيمة محظوظاً، أمس الأربعاء، وهو يسجل مرتين في مرمى دورتموند الألماني، ويسكت أفواه كل من انتقد أداءه من عشاق نادي ريال مدريد الملكي. ولكن كريم بنزيمة، كان بطلاً، ونموذجياً، أيضاً، في ميدان آخَر، هو ميدان المال والضريبة. إذ في الوقت الذي يتهم فيه النجم العالمي رونالدو، عن خطأ أم صواب، بالتهرب الضريبي، كانت فرنسا، عبر وسائل إعلامها، المكتوب والرقمي، تكتشف مواطناً فرنسياً صالحاً، يدفع ضرائبه، كما باقي المواطنين، خلافاً لعصبة من المتهربين، ومن بينهم فنانون ووزراء.
وكشفت صحية "لوبوان" الفرنسية أن بنزيمة وخلافاً لغيره لم يلجأ إلى البحث عن "الجنة الضريبية". ولكنه اختار أن يثبت شركته "بوب" في مدينة ليون التي نشأ وترعرع فيها، وأن يفي بالتزاماته تجاه مصالح الضرائب الفرنسية. ويملك مهاجم ريال مدريد نسبة 90% من الأسهم بشركته بينما يقتسم والداه نسبة 10% المتبقية.
من كان بيته من زجاج...
وكم كانت المقارنة مثيرة بين "وطنية" كريم بنزيمة، بدفعه للضرائب في فرنسا، وبين غيره من السياسيين. وفي المقدّمة يأتي رئيس الحكومة السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية، مانويل فالس. الأخير تدخل لمنع بنزيمة، ولو بشكل غير مباشر، من المشاركة مع المنتخب الفرنسي خلال كأس الأمم الأوروبية، بذريعة عدم توفر "النموذجية" في اللاعب، وهو الذي تجرّأ على نقل ابنه في طائرة حكومية في زيارة شخصية لمشاهدة مباراة في كرة القدم، ثم سمح لزوجته بالسفر لأداء حفلاتها الموسيقية على نفقة دافعي الضرائب الفرنسيين.
مقارنة أخرى تطرح هنا، بين بنزيمة ووزير اشتراكي سابق هو وزير الموازنة الفرنسي السابق جيروم كايزاك، حُكم عليه لمدة ثلاث سنوات فعلية، لتهربه من دفع الضرائب وتبييض الأموال.
وقد استغل البعض الفرصة على مواقع التواصل الإجتماعي للدفاع عن بنزيمة الذي استبعد ظلماً من المنتخب الفرنسي، وفق ما أكدته صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية. بعضهم علق ساخراً:"من القذر الآن؟". كما كشفت الصحيفة الفرنسية بأن بنزيمة كان قادراً على جني بعض الأموال، لو اختار دفع الضرائب في إسبانيا. ولكنه فضل دفعها في فرنسا، وفي ذلك أكثر من رسالة، وردّ على من اختاروا "الوطنية"، للإساءة إلى هذا اللاعب.
وقالت الصحيفة الفرنسية: "تخيلوا لو أن هذه الضجة حدثت قبل انطلاق بطولة أمم أوروبا التي احتضنتها الأراضي الفرنسية خلال الضائفة الماضية، لربما كنا استمعنى إلى بنزيمة يدلي بتصريح للتلفزيون يقول فيه:" أوكي، أنا لا أردد النشيد الوطني الفرنسي، ولكنني أدفع ضرائبي"، وربما كان ديشامب يتجه في نفس السياق ليقول: "وجهت الدعوة إلى بنزيمة، لأنه يسجل الأهداف، ولكن الأهم أنه يدفع ضرائبه".
صحيح أن كريم بنزيمة، الخجول والمنطوي على نفسه، عادة، لم يقف مكتوب اليدين إزاء تصريح مانويل فالس، الذي استهدفه، وإزاء قرار، ديديه ديشامب، مدرب منتخب الديكة، بألا يستدعيه في الفريق؛ إذ أعلن، نهارا جهارا، أن ممارسته على أرض الملاعب تكشف عكس اتهامات فالس، من حيث الأدب واحترام الآخر. وفيما يخص المدرب، ومن خلفه الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ثم وزارة الرياضة الوصية، فقد استهجن اللاعب خضوع هؤلاء جميعاً لنزوع عنصري يجتاح المجتمع الفرنسي. وهذا ما أكده أيضا أسطورة كرة القدم الفرنسية، ومهاجم مانشستر يونايتد السابق، إيريك كانتونا، الذي أكد صراحة بأن "أسبابا عنصرية" وراء استبعاد مهاجم ريال مدريد من المنتخب الفرنسي، ووجه الاتهام مباشرة إلى ديديه ديشامب.
ومن إسبانيا، حيث يتواجد اليوم، يستطيع اللاعب كريم بنزيمة أن يستمتع بقراءة مقالات تمتدح مواقفه و"وطنيته". يستطيع أن يقرأ موقع "ميديا بارت" الفرنسي، وهو يكتب عنه: "كريم بنزيمة، الوطنيّ الضريبي"، وفيه: "يجسد كريم بنزيمة "الأوباش" في كرة القدم. لا يردد النشيد الوطني الفرنسي، ويفضل الجزائر على فرنسا... فرنسي سيء. إلا أنه، حسب وثائق "فوتبول ليكس"، اختار أن يدفع ضرائب حول حقوق الصورة في فرنسا، في الوقت الذي فضَّل فيه بعض زملائه الإثراء في الفراديس الضريبية. إنها مفارقة جميلة".
رد بنزيمة في تواضعه
وهذه المفارقة، تعبر عن موقف اتخذه اللاعب وبرره بأبسط التعابير وأوضحها، بقوله: "يجب على المرء أن يدفع الضرائب. يُطلب مني أن أدفع ضرائب، وأنا أدفعها، وهذا كل ما في الأمر. ثم إن الأمر ليس إنجازاً. لاحظت أنهم تحدثوا عن هذا بإفراط. أنا أركّز جهدي على كرة القدم. وأدفع ضرائبي. بهدوء".
يستطيع كريم بنزيمة بفضل هذه المفارقة، أن يُحرج الكثير من العنصريين، الذين شككوا في "وطنيته"، ويدفعهم للاحتماء في ملاجئهم وخنادقهم. وقد دفعت هذه المعطيات صحيفة "لوموند" إلى تكريس مقال عن اللاعب بعنوان: "فوتبول ليكس: بنزيمة، التلميذ الضريبي الجيّد".
لا شيء يعلو، في فرنسا، فوق صوت الضرائب. ولعلّ هذا ما اكتشفه وزير الموازنة الفرنسي السابق جيروم كايزاك، المدان بتهمة التهرب الضريبي وتبييض أموال، وهو يستمع للحكم القضائي بسجنه ثلاث سنوات فعلية وحرمانه، خلال خمس سنوات، من الحقوق المدنية.
كريم بنزيمة، الذي تعرض للهجوم حتى من قبل رئيس الجمهورية، فرانسوا هولاند نفسه، في كتاب "لا يجب على المرء أن يقول هذا"، والذي اعتبرَ فيه - رغم أن القضاء الفرنسي لم يَقل كلمتَه بعدُ - أن اللاعبَ "ليس مثالا للأخلاق بعد تورطه في قضية زميله اللاعب فالبوينا". يمكنه الآن أن يطلق ساقيه، وأن يبدع في الملاعب.
اقــرأ أيضاً
وكشفت صحية "لوبوان" الفرنسية أن بنزيمة وخلافاً لغيره لم يلجأ إلى البحث عن "الجنة الضريبية". ولكنه اختار أن يثبت شركته "بوب" في مدينة ليون التي نشأ وترعرع فيها، وأن يفي بالتزاماته تجاه مصالح الضرائب الفرنسية. ويملك مهاجم ريال مدريد نسبة 90% من الأسهم بشركته بينما يقتسم والداه نسبة 10% المتبقية.
من كان بيته من زجاج...
وكم كانت المقارنة مثيرة بين "وطنية" كريم بنزيمة، بدفعه للضرائب في فرنسا، وبين غيره من السياسيين. وفي المقدّمة يأتي رئيس الحكومة السابق والمرشح للانتخابات الرئاسية، مانويل فالس. الأخير تدخل لمنع بنزيمة، ولو بشكل غير مباشر، من المشاركة مع المنتخب الفرنسي خلال كأس الأمم الأوروبية، بذريعة عدم توفر "النموذجية" في اللاعب، وهو الذي تجرّأ على نقل ابنه في طائرة حكومية في زيارة شخصية لمشاهدة مباراة في كرة القدم، ثم سمح لزوجته بالسفر لأداء حفلاتها الموسيقية على نفقة دافعي الضرائب الفرنسيين.
مقارنة أخرى تطرح هنا، بين بنزيمة ووزير اشتراكي سابق هو وزير الموازنة الفرنسي السابق جيروم كايزاك، حُكم عليه لمدة ثلاث سنوات فعلية، لتهربه من دفع الضرائب وتبييض الأموال.
وقد استغل البعض الفرصة على مواقع التواصل الإجتماعي للدفاع عن بنزيمة الذي استبعد ظلماً من المنتخب الفرنسي، وفق ما أكدته صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية. بعضهم علق ساخراً:"من القذر الآن؟". كما كشفت الصحيفة الفرنسية بأن بنزيمة كان قادراً على جني بعض الأموال، لو اختار دفع الضرائب في إسبانيا. ولكنه فضل دفعها في فرنسا، وفي ذلك أكثر من رسالة، وردّ على من اختاروا "الوطنية"، للإساءة إلى هذا اللاعب.
وقالت الصحيفة الفرنسية: "تخيلوا لو أن هذه الضجة حدثت قبل انطلاق بطولة أمم أوروبا التي احتضنتها الأراضي الفرنسية خلال الضائفة الماضية، لربما كنا استمعنى إلى بنزيمة يدلي بتصريح للتلفزيون يقول فيه:" أوكي، أنا لا أردد النشيد الوطني الفرنسي، ولكنني أدفع ضرائبي"، وربما كان ديشامب يتجه في نفس السياق ليقول: "وجهت الدعوة إلى بنزيمة، لأنه يسجل الأهداف، ولكن الأهم أنه يدفع ضرائبه".
صحيح أن كريم بنزيمة، الخجول والمنطوي على نفسه، عادة، لم يقف مكتوب اليدين إزاء تصريح مانويل فالس، الذي استهدفه، وإزاء قرار، ديديه ديشامب، مدرب منتخب الديكة، بألا يستدعيه في الفريق؛ إذ أعلن، نهارا جهارا، أن ممارسته على أرض الملاعب تكشف عكس اتهامات فالس، من حيث الأدب واحترام الآخر. وفيما يخص المدرب، ومن خلفه الاتحاد الفرنسي لكرة القدم ثم وزارة الرياضة الوصية، فقد استهجن اللاعب خضوع هؤلاء جميعاً لنزوع عنصري يجتاح المجتمع الفرنسي. وهذا ما أكده أيضا أسطورة كرة القدم الفرنسية، ومهاجم مانشستر يونايتد السابق، إيريك كانتونا، الذي أكد صراحة بأن "أسبابا عنصرية" وراء استبعاد مهاجم ريال مدريد من المنتخب الفرنسي، ووجه الاتهام مباشرة إلى ديديه ديشامب.
ومن إسبانيا، حيث يتواجد اليوم، يستطيع اللاعب كريم بنزيمة أن يستمتع بقراءة مقالات تمتدح مواقفه و"وطنيته". يستطيع أن يقرأ موقع "ميديا بارت" الفرنسي، وهو يكتب عنه: "كريم بنزيمة، الوطنيّ الضريبي"، وفيه: "يجسد كريم بنزيمة "الأوباش" في كرة القدم. لا يردد النشيد الوطني الفرنسي، ويفضل الجزائر على فرنسا... فرنسي سيء. إلا أنه، حسب وثائق "فوتبول ليكس"، اختار أن يدفع ضرائب حول حقوق الصورة في فرنسا، في الوقت الذي فضَّل فيه بعض زملائه الإثراء في الفراديس الضريبية. إنها مفارقة جميلة".
رد بنزيمة في تواضعه
وهذه المفارقة، تعبر عن موقف اتخذه اللاعب وبرره بأبسط التعابير وأوضحها، بقوله: "يجب على المرء أن يدفع الضرائب. يُطلب مني أن أدفع ضرائب، وأنا أدفعها، وهذا كل ما في الأمر. ثم إن الأمر ليس إنجازاً. لاحظت أنهم تحدثوا عن هذا بإفراط. أنا أركّز جهدي على كرة القدم. وأدفع ضرائبي. بهدوء".
يستطيع كريم بنزيمة بفضل هذه المفارقة، أن يُحرج الكثير من العنصريين، الذين شككوا في "وطنيته"، ويدفعهم للاحتماء في ملاجئهم وخنادقهم. وقد دفعت هذه المعطيات صحيفة "لوموند" إلى تكريس مقال عن اللاعب بعنوان: "فوتبول ليكس: بنزيمة، التلميذ الضريبي الجيّد".
لا شيء يعلو، في فرنسا، فوق صوت الضرائب. ولعلّ هذا ما اكتشفه وزير الموازنة الفرنسي السابق جيروم كايزاك، المدان بتهمة التهرب الضريبي وتبييض أموال، وهو يستمع للحكم القضائي بسجنه ثلاث سنوات فعلية وحرمانه، خلال خمس سنوات، من الحقوق المدنية.
كريم بنزيمة، الذي تعرض للهجوم حتى من قبل رئيس الجمهورية، فرانسوا هولاند نفسه، في كتاب "لا يجب على المرء أن يقول هذا"، والذي اعتبرَ فيه - رغم أن القضاء الفرنسي لم يَقل كلمتَه بعدُ - أن اللاعبَ "ليس مثالا للأخلاق بعد تورطه في قضية زميله اللاعب فالبوينا". يمكنه الآن أن يطلق ساقيه، وأن يبدع في الملاعب.